- قيادة بالجيش تزور مُصابي دير الأنبا "بيشوي" وتعتذر عما حدث للرهبان
- القمص مكاري يونان باحتفالية المتحدون: مصر ستعود أرقى وأعظم مما كانت عليه قبل ثلاثين عامًا
- محاولة للاعتداء على كنيسة الأنبا "كاراس" بـ"بني سويف"
- لوسي يعقوب.. بنت سيناء
- وزير الداخلية: الدمار الذي حدث في أقسام الشرطة مخطط له أهداف معينة
المستقبل لا تضمنه النوايا
بقلم: د. حمدي الحناوي
التغير حركة دائمة. اعتدنا أن نقول "إنك لا تنزل إلى نفس النهر مرتين"، لأن مياه النهر فى جريانها تتغير حتى قبل أن يخرج منها من نزل إليها. وما حققته ثورة 25 يناير حتى الآن ليس نهاية المطاف. نقلت السلطة إلى الجيش، إذ كانت مساندته للشباب سر نجاح الثورة. ولا نعرف ما يأتى بعد، فالتغير لا يسير دائما فى نفس الاتجاه. يسير إلى الأمام وقد يرجع أحيانا إلى الخلف.
رجال الجيش هم دائما من أبناء الوطن، ولديهم نفس المشاعر الوطنية، وكانت تلك مشاعرهم منذ 23 يوليو 1952. ماذا يختلف اليوم؟ هل صحيح أن الثورة كانت حركة جيش أيدها الشعب عام 1952، مقابل حركة شعب أيدها الجيش عام 2011؟ هذه مقارنة لا ترى أوجه الشبه بين الحالتين، فقد سبقت الثورة الأولى انتفاضة شعبية جارفة عام 1951، هزت النظام من جذوره وأعادت الوفد إلى الحكم، وأطاحت باتفاقية 1936، ولم يستطع النظام وقتها أن يوقفها إلا بأن يحرق القاهرة ويعلن الأحكام العرفية فى 26 يناير 1952. وبعدها ظل النظام متأزما، وتعاقبت ثلاث حكومات خلال ستة أشهر، عجزت كلها عن إدارة شئون البلاد.
حين أمسك الجيش بالسلطة كان فى الحالتين جيش الشعب، لكنه فى الحالتين أيضا طالب الشعب بأن يلتفت إلى أعماله، فيذهب العامل إلى مصنعه والفلاح إلى أرضه، والطالب إلى مدرسته، ويتركوا الجيش يعمل فى هدوء. وماذا يعمل الجيش؟ إنه يمسك بزمام السلطة ويدير البلاد. هل أواصل المقارنة لأذكر بما جرى حين لم يستجب الناس للنداء عام 1952، ولم يترك الجيش يعمل فى هدوء؟ لقد استخدمت القوة ضد العمال المضربين فى كفر الدوار، ثم استخدمت مع الأحزاب، وتم استبعاد أعضاء من مجلس قيادة الثورة ذاته، وفى النهاية انفرد بالسلطة نفر من تلك القيادة؟
تتأكد وطنية الجيش على أى حال، فقد حقق منذ 1952 إنجازات لا ننكرها، بدءا من قانون الإصلاح الزراعى، وجلاء قوات الاحتلال، وتأميم قناة السويس وبناء السد العالى، وبناء مئات المصانع. ولكن يتأكد أيضا أن كل شئ يصنع نقيضه، فقد تقوضت أركان المجتمع وتفككت جميع مؤسساته، من نقابات وجمعيات وأحزاب. وساد حكم ديكتاتورى مطلق تزينه دساتير جرت عليها استفتاءات، ولم تسقط أبدا شعارات الديمقراطية، وفى ظلها وباسمها كممت الأفواه واعتقل عشرات الآلاف وجرى تعذيبهم.
هذا مسار تكرر تحت قيادة الوطنية العسكرية فى العالم العربى، حيث رأينا نفس المشاهد فى سوريا واليمن والسودان وليبيا والعراق والجزائر وتونس. تبقى صورة الجيش التركى نموذجا يختلف بعض الشئ. هناك وقف الجيش بعيدا عن الحكم، لكنه جعل من نفسه رقيبا عليه، وضامنا لنظام أقره الدستور، وانقلب على كل حكومة رآها تخرج عن ذلك الخط الأحمر. وهكذا يختلف النموذج التركى فى أن الجيش يحكم بصورة غير مباشرة بينما يحكم فى النموذج العربى بصورة مباشرة. ومنذ أيام سمعنا ممثلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، يقولون أن النظام العسكرى أكثر النظم ديمقراطية على الإطلاق، لأنهم قبل اتخاذ القرار يدرسون كل شئ ويستمعون لجميع الآراء.
هذه ديمقراطية الاستماع، عرفناها على مدى ستين عاما. والمشكلة عندنا أن مؤسسات المجتمع قد تهاوت خلال تلك الأعوام الستين، وبقى المجتمع مفككا، لم تجمعه سوى وقفات ميدان التحرير، ووقفات اللجان الشعبية. لا أشكك فى نوايا الجيش، لكن مستقبل الأمم لا يترك للنوايا. ويجب أن يعيد المجتمع بناء مؤسساته، وأن يكون هو الرقيب وليس الجيش، وإذا عجز الشعب عن هذا فالمستقبل لا ضمان له.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :