- راهب بدير الأنبا "بيشوي" وشيخ يقودان مظاهرات بـ"التحرير"
- مشادة كلامية بين «يؤنس» و«جاد» حول التدخل الكنسي في السياسة
- "ناعوت": صياغة المادة الثانية من الدستور عنصرية، تتنافي مع مدنية الدولة
- 26 منظمة حقوقية تنتقد تعيين "البشرى" رئيسًا للجنة صياغة الدستور
- حملة توقيع إليكتروني لتنحية "البشري" و"صالح" من لجنة التعديلات الدستورية
فى أعقاب الإعصار
بقلم: د.حمدي الحناوي
من حق كل فئات الشعب أن تشعر بأن الثورة تحقق مصالحها، ويحق لكل فئة أن تعلن بالتالى عن مطالبها، لتكون على جدول أعمال الوطن. بعد ذلك تتحدد الأولويات حسب مستوى الوعى والتنظيم وميزان القوى. لا تزال نتائج الثورة سائلة لم تتصلب بعد فيما عدا تنحى رأس النظام، وبدء انكشاف فضائحه. وفى هذا الظرف لا تتساوى المطالب الديمقراطية والمطالب الفئوية. تتعلق الأخيرة بتوزيع الثورة وتوزيع الدخول، وكأنما تطالب بتوزيع الغنائم. والغنيمة الآن هى سقوط الديكتاتورية، ولهذا فالمطالب الديمقراطية هى ما يستحق الأولوية، لأنها مطالب عامة تحقق إرادة الجميع، وترسخ قواعد الثورة.
تشمل المطالب الديمقراطية تحرير النقابات، والجمعيات والأحزاب، وتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، وهذا يتيح لكل فئة أن تدافع عن نفسها فى إطار حقوق متساوية للجميع. وضمان ذلك تغيير الدستور والقوانين المكملة له، وإلغاء كل قانون يقيد الحريات أو يسمح بالتمييز بين المواطنين. وفى هذا السياق ترتبط المطالب الفئوية بتحقيق الديمقراطية، كما ترتبط بتغيرات اقتصادية قد لا ينظمها الدستور بشكل مباشر، لكنه ينظمها بصورة غير مباشرة من خلال تنظيم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية.
بديهى ألا تقتصر المطالب الفئوية على المصالح ذات الطابع الاقتصادى، بل تمتد إلى المصالح السياسية أيضا، وهو ما يدعو إلى الحذر وإلى المشاركة بإيجابية. والواضح الآن أن التنافس السياسى يجرى على قدم وساق. وقد تأسست باسم الثورة تحالفات وائتلافات ومجالس تسمى نفسها مجالس أمناء الثورة أو مجالس الثورة، كما نشطت الدعوات الدينية. وتجرى الآن استعدادات لمؤتمرات ستطالب حتما بتطبيق الشريعة. ظهرت دعوة لشئ كهذا فى المنصورة، وما يسمى الجماعة الإسلامية تعيد تنظيم صفوفها فى أسيوط، ويسعى الإخوان المسلمون للإعلان عن حزب لهم، فضلا عن وجود سابق لأحزاب إسلامية كانت فى مراحل التأسيس.
ليس فى هذا مؤامرة، بل هو تطور منطقى لا بد أن نتوقعه، فهذا يحدث دائما فى أعقاب الثورات. وهى فترات سيولة تستطيع فيها القوى أن تتمدد وتكسب أرضا، تتسع أو تضيق حسب مدى وضوح الرؤية والقدرة على الحشد. والمؤكد أن الدعوة لتطبيق الشريعة هى عودة إلى الماضى، لا يتبناها كل المسلمين، ومقاومتها لا تعتبر مناهضة الإسلام، بل هى دفاع عن حقوق مشروعة، لا أعتبرها حقوقا فئوية لغير المسلمين، بل حقوقا للوطن وللمسلمين أنفسهم.
لا يكفى لمقاومة العودة إلى الماضى، أن نكتب مقالات أو نرفع شعارات مضادة. والأجدى نظرة إلى المستقبل، لبلورة برنامج عمل وطنى للأجلين القريب والبعيد. فى الأجل القريب تؤخذ فى الاعتبار كل المشكلات العاجلة، أما فى الأجل البعيد فتبنى رؤية لمصر بعد عشرين أو خمسين أو مائة عام من الآن. ومثل هذا البرنامج لن يضعه فرد أو تيار واحد، وسيتبلور عبر حوار منظم، فى ندوات أو مؤتمرات. ليس من الضرورى أن تدعو إليها الدولة أو حزب من الأحزاب، وتستطيع أى جماعة أن تدعو لها وتنظمها.
قد يبدأ ذلك بلجنة تطوعية تحضيرية، تضع قواعد منظمة وخطة عمل، وقد يبدأ بصورة أخرى. المهم أن يكون دعوة مفتوحة للقوى الليبرالية، التى تؤمن ببناء وطن حر لكل المصريين. وأن تعرض فى اللقاءات كل وجهة نظر تقدم رؤية متسقة ولو كانت رؤية جزئية. ولا تستبعد الأحزاب من تلك الدعوة، شريطة أن تقدم رؤى منهجية بناءة، وألا يتصور أحد أنه يحتكر الحقيقة. شرط عام يجب أن يطبق بحسم، هو ألا يتحول الحوار إلى سباق لاقتناص الفرص، وإذا نظم مثل هذا الحوار بصورة جادة، فلن يصح فى النهاية إلا الصحيح.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :