الأقباط متحدون | سلام لمصر
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:٣٩ | الخميس ٣ فبراير ٢٠١١ | ٢٦ طوبة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٩٢ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

سلام لمصر

الخميس ٣ فبراير ٢٠١١ - ٣٣: ٠١ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: د. حمدي الحناوي 
    يخرج شبابنا اليوم للتظاهر فيما سموه جمعة الرحيل. قد لا ينتهى اليوم برحيل الرئيس، لكنه ينتهى بسقوط نظامه فعليا. ولو بقى هيكله آخر اليوم قائما فهو هيكل فارغ من أى مضمون. سقطت محاولة توريث عرش ملكى فى ثياب جمهورية، وسقطت هيبة الدولة، وفقدت السلطة الدستورية معناها وشرعيتها، وتلوث الشرف الرفيع الذى صنعته حرب أكتوبر المجيدة. لوثته دماء الشهداء، وعلامات استفهام كثيرة عن سر التمسك المستميت بكرسى العرش ولو كان الثمن إحراق الوطن. وأظنها محاولة للتغطية على كم من الفساد لم نكتشف حجمه الحقيقى بعد.

الشباب فى ميدان التحرير يعبرون عنا، عن الشعب كله، وليسوا أقلية كما يدعى النظام. أما الأغلبية الساحقة التى عبرت عنها الانتخابات الأخيرة، فقد تأكد زيفها، بعد أن ذابت فجأة وعجزت عن حماية رمز وجودها الوحيد، وهو مقرات حزبها. أحرقت ولم تجد من يطفئ النيران، وأحرقت معها بقايا عصر المماليك، رموز القهر والاستعلاء وتحصيل الإتاوات، وهى مراكز الشرطة، والمجالس المحلية. والآن يعود ميدان التحرير ميدانا للتحرير بحق، ولن ينجح راكبو الجمال والفرسان المأجورون فى تنكيس أعلامه.

اقترح بعض الشباب أن يسمى اليوم جمعة الشهداء، فهم يعرفون أن فى انتظارهم خيل المماليك وسيوفهم، لكنهم مستعدون للشهادة. يثبتون للدنيا أن مصر قد تتحمل وتصبر على البلاء، لكنها لا تركع ولا تتنازل عن كرامتها، وليست خانعة. وقد تراجع النظام أمام جحافل المتظاهرين، وهو مدجج بالسلاح. تراجع خطوة خطوة، لأن الحق أقوى من أى سلاح. الأبدان الضعيفة والدماء السائلة أسلحة بتارة فى يد أصحاب الحق، تشعل النار فى قلوبنا وتدفعنا إلى رفض الحلول الوسط. وإذا كان الرئيس لا يريد أن يخرج ذليلا مهانا، فالشعب أحق بألا يستذل أو يهان.

نجح الرئيس بخطاب الاستجداء الأخير فى أن يكسب قلوبا كثيرة رقت لحاله، وقالت لا تذلوا الرجل واحفظوا ماء وجهه. ولم تكد تمضى دقائق بعد الخطاب حتى كانت قوات المرتزقة تزحف باتجاه المتظاهرين لتنهش لحمهم، وتقول لأصحاب القلوب الرقيقة أن خطاب استدرار العطف كان جزءا من خطة خداع استراتيجى. يظن صاحبنا أنه لا يزال فى حرب أكتوبر وأنه يواجه العدو الإسرائيلى. يمثل دور الضعيف حسن النية، وهو يدبر لوقوع المجزرة. ثم يتبع استراتيجية عسكرية، فيبدأ الهجوم فى المساء حين تنخفض أعداد المتظاهرين، وتذهب أعداد منهم للراحة بعد يوم قاس طويل.

يظن أنه حقق انتصارا باقتحام فرسانه للميدان، وإجلاء الأعداء المحتلين عن جزء منه، فهنيئا له ذلك الانتصار الرخيص. ثمنه لم يزد عن دماء ألف وخمسائة مصاب وأعداد من القتلى تقول أبواقه أنهم ثلاثة فقط. طمئنونا، فقط ثلاثة قتلى، وألف وخمسائة جريح حتى الآن. كم ثمن القتيل وكم ثمن الجريح أيها المغاوير؟ وقد كان خيار الدولة الاستراتيجى هو السلام، لكنه سلام للإسرائيليين وحدهم، ربما لتتفرغ لمحاربة العدو أكبر وهو المصريون. ما هكذا يصان ماء الوجه، أو يصان الشرف الذى صنعته حرب أكتوبر.

ما زالت لديك يا سيادة الرئيس فرصة لاسترداد بعض الشرف المفقود. اعتذر بشجاعة وصراحة للشعب المصرى، واطلب منه المغفرة، واخرج فورا حقنا للدماء. لا تقل أنك تريد أن تبقى لتحاسب المسئولين، فأنت المسئول عن كل ما جرى، بما لك من سلطات غير محدودة. تقدم بشجاعة المحاربين، حاملا كفنك على يديك، وافعل ذلك اليوم قبل الغد ربما تكسب القلوب مرة أخرى فتعفيك من القصاص. لا تدفع من أموالنا لمرتزقة يداهمون قافلة الحرية ويلوثون أعلام التحرير.
سلام للشهداء، وسلام للصامدين. سلام لمصر.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :