- نساء مسيحيات من قرية"صول" يخرجن لميدان التحرير خوفًا من أعمال البلطجة ضدهم وطلبًا لحماية الجيش
- آلاف الأقباط يعتصمون أمام مبنى ماسبيرو احتجاجًا على هدم كنيسة إطفيح واللواء طارق المهدي يعد ببناء أخرى
- الوعد بالإفراج عن القس متاؤس خلال 48 ساعة
- بعد اقتحام أمن الدولة بـ"الإسكندرية": ظهور وثائق تؤكِّد مسئولية الداخلية عن تفجير كنيسة القديسين
- الإخوان بين الإيهام والتورية
أشفقت على "شفيق"
بقلم: إيهاب شاكر
من ضمن سيئات النظام السابق في "مصر"، إنه اختار في لحظاته الأخيرة فقط بعض الرجال الصالحين، فقد ظل على مدى سني عمره الثلاثين يختار أناسًا ليس بحسب الكفاءة المطلوبة لشغل وظائفهم، بقدر ثقة النظام في ولائهم وطاعتهم ربما العمياء لأوامره. ولم يعبأ بمدى قبول الشارع لهم، أو بمدى مصداقيتهم وكفاءتهم وفناءهم في تأدية مهام وظيفتهم، بقدر استعدادهم لحفظ النظام والوضع القائم، على ما هو عليه.
لكن، عندما كان النظام يلفظ أنفاسه الأخيرة، قرَّر أخيرًا أن يطعّم نظامه ببعض الفيتامينات الحقيقية والمفيدة، وأن يقوم ببعض الحركات التي تُرضي الشارعين السياسي والعام. لذا اختار أن يعيِّن أخيرًا وبعد ثلاثين عامًا من الانتظار، نائبًا للرئيس، ووقع الاختيار على السيد "عُمر سُليمان". وفي اعتقادي كان الاختيار موفقًا، ولكن كانت المشكلة في التوقيت. وينسحب نفس الوصف على اختيار رئيس الوزراء، الذي وقع على الفريق "أحمد شفيق"، وكانت النتيجة أن النظام حرق هذه الشخصيات التي لو كانت جاءت في وقت مختلف، للاقت قبولًا شعبيًا منقطع النظير عما قبلها. لكن واآسفاه!!
وما أريد التركيز عليه هنا، هو الفريق "أحمد شفيق".. هذا الرجل المحترم جدًا، ومن القلائل المحترمين الذين شرفوا وظيفة رئيس الوزراء، والذي لم يأخذ فرصته كاملة؛ لأنه اُختير من قِبل النظام وهو على مشارف الموت (أقصد النظام).
ولكي نعلم مدي كفاءة واحترام هذا الرجل؛ لابد من الوقوف على تاريخه (السي في الخاص به إن شئت القول).
تخرَّج في الكلية الجوية عام 1961، وعمل بعدها طيارًا بالقوات الجوية المصرية، وحصل على زمالة كلية الحرب العليا من "أكاديمية ناصر العسكرية العليا" وزمالة كلية الحرب العليا للأسلحة المشتركة بـ"باريس"، ودكتوراة الفلسفة في الإستراتيجية القومية للفضاء الخارجي.
من عام 1984 إلى عام 1986 عمل في سفارة "مصر" بـ"إيطاليا" كملحق عسكري. في عام 1991 عُيِّن رئيسًا لأركان القوات الجوية المصرية، وفي أبريل من عام 1996 عُيِّن قائدًا للقوات الجوية، واستمر في هذا المنصب مدة (6) سنوات، وهي تعتبر أطول فترة لقائد القوات الجوية في "مصر". وبعد تركه لمنصبه في عام 2002 عُين وزيرًا للطيران المدني.
وقد برز اسمه من بين الأسماء المرشَّحة لخلافة الرئيس "محمد حسني مبارك" برئاسة "مصر"، وظهر ذلك بصحيفة "وال ستريت جورنال" في تقرير لها تحت عنوان "منافس جديد يبرز في مصر" نشرته في ديسمبر من عام 2010.
في يوم 29 يناير 2011 كلَّفه الرئيس السابق "محمد حسني مبارك" بتشكيل حكومة جديدة بعد استقالة حكومة "أحمد نظيف"، كمحاولة لتخفيف حركة المظاهرات والإحتجاجات الشعبية العارمة. وبعد تنحِّي الرئيس "مبارك" عن الحكم وتسلُّم المجلس الأعلى للقوات المسلَّحة للسلطة في 11 فبراير، سقطت حكومته، إلا أن المجلس الأعلى قرَّر استمرار عمل حكومته لتسيير الأعمال، وذلك حتى يتم تشكيل حكومة جديدة.
وفي يوم 3 مارس 2011، تقدَّم باستقالته للمجلس الأعلى للقوات المسلَّحة، وذلك قبل يوم واحد من مظاهرات مليونية دعت لها عدة حركات شبابية من أجل الإطاحة بحكومته، والتي اعتبروها من بقايا نظام "مبارك".
وفي اعتقادي، إن سبب التقدُّم بهذه الاستقالة هو ما حدث ليلتها من وجوده في برنامج "بلدنا بالمصري" على قناة "أون تي في"، وما حدث خلال هذا البرنامج.
كان الضيوف هم: الروائي الشهير "علاء الأسواني"، والإعلامي "حمدي قنديل"، والمهندس "نجيب ساويرس"، والفريق "أحمد شفيق". ومع احترامي لآراء الجميع، وبغض النظر عن اختلافي مع بعضها، إلا أن ما أثار استيائي هو الأسلوب الذي دار به الحوار.
كان ملخَّص رأي الروائي "علاء الأسواني" هو أن الفريق "شفيق" من رجال النظام السابق، وأنه حلف اليمين أمام رئيس فاقد للشرعية، فكيف يتعهَّد بالإصلاحات وتبنِّي مواقف الثورة؟! لافتًا إلى أنه بسقوط النظام السابق يسقط رئيس الحكومة. وقال "الأسواني": إن وظيفة الوزير هي سياسية وليست إدارية، فأنت من الممكن أن تكون ناجحًا إداريًا ولكن غير كفء سياسيًا.
ورد الفريق "شفيق" عليه، موضحًا له أن نجاحاته الكثيرة، والتي أدت لاختياره من بين أفضل (20) شخصية حققت نجاحات في مجال الطيران، ليس بفضل الرئيس "مبارك"، وعندما اختلف معه أعلن ذلك، وقال: "أنا لم أنتمي للحزب الوطني"، وطالبه بعدم التسرُّع في الحكم على الأشخاص، فمقومات الشخص هي المعيار الذي يجب الحكم به، مؤكدًا أن "مبارك" هو الذي جنى ثمار "أحمد شفيق" وليس العكس.
أما الإعلامي "حمدي قنديل"، فقال: إن هناك وزراء في الحكومة الحالية تكنوقراطيين، ولكن اختيار الوزراء اختيار سياسي. واتفق "قنديل" مع "شفيق" في الإبقاء على جهاز أمن الدولة مع تحديد مهامه. وتساءل عن سر الإبقاء على وزيري العدل والخارجية في الحكومة الحالية، وما الذي بيد الفريق "أحمد شفيق" من قرارات؟ وهل له الحق في اختيار الوزراء؟ أم هناك جهة أخرى هي التي تحدد له ذلك؟
ورد "شفيق" أنه عند توليه الوزارة فضَّل وجود ثلاثة وزراء، وهم العدل والخارجية والإعلام، وأن هناك وزراء معيَّنين كان الرئيس السابق يُبقي عليهم.
وتطوَّر الحوار بسخونة شديدة عندما قال الفريق "شفيق" لـ"الأسواني" بأنه ليس أكثر منه وطنية، وأنه لابد وأن يتجرَّد من عباءة الوطنية التي يرتديها، مما أثار "الأسواني"، وبدأ الحوار يشتد والصوت يعلو. ولم تعجبني طريقة حوار "الأسواني" التي بدت مستفزة جدًا وغير لائقة بكونك تحاور رئيس وزراء "مصر"، ولا حتى بكونك تحاور رجلًا متقدمًا عنك في السن.. فمع احترامي لـ"الأسواني" كروائي، فقد ساءني جدًا أن أراه بهذه الطريقة في الحوار مع الفريق "شفيق"، وكان عندما يوضِّح "شفيق" له بقول "أنت مش فاهمني"، كان الأسواني يجيب: "أنت اللي مش فاهم"!! فهل هذه طريقة للحوار مع أحد عمومًا ومع رئيس وزراء "مصر" خصوصًا، حتى إن اختلفت معه؟ فانا أعتب على الروائي "علاء الأسواني" في هذا الأمر.
وما كان من الفريق "أحمد شفيق" إلا أنه انفعل قليلًا، ولكن بدون أن يخطئ، شيمه شيم الفرسان الشجعان، فكون حضوره بنفسه لهذه المواجهات لهي من شيم الفرسان. ولكني أشفقت عليه مما جرى، ومن تطوُّر أسلوب الحوار المستفز من "الأسواني"، وكانت النتيجة للأسف هي ما حدثت صباح اليوم التالي من قرار تقديم استقالة هذا الرجل المحترم.
فبحق قد خسرنا رجلًا مميزًا، نزل إلى أرض المعركة في عز سخونتها، وحارب كجندي صالح على قدر طاقته، ولم تكن رئاسة الوزراء في وقته وفي ظروفه ميزة من أي نوع، بل مسئولية كبيرة وهم عظيم، ولأجل وطنيته قبل بها، واستمر فيها لآخر لحظة..
فتحيةً كبيرة للفريق "أحمد شفيق"، وأتمنى أن أراه في المستقبل في منصب لا أعرفه يشارك في بناء "مصر" الحديثة.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :