الأقباط متحدون | محاذير التغيير
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٢:٣٨ | الاربعاء ٢ فبراير ٢٠١١ | ٢٥ طوبة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٩١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

محاذير التغيير

الاربعاء ٢ فبراير ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم منير بشاى
          الأخبار القادمة من مصر تقول أن عشرات الآلاف من الشعب، على نطاق الجمهورية، قد خرجوا الى الشوارع فى تظاهرات لم تشهدها مصر منذ زمن طويل. ومن المتوقع أن تزداد فى الأيام القادمة. والكلمة التى تتكرر على كل لسان هى التغيير. فمن المؤكد أن الأوضاع الحالية قد وصلت الى أسوأ حالاتها للدرجة التى لا يمكن معها أن تستمر، والإنفجار هو النتيجة الحتمية للأوضاع.
 
           أمراض المجتع قد استفحلت ويبدو أن الطبيب أعلن عجزه عن العلاج.  انتشرت البطالة والغلاء والفساد والرشوة. حوالى 40 % من المصريين يعيشون تحت خط الفقر ودخل الفرد منهم أقل من دولار واحد فى اليوم. إنكمشت الطبقة المتوسطة بينما ظهرت طبقة غنية جديدة من المليارديرات. وتغيرت تسميات الطبقات. فأصبح هناك ثلاث طبقات رئيسية: المعدمة والفقيرة والغنية.
         
          هناك مشاكل خطيرة  فى كل مرافق الدولة. مشاكل فى الطعام والتعليم والإسكان والمواصلات والصحة وغيرها. ومن ناحية الحقوق السياسية يحصل الناس على القشور أى مجرد الشكل الخارجى فقط. هناك دستور ملىء بالمتناقضات، وقضاء مسيس يحكم بما تريده الدولة، وانتخابات يطغى عليها التزوير، وحريات مقيدة بخطوط حمراء.
 
          واقباط مصر، مثل كل المصريين، يعانون من هذا كله. ولكن بالإضافة لذلك تستخدمهم الدولة كسلعة مستهلكة تضحى بهم  لمراضاة السلفيين والظهور أمامهم بأنها لا تقل أسلاما عنهم. فتمعن الدولة  فى تحقيق أجندة السلفيين كحظر بناء الكنائس، وتبرءة المسلم الذى يقتل المسيحى، وعدم تمكين المسيحى من الوصاية على المسلم.  فالملاحظ أن الدولة تراعى نفس هذه المبادىء على قدر ما تستطيع وقدر ما تسمح لها الضغوط الداخلية والخارجية والدولية.
 
          الأحوال فى مصر سيئة للغاية. هذا أمر لا يختلف فيه إثنان.كما لا يختلف إثنان على أن التغيير لابد منه. ولكن المشكلة هى: كيف يكون التغيير؟ وماهى آلياته؟  وكيف نتفادى محاذيره؟
 
          قال السيد المسيح فى أحد أمثاله:" إذا خرج الروح النجس من الإنسان يجتاز فى أماكن ليس فيها ماء يطلب راحة ولا يجد. ثم يقول أرجع الى بيتى الذى خرجت منه. فيأتى ويجده فارغا مكنوسا مزينا. ثم يذهب ويأخذ معه سبعة أرواح أخرى أشر منه فتدخل وتسكن هناك. فتصير أواخر ذلك الإنسان أشر من أوائله."متى ١۲:٤۳-٤٥
 
فى هذا المثل يحذرنا السيد المسيح من التغيير الشكلى
          التغيير الذى حدث فى البيت طبقا للمثل هو تغيير فى المظهر فقط. البيت ظل كما هو وكل ما حدث أنه فرغ مما فيه وكنس من الأتربة ووضع فيه بعض الزينات. هذا التغيير المظهرى جعل هذا البيت أكثر اغراء للروح الشرير أن يأتى مرة أخرى ليجد المكان أفضل مما كان قبلا، أصبح فسيحا ونظيفا وجميلا وجاهزا فى أن يحتله مرة أخرى .  ولذلك إن التغيير الذى نحتاجه فى مصر هو تغيير من الجذور. عملية الترقيع أو الترميم أو التلميع المظهرى لن يفيد. كل ما هو فاسد ينبغى أن ينزع ويطرح بعيدا، وكل ماهو محطم ينبغى أن يهدم ويبنى من جديد، وكل ما هو رجعى يجب أن يلغى ويصاغ من جديد. أنصاف الحلول لن توصلنا لشىء والمراوغة والمساومة هى ضرب من الخداع جربناه قبلا ولم يفيدنا. أى علاج لا يفتح الخراج وينظفه تماما من الداخل ويداويه قبل أن يقفله لن يقضى على المرض.
 
وفى هذا المثل  يحذرنا السيد المسيح من التغيير للأسوأ

          عندما يأتى الروح الشرير الى البيت فيجده "فارغا مكنوسا مزينا" فان هذا الوضع يغريه أن ياتى ليسكن البيت ومعه سبعة أرواح أخرى أشر منه "فتصير أواخر ذلك الإنسان أشر من أوائله"  هنا يكمن الخطر أن التغيير الذى كنا نحلم به ليحسن أحوالنا قد يتحول الى العكس، الى تغيير للأسوأ.
 
          وفى تاريخ الآقباط أمثلة كثيرة كيف أنهم بعد أن اشتركوا فى محاولات التغيير، وبعد أن تحقق هذا التغيير إذ بعناصر مغرضة تقفز على الوضع الذى أصبح جاهزا ومغريا لهم "فارغا مكنوسا مزينا" ليستفردوا بالسلطة ويستبعدوا ما عداهم. وفجأة يكتشف الأقباط  أن جهادهم آل الى وضع أسوا مما كانوا يشتكون منه قبلا.
 
          هل نسينا جهاد  الأقباط مع أخوتهم فى ثورة ١٩؟ والذى تلاه مباشرة قيام جماعة الأخوان وتزايد التيار المتأسلم فى مصر الذى أدى الى ثورة ١٩٥٢ والتى استبعدت الأقباط من الحياة السياسية وأدت الى تهميشهم فى كل مناحى الحياة؟ من لا يظن أن نفس هذه الجماعة تقف الآن متربصة ومتحفزة للقفز على السلطة متى وجدت الفرصة سانحة فأنه واهم.
 
          لست أنادى بسلبية الأقباط فى المشاركة فى واجبهم الوطنى ولكننى أحذر من أن نلدغ من نفس الجحر الذى لدغنا منه سابقا. فلنتعلم من الماضى لأن من لا يتعلمون درس التاريخ، من المؤكد أن يكرروه. وليعطينا الرب حكممة التصرف السليم ويحبط كل مؤمرات العدو.
 
 عشت يا مصر سالمة، وحماك الله من الشر والأشرار.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :