الأقباط متحدون | "دماء أبوللو".. رواية تجسِّد الوحدة الوطنية والتعايش السلمي
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:٥٨ | السبت ١٥ يناير ٢٠١١ | ٧ طوبة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٧٧ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

"دماء أبوللو".. رواية تجسِّد الوحدة الوطنية والتعايش السلمي

السبت ١٥ يناير ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

كتبت: ميرفت عياد
"ماذا يفعل القاتل حين ينتهي من إراقة آخر دماء ضحاياه؟.. ماذا يتبقى في تلك اللحظة بعد أن يصبح العالم كله ملكًا له وحده؟.. حين يجد أنه يعيش في هذا العالم كله وحده، وأنه يملكه كله. ماذا سيفعل؟ واحد من الأسئلة التي لم أستطع الإجابة عليها.. ولم أعرف إلى منْ أتوجَّه بها.. كان الجميع حولي عاجزون.. كنت أعيش في وهم خيالاتي وأسئلتي التي ليست لها إجابات حاضرة، ولا ينتظر حتى في المستقبل المعلوم الحصول على إجابة.. هذه الأسئلة التي تمتلئ بالحيرة، وغيرها الكثير تمتلئ بها رواية "دماء أبوللو" للكاتب "زين عبد الهادئ" التي أصدرتها "دار ميريت"، وأُعيد طباعتها للمرة الثانية بعد أن نفذت طبعتها الأولى، والتي يمزج فيها الكاتب بين الواقع والأساطير بأسلوب جميل يشد القارئ .

أخوة مهما اختلفت الأديان
وتجيش الرواية بالعديد من الأفكار والمشاعر التي تصوِّر الوحدة الوطنية في أبلغ صورها. حيث أشار الكاتب إلى كم التعايش السلمي بين أصحاب الديانات المختلفة، والتي لا يعكِّر صفوه أي نزعات طائفية أو أفكار متعصِّبة لا تقبل الآخر، وهو ما بثَّه الأب في ابنه. وأضاف على لسان البطل: "ما هي الكنيسة التي يذهب إليها الخواجة يانى؟ لم تكن الإجابة مهمة، فقال لي أبي إنها جميعًا بيوت الله، وكنت أعتقد أن هناك فرقًا كبيرًا بين الله وبين أبوللو، فالله هو الذي نعبده ونذهب إلى الجامع من أجله ونصلي له ونصوم، أما أبوللو فكان إلهًا من نوع خاص، إلها انبثق من خيالاتي... لم نكن نخوض في تلك المسائل الدينية لاعتبارات تتعلق بعدم الرغبة في إحراج أي شخص آخر من ملة أخرى كما قال لي أبي. وقال أيضًا بأننا جميعًا أخوة مهما اختلف الدين، وكنت مقتنعًا بذلك تمامًا؛ فكنت أحب ياني وكريستينا أكثر كثيرًا من أشخاص كانوا أقرب لى.."

عصر الجنيات وتحوُّل الجنة إلى جحيم
وتنقسم الرواية التي تقع في (270) صفحة، إلى ثلاثة مقاطع، أولهما يقع تحت عنوان "عصر الجنيات"، والذي يصف فيه مدينة "بورسعيد" أثناء نكسة 1967 على لسان طفل لم يبلغ العاشرة من عمره بعد، فيقول: "كيف تحوَّلت تلك الجنة في ساعات قلائل إلى هذا الجحيم؟ من الذي طردنا منها أو لماذا؟ لم أفكِّر في تلك الأوقات في من ألومه. كنت مهمومًا بالعثور على أمي وأخوتي. كانت فكرة اللوم فكرة مترفة لا أستطيعها الآن في مثل هذا العمر وفي تلك اللحظة على وجه التحديد... أين ذهبت أمي وكيف تركتني هكذا وحيدًا؟ أو ماذا أفعل الآن لوحدي؟ وكيف سآكل أو أشرب أو أنام؟ كأنني تائه في مدينة غريبة لم تعد مدينتي".. وفي هذا المقطع أيضًا، يعرِّفنا الكاتب بعلاقة الطفل بإله الإغريق القديم "أبوللو" الذي سمع عنه في المدرسة، ووجد أن صورته تتشابه مع جده الذي يحبه كثيرًا، ومع الرئيس "جمال عبد الناصر"، فنراه يقول له في رسالة كتبها البطل الطفل: "إني أعرفك من زمان.. بس انت ما تعرفنيش.. إني من مصر بلد الفراعنة.. إني مش طالب منك كتير.. كل اللى عاوزه بس جناحين.. شفت حاجة ضغيرة قوي .."

خيار "هرقل" ما بين الخير والشر
ويعرض المقطع الثاني للرواية، والذي يقع تحت عنوان "خيار هرقل"، أسطورة "هرقل" أحد أبطال الإغريق الأسطوري الذي كان لزامًا عليه أن يختار أي من الطرق يسلك- طريق الخير والمحبة والفضيلة والسلام، أم طريق الشر والرزيلة، ثم قرَّر في النهاية أن يختار طريق الخير. وفي هذا المقطع، يطرح البطل العديد من الأسئلة المحيِّرة، قائلاً: "هل كان عبد الناصر يعلم بما أنا فيه الآن؟ هل كان بإمكانه إنقاذي مما وضعني فيه؟ هل كان يعلم بكل ما سيحدث لي؟ وهل استحق منه كل هذا؟ وهل دخول أبي إلى السجن كان هو وراءه؟ هل ذهاب عمي حامد إلى الحرب هو المسئول عنه أيضًا؟ وهل خطَّط لكل ذلك؟ لماذا لم يطلب مساعدة أبوللو، وربما أي إله من تلك الآلهة التي تسكن جبال الأوليمب، كلها كان يمكن أن يكون لها دور في حل تلك المعضلات؟ من المؤكد أنه كان سيحل له الكثير من هذه المسائل. هل يعلم بأنني وعمي خضير نركب هذه العربة النقل القديمة منذ ليلتين؟ هل يعلم بأنني لم أرَ أمي منذ ما يزيد عن الأسبوعين؟ وبأنني غاضب من كل ما يحدث لي.."

دماء "أبوللو" ورائحة الموت تعبق المكان
وفي المقطع الثالث الذي يحمل عنوان "دماء أبوللو"، يموت الإله "أبوللو" بتعرض "عبد الناصر" للهزيمة، ورائحة الموت تعبق المكان، والضحايا تتساقط؛ فيجد الطفل نفسه مهزومًا، ويتسائل: "ألم يكن من الممكن أن نتفادى كل ذلك؟ ألم يكن من الأفضل أن تبقى الأمور والحياة على هدوئها ومفاجئاتها البسيطة دون أن تتحول إلى بحيرة الدماء الغليظة التي غرقنا فيها كلنا، ولوثتنا دون أن نستثني أحدًا؟ هذه الدماء التصقت بي أيضًا لا تريد أن تبارحني. لم أستطع أن أبعد عيني عنها، بل ورائحتها التي كانت تملأ أنفي. كيف تكون كل هذه الصدف والأحداث هي الطريق إلى الجحيم؟ كنت أعتقد بأن الحياة ليس فيها أيًا من ذلك، إلى أن اصطدمتُ بها. كانت أحلامي تحترق واحدة بعد الأخرى، كان ايماني ومعتقداتي بكل تلك الأشياء التي حكت لي عنها جدتي، أو قرأت عنها، أو حلمت بها؛ كانت تتهشم وتحترق على نار هادئة أحيانًا، وعلى نيران متوهجة حمقاء في أحيان أخرى..."




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :