لماذا نجحت ثورة الياسمين بتونس فيما فشلت فيه الثورة الناعمة بإيران؟
بقلم: مجدى جورج
بعد الانتخابات الرئاسية التى جرت بايران عام 2009 قامت ثورة شعبية وقودها الشباب الايرانى وقاد الثورة التى استمرت لشهور كل من مير حسين موسوى ومهدى كروبى المرشحان الخاسران امام احمد نجاد وخرج مئات الالاف من الايرانيين احتجاجا على تزوير الانتخابات لصالح نجاد ووقع عشرات الضحايا وزج بالمئات خلف اسوار السجون .
وبرغم ان مير حسين موسوى ومهدى كروبى خارجين من رحم النظام الايرانى الحالى ولا اعتراض لديهما على نظام ولاية الفقيه فمير حسين كان رئيس وزراء سابق لايران ومهدى كروبى تولى العديد من المسئوليات فى عهد الثورة الا ان مظاهراتهم ومظاهرات محازبيهم قوبلت بعنف شديد من قوات الباسيج الايرانية لا لاشئ الا لانهما اكثر انفتاحا من احمد نجاد المتشدد وتم اجهاض هذه الثورة بالقوة الجبرية وخصوصا بعد ان تدخل المرشد الاعلى للثورة على خامنئى لصالح احمد نجاد فتدخله كان عامل الحسم فى القضية.
فى تونس قامت ثورة على زين العابدين بن على القادم من المؤسسة العسكرية الذى ازاح بورقيبة من على سدة الحكم فى انقلاب ابيض تماما لم تسفك فيه قطرة دم واحدة عام 1987 وجاء الرجل للحكم وقضى على المعارضة الحقيقة واوجد معارضة مستانسة مثله مثل اخوانه من القادة العرب ولكنه وللحق نقل تونس نقلة واسعة فتقدمت تونس فى مجالات اقتصادية عدة لا يستطيع انكارها الا كل مخادع .
ولكن لان طول فترة الحكم مفسدة خصوصا اذا كان بقاء الحاكم فى كرسية يتم بدون اى ارادة شعبية حقيقية فان الفساد انتشر مع طول فترة حكم بن على مما جعل عائد التنمية ومعدلاته االمرتفعة لم تظهر جليا على نسبة كبيرة من السكان وهذا ادى الى حالة من الاحتقان خصوصا بين الشباب المتعطل عن العمل وهكذا اشتعلت شرارة الغضب والثورة بقيام الشاب محمد بو عزيزى بحرق نفسه احتجاجا على المعاملة السيئة التى لاقاها على يد احدى الشرطيات التى صادرت عربته التى يبيع عليها الخضار وانتهت ثورة الشباب والشعب التونسى بسقوط بن على غير مأسوف عليه وهروبه من تونس الى السعودية فى 14 يناير 2011 بعد قضائه 23 عام فى الحكم .
وضع الشباب خصوصا والشعب عموما فى ايران العائمة على بحيرة من البترول لا يقل سوء عن وضع الشباب والشعب فى تونس ومعدل البطالة فى ايران ربما يكون اكبر منه فى تونس والثورة التى قام بها الشباب والشعب الايرانى واستمرت لعدة شهور وقع فيها ضحايا اكثر من ضحايا ثورة الياسمين بتونس التى لم تستمر الا اقل من شهر
ومع ذلك سقط بن على فى تونس ولم تتمم ازاحة احمد نجاد فى ايران ولم يتاثر ابدا نظام ولاية الفقيه الحاكم هناك .
والسبب فى ذلك هى ورقة الدين فبن على كان بعيد تماما عن هذه الورقة بينما النظام فى ايران يجيد تماما اللعب بهذه الورقة ويجيد توظيفها للبقاء فى السلطة لذا كانت كلمة على خامنئى (الذى يصور للايرانيين انه ولى الله على الارض) بان الانتخابات لم تزور بمثابة دش ماء بارد صبت على ثورة الشعب الايرانى فاخمدتها على الفور وقد فعل ذلك خامنئى خوفا من هذا الشعب الذى لو نجح اليوم فى ازاحة احمد نجاد فربما ينجح فى الغد فى ازاحة خامنئى نفسه هو ونظامه .
وقد هب الاخوان المسلمين فى كل مكان بعد سقوط بن على محاولين ركوب الثورة كعادتهم دائما فى كل الثورات كما حدث مع عبد الناصر فى مصر عام 1952 والانقاذ فى السودان عام 1989 وغيرها ولقد صرح امامهم القرضاوى بان الصنم الاصغر قد سقط فى تونس ووجدنا الرجل من خلال مداخلة له على قناة الجزيرة يتدخل فى الشأن الداخلى التونسى ويشرح للتونسيين ما يجب عليهم فعله وما لايجب فعله وكانه يقوم بعملية تصدير للثورة او كانه ينادى بتطبيق الاممية الاسلامية التى ينادى بها الاخوان المسلمين .
كذلك فان علماء المسلمين فى السعودية وفى اكثر من بلد عربى هللوا لسقوط بن على ونادوا على اخوانهم فى تونس كى يهبوا لاختطاف هذه الثورة ولم يكن الاخوان وعلماء السنة فقط هم من فعلوا هذا بل ان ايران الشيعية ممثلة فى رئيسها احمد نجاد طالب التونسيين باقامة جمهورية اسلامية بتونس شبيهة بالجمهورية الاسلامية الايرانية.
وهاهو راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة فى طريق عودته الى تونس بعد ان تم رفع الحظر عن حركته ومن يعلم كيف ستسير الامور فى تونس فقد ينجح هو رفاقه فى ركوب الثورة وتحقيق الحلم الذى فشل فى تحقيقه اخوانه فى الجزائر المجاورة وهكذا تسقط الدول العربية دولة وراء اخرى فى براثن قوى التخلف والرجعية فبعد تكوين دويله لهم فى غزة ربما ينجحون فى تكوين دولة لهم فى تونس .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :