- محاولات لتطييف وأسلمة ثورة 25 يناير، والبنا يؤكد: السلفيون يريدون إرجاع مصر للتخلف
- ننشر بالمستندات تفاصيل خطة حبيب العادلى وزير الداخلية السابق لتفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية
- الفريق أحمد شفيق:القوات المسلحة لا تريد حكما عسكريا داخل مصر
- تقرير الطب الشرعي النهائي لشاب "نجع حمادي" يشير إلى إصابته بـ"سكتة قلبية" وشقيق الشاب يرفض
- الأعلى للقوات المسلحة يقبل استقالة "شفيق" من رئاسة الوزراء
السير على الحبل
بقلم: مينا ملاك عازر
يَعتَبِر "جون فوستر دالاس"- وزير الخارجية الأمريكي الأسبق في عقد الخمسينيات من القرن المنصرم- الحياد سياسة غير أخلاقية، وسلوك غير مقبول، وكان ذلك تعليقه على ما قامت به عدد من الدول بإعلانها سياسة الحياد بين المعسكرين الغربي والشرقي. فكان يرى أنه لزام على تلك الدول أن تعلن موقفها النهائي والواضح من سياسات كل معسكر، إما الإشتراكية أو الرأسمالية، واعتبر أن الحياد نوع من أنواع السير على الحبل.
لا أعرف إن كنتم ستصدقوني إن قلت لكم إن السير على الحبل هو ما يفعله كل كاتب وصاحب رأي وسط يعبِّر عن رأيه، شفاهة أو كتابةً، في هذه الآونة الحساسة التي أبسط إتهام فيها قد يتعرَّض له أي أحد هو "الخيانة".. والسؤال الأول الذي يوجَّه لك من كل من تقابلهم: إنتَ مع "مبارك" ولا مع الثورة؟
والمشكلة أن منْ مع "مبارك" يرى وكأن "مبارك" هو "مصر"!! ومن ليس معه ضد "مصر"، والعكس صحيح!!! فصار التخوين أسهل وأرخص التهم، ناهيك عن تهم الفساد التي يحقق فيها النائب العام. لكنه في تهم الفساد يحقق ويتأنى ويناقش ويأخذ بالقرائن، أما نحن في تهمنا بالخيانة لبعضنا البعض- وهي تهم أخطر من الفساد ألف مرة- لا نحقِّق ولا نتناقش. فالثوار الذين ثاروا على الديكتاتور لرفضه الحريات والرأي والرأي الآخر، للأسف لا يقبلون رأيًا سوى رأيهم، بل يُخوِّنون أصحاب الآراء المخالفة لهم. وكذلك المباركين لا يقبلون إلا تكريم الرئيس، وقد يكون الرئيس يستحق التكريم وشهداء الثورة يستحقون التكريم. وأراك تتَّهمني بالخيانة لأني كتبت الرئيس قبل الشهداء، ولأنني قارنت بينهما، ولأنني كتبت الرئيس أصلًا، لكن صدقني أنا أهتم أكثر بتكريم "مصر"، فـ"مصر" أهم عندي من الرئيس، ومن الثوار الذين ثاروا لأجلها، وليس لأغراض شخصية خاصة بهم، هذا ما أعرفه عن الثوار الأنقياء، الذين رفضوا الظلم الذي وقع علي كل أهل "مصر" وليس عليهم فقط، فتاهت أغراض الثورة بين شخصنة الصراعات وخصوصية أغراض التناحر بين الأطراف المختلفة في وجهات النظر.
وأعود لك إلى السير على الحبل الذي صار سمة عامة لكل صاحب رأي وسط. لا أقول أن أولئك لاأخلاقيين، وإنما هم مضطرون أن يحسسوا على آرائهم ويزنوها بالموازين الحساسة؛ لألا يتعرضوا لإتهام الخيانة من أي من الطرفين. أسمع حضرتك وأنت تسألني: ولماذا لا يعلنون عن موقف واضح لهم سواء مع هؤلاء أو مع هؤلاء– تراني حضرتك استخدمت هؤلاء في الإشارة للطرفين المتنازعين، ولم أقل هؤلاء وأولئك وهو الأمر الطبيعي، وذلك يعود لأن هؤلاء يستخدم للإشارة للقريب، فأنا خشيت أن أشير لطرف على أنه القريب وبالتالي الآخر سيكون البعيد بغض النظر عن أن حضرتك لا تعرف أيهما أقصد بالقريب وأيهما أقصد بالبعيد؛ لأن ببساطة كليهما في قلبي؛ لأن كليهما في قلب "مصر" وعلى أرض "مصر" وبطاقاتهم تؤكِّد على مصريتهم- وأعود لسؤال حضرتك عن لماذا لا يعلن البعض من أصحاب الرأي عن رأيهم؟ أقول لك: إن ذلك قد يعود إلى أنه إما لكون أصحاب الآراء يخشون إن ساندوا الثورة يُقال لهم أنهم ركبوا الموجة- وهو إتهام هو الآخر مقلق- فمن يفسِّرون الكلمات ويحللون ما وراءها كُثر في البلد، مما يسيئ فهم أي جملة بأي طريقة تؤذي من يعبر عن رأيه، أو أن أصحاب الرأي يرون رأيًا وسطًا وهو أمر للأسف صار مستبعدًا ومستهجنًا، وكأن هناك ألف مانع ومانع أن يرى البعض أن الثورة قد خطت خطوة رائعة بـ"مصر" نحو الديموقراطية، لكنهم لا يقبلون تلك الطريقة التي رحل بها الرئيس السابق، أو قد يكون لهم رأي وسط يقول أن للثورة إنجازات رائعة بغض النظر حتى عن طريقة رحيل الرئيس، لكنهم قلقين على مستقبل "مصر"، ذلك المستقبل الذي مهما كانت هناك ضمانات فهو مستقبل غامض، ومن يعلم الغيب إلا الله– أظنك لا تمانع في هذا؟! والمستقبل هنا لا نعني به المستقبل السياسي بل أيضًا المستقبل الاقتصادي، فمن منا مهما كان انتمائه واتجاهاته سواء كان مباركيًا أو ثوريًا أو وسطًا- معتدلًا- فهو في النهاية مصري، لا يقلق على مستقبل وطنه؟!
والاستمرار في السير على الحبل أمر مزعج جدًا لمن يعبِّرون عن آرائهم، فلو كتب أحدهم جملة كالآتية: "كفى تظاهرات ولنعمل قليلاً"، تنهال عليه الشتائم بأنه عميل النظام الخائن، لا يريد استمرارية الثورة. وإن قال أحدهم مثلًا: "إن النظام الراحل كان سيئ ونظامًا ديكتاتوريًا"، تجد هجمات إما من يقول أنك ركبت على الموجة، أو من يقول "أخيرًا سمعنا صوتك؟"، ولو قرأت جملة أخرى تحمل معنى أن صاحبها يخشى من الحكم الديني، تجد من يهاجمه ويكفِّره ويخوِّنه. وإن حاولت أن تشير لقلقك من تلك الثورات المتتابعة والمتتالية التي انتشرت في العالم العربي في تلك الآونة، مما يوحي بأنه قد يكون هناك قوى عالمية تقف وراء تنظيم تلك الثورات بتلك الشاكلة المقلقة، هذا يعني أنك ستتعرض لوابل من السباب والشتائم والوصف بالجبن، وكثير من الصفات المسيئة للديموقراطية التي قامت الثورة تنادي بها.. ولذلك الكثيرون يحاولون أن يحجموا عن التعبير عن رأيهم، أو يعبرون عنه بتدقيق في الكلمات والتعبيرات المستخدمة في ذلك. وأكثر ما يثير الإنسان أن منْ خرجوا ليندِّدوا بالديكتاتورية ونادوا بالديموقراطية، يرفضون آراء غيرهم!! فأنت إما معهم أو عليهم، وأنت إن لم تكن معهم فأنت عليهم مهما كان رأيك، وهو أمر مؤسف لأبعد الحدود!
المختصر المفيد، "مصر" فعلًا يجب أن تكون فوق الجميع..
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :