همسات الغروب..!
بقلم: صفوت مجدي
ما بين الغروب والشروق دائماً توجد همسات ...
الواعي من يلتفت إليها ويدركها...من يدخل معها في صراع ومصارعة..!!
لا أعرف كم عدد من يهربون من صداها...أو حتي من يقعون تحت تأثيرها
أومن يدخلون في صراعاتها وقراراتها الحاسمة....
ولكني سأتحدث هنا بصفة شخصية (وليعذرني القارئ).............
في هذه السطور القليلة سأنقل لك هسمات لم أستطع الهروب منها
وهانحن علي بعد دقائق من غروب شمس عام 2010 وشروق عام جديد
اتمني ان تجد تلك الهمسات صداها لديك انت أيضاً فهي ليست للقراءة
بل للتفكير العميق ... "
ليست مجرد كلمات وعظية وارشادات دينية...!
للوهلة الأولى يتوقع القارى العزيز ان مقالي عبارة عن ارشادات ونصائح للعام الجديد
وكلام مثل هذا مع (احترامي) أصبح مدعاة للضحك علي الذقون كما يقولون ..!!
لقد مل الناس (وأنا واحد منهم) من الأوامر والنواهي التي لا فائدة منها سوي حشو
العقول والصفحات والمحصلة صفر كبير في السلوك والتعامل والحياة بجملتها.
فنسمة الحياة التي نفخها الله في انفك غالية جداً اخذتها لا لكى تعيش مثل ألة
تنفذ ما يُطلب منها دون مناقشة أو حوار أو شك...أبداً
حياتك وحياتي تلك الهبة الفريدة من الله...هي رحلة حرية وشك وتسأول وصراع
وإيمان...حياة اختبارية تتعامل مع الله بمنطق" الحوار والحب والايمان "....
هذه الثلاثية الجميلة ليست من اختراعي بل عاشها واختبارها الكثيرون عبر التاريخ المقدس، لم تكن حياتهم شهر عسل علي طول الخط لكننا نقدر وبكل ثقة أن نطلق
عليها "حياة"...وان نطلق علي من عاشوها انهم كانوا هذا الكائن المسمى "إنسان"
مع الغروب همس الصوت داخلي....هل ادركت كونك إنساناً بك نفخة إلهية؟!
ماذا تريد أن أفعل بك ؟!
سؤال سأله الرب يسوع لشخص صاحب حياة بائسة تعيسة إنه "بارتيماوس الأعمي"
معني اسمه "ابن المحترم او المعتبر"...لكنه لم يكن كذلك...!!
كان يجلس علي الطريق يستعطى كل شيئ المال ...العطف ...الشفقة..الابتسامة
هذا المسكين جاءته فرصة ذهبية فخالق العيون بل وخالق الإنسان يمر من أمامه
صرخ لم يسطتع أن يهدأ طالباً السيد إلا ان الجمع الغفير والتلاميذ اعترضوه..
والمفاجأة الأكبر أن من يصرخ إليه اعترضه بهذا السؤال العجيب :
"ماذا تريد أن أفعل بك؟ "
تري ما شعور ذلك المسكين أمام هذا السؤال...
"بارتيماوس" نجح في الاجابة فطلب الشئ الذي بحسب مشيئة الله....
طلب أن يبصر ...أن يري النور الذي لم يراه ابداً طوال حياته
مع الغروب ماذا لو اعترضك هذا السؤال؟؟
ماذا تطلب لحياتك في سنة جديدة من رحلة عمرك؟
قديما طلب شاب صغير فجأة وجد نفسه ملك علي شعب كبير...شعر بصغر نفسه أمام تلك المسئولية...جاءته الفرصة أن يطلب من الله ولو كنت مكانه لطلبت المال والغنى وترتيب جيوش لحماية الملك والشعب ...لكن"سليمان" اعترف أولاً بضعفه وقلة حيلته أمام الله وبعدها طلب قلب فهيم وحكمة من الله للتمييز بين الخير والشر .....
فكان رد الله انه اعطاه ليس فقط الحكمة بل المال والغنى التي ليس لها مثيل
تُري ماذا ستطلب رداً علي السؤال؟
فعاشت روح يعقوب أبيهم "تكوين 27:45"
هل تتذكرون ذلك الشيخ العجوز الذي عاش حياة مليئة بالصراع والخداع والإيمان
فقد أعز ما لديه زوجته المحبوبة وُطعن بدون مقدمات في ابنه المدلل والمحبب لقلبه اذ فقده هو الآخر ضحية حسد اخواته بلعبة غير نظيفة اذ باعوه كعبد...
إنه "يعقوب" ذلك الشيخ الذي بكي كثيراً علي ابنه وناح كثيراً
ويوماً ما جاءته الأخبار (بعد 13 عام من فقده ليوسف)،إذ بهم يقولون له ان يوسف حى
يالتأثير ذلك علي هذا الأب المجروح...يقول الكتاب "فعاشت روح يعقوب"...
لقد دبت فيه الحياة مرة أخري...لقد صار رجلاً أخر لم يزعجه طول الطريق وبعده
اسمعه وهو يقول بقوة:"كفي....يوسف ابني حى بعد أذهب وأراه قبل ان أموت"
ولما ذهب لمصر ليقابله تقدم يوسف لاستقابله في الطريق...
لم يصبر يوسف شد مركبته وصعد لاستقبال أبيه...
ويالعظمة اللقاء تشدد يعقوب ووقع على عنقه وبكى زماناً....
عاش يعقوب بعد هذا اللقاء 17 سنة في سعادة وفرح بعد موت وبأس (تك 27:47)
*اه يا عزيزي القارئ....من تلك الهمسة القوية التي صداها لم يتركني وأنا ارتحل
من غروب عام وشروق عام جديد....
وأظنها همسة لك ولي ولكنيسة المسيح المتألمة المضطهدة المجروحة حتي من
بعض من يدعون انهم ابنائها..: فيوسف حي..!!
نعم يوسف الحقيقى حي ولن يموت أبداً...
تشددي يا كنيسة المسيح إن يوسف الحقيقي قادم سريعاً لانقاذك....
هو يعلم كم الحزن والظلم وهو كما وعد سيمسح بنفسه بشخصه كل دمعة من دموعك ...فقط استعدي كما يعقوب وتشددي بالوعد وتذكري بأنك غريبة....
ولا تتألمين وكأنك تفعلين الشر بل بفخر وبشجاعة اصرخي في وجه من يلطمك
قائلة :" لماذا تلطمني"؟
00 ختاماً انتهت همسات الغروب بالنسبة لي...ولكني اثق ان صاحب الهمسات
لا يكف عن ارسال همساته وصوته الحنون ليعبر بنا زمن الضيق إلي رحب لا حصر فيه
والعاقل كما قلنا مسبقاً من يغتنم فرصة الغروب ليحساب نفسه في ضوء نعمة الله
ويترك حياته ويسلمها لمن هو قدير علي ذلك لله...وكل سنة وحضراتكم بخير.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :