شعب مصر العظيم
بقلم: حنا حنا المحامى
عقب مذبحة الاسكندريه البشعه مباشرة, والتى هزت العالم المتحضر وغير المتحضر, ألقى الرئيس محمد حسنى مبارك كلمه مفادها أن يدا أجنبيه هى التى ارتكبت تلك الجريمه وكانت تستهدف المسلمين والمسيحيين. وكانت الكلمه الخالده عقب المذبحه مباشرة دون إجراء أى تحقيق أو حتى تحريات. وقد ثبت أن هذا الكلام غير صحيح رغم أنه صادر من رئيس جمهوريه يعتبر مسئولا عن كل حرف يخرج من فمه. ولكن فى حقيقة الامر ان هذا هو الاسلوب الذى اتبعه الرئيس منذ توليه الحكم والسلطه.
عقب توليه السلطه مباشره وفى عيد من أعياد الشرطه ألقى خطابا يقول فيه إن عبد الناصر أثناء حياته كنتم تصفقون له وحين مات أخذتم تذموه, وهكذا حين تولى السادات الحكم وبعد وفاته أخذتم تذموه, أنتم عاوزين رئيس قليل الادب.
وكانت فى هذه الكلمات معنى العداء والتحدى للشعب. وفعلا لم تكن سياسته مع الشعب على مدى حكمه سياسة حاكم يحترم شعبه بل كانت سياسه عدائيه تشوبها الكراهيه بل والانتقام من هذا الشعب الذى لا يقدر قيمة رئيسه. وعلى ذلك ذاق الشعب كل أنواع المذله والمهانه والحرمان. اقتنص سيادة الرئيس السلطه والثروه وحصن نفسه جيدا بمجموعه من الذمم التى خربت وباعت ضميرها.
اتبع سيادته سياسة فرق تسد. هذا الشعب العظيم لم يكن يعرف معنى التعصب. كاتب هذه السطور مثلا كان يحفظ جزء عمّ وتبارك وقد سمع وهو لم يبلغ بعد من العمر سبع سنوات.
أخواتى البنات كن يدرسن فى مدرسه فرنسيه ومعهن فتيات مسلمات كن يحفظن الدين المسيحى. مع ذلك تخرجن مسلمات وتزوجن بمسلمين وكن على خلق رفيع. لم يكن العلم إلا سبيلا إلى الثقافه العامه للعلم ذاته ولم يكن للدين أو التدين فى حقيقة الامر دخل فى العلم أو المعرفه أو الثقافه.
كانت الكنائس تبنى بكل حريه وكانت المساواه تسود التعامل مع كل الشعب المصرى بكل فئاته وطوائفه.
ولكن سرعان ما استغلت طيبة هذا الشعب العظيم وأخذ النظام يضع بذور الفتنه بين المسيحيين والمسلمين حتى لا يتطلعوا إلى روح الفساد ألتى نشرها نظام الرئيس مبارك. كانت الكنائس والجوامع تبنى بكل حريه لانها بيوت عباده. ولكن سرعان ما وجدنا أن الاخوه المسلمين يهاجمون المسحيين حتى لا يرفعوا الصليب. منذ متى عرف الشعب المصرى هذا المفهوم الانقسامى والتعصبى؟
وقد أغلق التعصب والجشع عيون النظام فظن أنه يمكنه إذلال الشعب بالتجويع والبطش فى الاقسام. وقد استبد الجهل بالنظام فاستمرأ روح الاستعباد سواء فى الاقسام أو فى أى مصلحه حكوميه. فما لبث الفساد أن استشرى واختلط الحابل بالنابل وأصبح المواطن المصرى مطحونا, ولكن لم يكن للنظام أو حاشيته أن يشبعوا أو يقنعوا بل استمرأوا روح الغطرسه والتعالى إذ يرون أنهم أسياد هذا الشعب المطحون الذى يعيش على الكفاف بل أقل من الكفاف.
ظل نظام البطش سائدا فمن ثم يتعين قمع الافواه التى تتكلم ضد النظام وبلا أى ضمير أو خوف من الله لم يتردد النظام فى تلفيق الاتهامات إلى الابرياء حتى يلقى بهم فى السجون ويخرس أصواتهم. كان يتفنن فى قمع أى شخص يفتح فاه ويتجرأ على النقد فلا يلبث صاحب هذا الفم الحر أن يجد نفسه فى عرض الطريق بحجج واهيه أو أسباب وهميه.
نادينا كثيرا كل أطياف الشعب أن يفيقوا من هذه الفتنه التى وضع بذورها النظام وأن يتيقنوا أن المسحيين والمسلمين إخوه فى الوطن. ولكن ذكاء النظام ظل يعمل على هذه الفرقه والعداء بين الاخوه فى الوطن وها هو السحر ينقلب على الساحر.
أفاق الشعب المصرى العظيم وتيقن من أبعاد مؤامرة النظام ولم تهب فئه دون أخرى أو معتنقو دين دون آخر بل الكل كان يدا واحده, صوتا واحدا, روحا واحده لم تفرق بين مسلم أو مسيحى, بين سنى أو شيعى أو قرآنى فقد ثبت أن الجميع فى الهم مصريون. حذر بعض الاكليروس من الاشتراك فى المسيره التاريخيه فراعنى هذا الفكر. ولكن كم أسعدنى وأثلج صدرى أن أقرأ أربعة أسماء مسيحيه قد قبض عليهم وهم فى ساحة الشرف وساحة النصر على الظلم والقهر. لم ينصع المسيحيون للنداء السلبى أو الانهزامى بل شاركوا بأرواحهم وقلوبهم قبل أجسامهم فى الاحتجاج على الظلم والظالمين. هذه هى الروح الوطنيه الاصيله لكل مصرى وكل مسيحى وكل مسلم وكل حر. أما الروح السلبيه والانهزاميه فلى معها حديث أخر فى مناسبه أخرى.
حتى الانسات والسيدات ساهمن فى ذلك الاحتجاج, إنه بعث للروح المصريه والوطنيه المصريه الاصيله. إنه بعث من الرقاد إنه التمرد على الاستعباد والاستبداد, إنها الصحوه بعد طول رقاد.
كيف كان النظام وعلى وجه التحديد حبيب العادلى ضالعا فى تلك السياسه؟ أعطى القارئ العزيز مثالا: حين يرتكب شخص عدة جرائم وتشير إليه أصابع الاتهام يحاول أن يطرد عنه
ذلك الاتهام فيتقمص رداء الحملان. فيكون هذا تأكيدا لافعاله وليس تبرئة له. أقول ذلك بمناسبة الحديث الذى تم بين حبيب العادلى ومفيد فوزى. معووف أن أصابع الاتهام تشير إلى العادلى,
ومعروف أيضا أن مذابح المسيحيين هو المسئول عنها, ومعروف أيضا أن جلسات الصلح المهينه هو الذى وضعها وفرضها, ومعروف أيضا أن سياسة خطف المسيحيات القاصرات هو الذى باركها وفرض عليها الحمايه وإذلال الاباء والامهات. هذا العمل الذى يتجرد من كل إنسانيه هو السياسه التى ينفذها سيادة الوزير.
على ذلك حين يقول أو يدعى أنه لا يحب أن يقول مسلمين ومسيحيين لأن الجميع مصريون, معنى ذلك أنه يحاول أن ينفض عن نفسه عقيده راسخه لدى الكافه لسلوكياته وفساد سياسته
وأفعاله التى تتجرد من أى إنسانيه, خاصة أن العباره قد صدرت منه منتزعه انتزاعا فى غير مناسبه, مما يتبين معه أنه يحاول أن يبعد عن نفسه شبهة حقيقه يعرفها الحادى والبادى.
لقد سبق وأعلن السيد\العادلى أنه بإرادته المنفرده قد ألغى جلسات النصح والارشاد التى كانت تعقد لكل من يريد أن يتحول إلى الدين الاسلامى. لا يمكن للعادلى أن ينكر هذا السلوك أو القرار. إنه القانون, إنه القرار, إنه الرأى والفكر والعدل. فكيف يدعى الآن السيد العادلى أنه لا يحب أن يقول مسيحى ومسلم لان الجميع مصريون؟ إذا كان الجميع مصريين يا سيد عادلى فيتعين أن تحترم عقيدة كل منهما.
الحديث يا سيد عادلى طويل عما اقترفته فى حق الانسانيه والمواطنين مسيحيين ومسلمين وكنا نتوقع أن تكون لديك الشجاعه فى مواجهة الحقيقه. ولكن سوف يحاسبك الشعب أنت ورئيسك وكل من سار فى مساركما ونهج نهجكما فى ترويع الشعب المصرى وتقسيمه وانقسامه ونشر روح الكراهيه من أجل أن تتأبد قبضتكما على مصر. والآن جاء وقت الحساب.
وبهذه المناسبه أود أن أوجه لكل المصريين نداء يتعين أن يعلنوه دستورا فى نهضتهم
التاريخيه. بكل هذا العزم والاصرار لابد وأن تنتصروا وتحققوا مآربكم وأهدافكم من أجل العدل والحريه. وسوف تنتصرون بإذن الله. وفى حالة النصر إن شاء الله عليكم أن تدركوا وتدكروا
أنكم كنتم ضحايا البطش والقهر. عليكم أن تذكروا أننا جميعا بكل الاطياف والمعتقدات مصريون نسعى لازدهار مصر ورفاهية مصر.
لذلك أرجو خالصا ألا تتصارعوا من أجل السلطه وإلا باءت مساعيكم ومجهوداتكم بالفشل. كونوا مصريين كونوا وطنيين مصر أولا ومصر ثانيا ومصر أخيرا. تلافوا الصراعات الدينيه والحزبيه. ولعل هذا النداء يوجه بالدرجه الاولى إلى الاخوان المسلمين. أرجو ألا تفسدوا معنى هذه الصحوه العظيمه, وهذا النجاح العظيم. ويتعين أن تدركوا أنكم إذا توجهتم بهذا النجاح إلى التعصب والفرقه والانانيه, سوف تكون مصر أنهارا من الدماء وأرجو أن تدركوا أن إخوتكم فى الوطن مسلمين ومسيحيين قد هبوا معكم فى انتفاضة واحده من أجل هدف واحد وهو الحريه والمساواه. وإنى أثق أنكم سوف تعملون العقل والتبصر والاخلاق من أجل وحدة وطنيه.
لقد كنتم الورقه التى يلعب بها النظام المباركى بدعوى أنه يحمى المسيحيين منكم. فما بالكم
فى هذا؟ يتعين يا ساده أن تثبتوا أنكم شعب حضارى متمدن تمارسون الحريات وأيضا تحترمون الحريات.
أخيرا وليس آخرا أتوسل من كل المصريين أن يكونوا صوتا واحدا وغاية واحده وهدفا واحدا لقد عبرنا أربعين عاما من الصراعات فكانت النتيجه أن تقهقرت مصر وفاتها قطار التقدم والرقى.
لذلك وحيث أنه قد ثبت فشل النظام الحالى يتعين التخلص منه. ومن ثم يتعين أن تكون المرحله المقبله مرحلة نجاح وسلام.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :