- نساء مسيحيات من قرية"صول" يخرجن لميدان التحرير خوفًا من أعمال البلطجة ضدهم وطلبًا لحماية الجيش
- آلاف الأقباط يعتصمون أمام مبنى ماسبيرو احتجاجًا على هدم كنيسة إطفيح واللواء طارق المهدي يعد ببناء أخرى
- الوعد بالإفراج عن القس متاؤس خلال 48 ساعة
- بعد اقتحام أمن الدولة بـ"الإسكندرية": ظهور وثائق تؤكِّد مسئولية الداخلية عن تفجير كنيسة القديسين
- الإخوان بين الإيهام والتورية
نيرون
بقلم: رمزي حلمي لوقا
ويل للتاريخ الأحمق.. كشجرٍ يُسقط أوراقه.. يُسقِط ورقةَ تلو الأخرى.. حيث تجف.. قد تذبل.. قد تُذريها الريح.. فتصير هباء منثورًا.. قد يُسقِط ذكر النبلاء..قد يَنسى حق الشرفاء.. لكن.. أبدًا.. لا يَنسى زيف السُفهاء..
يُخلِدُ ذكرى السفاحين.. الرعناء.. هل ينسى العالم نيرون.. كم قاسى العالم من ويلاته.. يحكم روما.. بل يحكم ما تملك روما.. بلاد كُبرى تحيط مياه البحر الأبيض..
نيرون.. ذاك الطفل الأرعن.. حاكت أمه "أجربينيا خيوط" مؤامرة كبرى.. إذ دأبت توغر صدر "كلوديوس".. إمبراطور روما الأبله.. على زوجته الخائنة "ميسالينا".. إذ يكتشف خديعته الكبرى.. عشيق دنس مخدعه بعد الآخر.. أيقن فعلتها.. فأعدمها.. وتزوج من بنت أخيه.. "أجربينيا".. رغمًا عن كل شرائع روما.. إذ تمنع تلك الزيجة.. لكن هيهات.. من يملك.. يملك كل شرائع هذا الكون.
"أجربينيا".. من تملك عقل الشيطان.. إذ جلست بجوار "كلوديوس".. فوق العرش.. أقنعت الرجل الساذج.. رغم وجود "بريتانيكوس".. ابنًا ووريثًا لكلوديوس.. أن يعلن "نيرون" ابنًا.. ووريثًا للعرش.. ولتُحكِم قبضة نيرون فوق قرون الحلم الجامح.. زوجت الطفل "نيرون" من "أوكتافيا"... ابنة الزوج "كلوديوس"... ورويدًا.. شعر "كلوديوس"... بأن خيوط اللعبة بدأت تتراخى بين يديه.. وأن الاحداث تحركها أيد أخرى.. نحو طريق أبدًا أبدًا لا يرضاه.. وإذ هو مزمع أن يتراجع.. "شعرت أجربينيا" بالخطر القادم.. نحو العرش الحُلم.. دست سمًا للزوج وشريك العرش "كلوديوس".. وإذ مات صريعًا.. ضغطت... حتى جلس الابن نيرون فوق العرش... أصبح "نيرون"؛ الخامس ضمن أباطرة الرومان..
في البدء تولى تهذيبه.. "سينيكا".. و"بوروس".. صوتا العقل.. اذ كان صغيرًا.. فكانت سنوات الحكم الأولى جيدة.. وإن كانت لا تخلو من سيطرة الأم.. بمضى الوقت.. بدأ يتململ بنفوذ قلص سلطانه.. وبصوت حاول تقويمه.. إذ أن "نيرون" ذاك الشاب الفاسد.. من طينة أمه.. أفسده شبابه.. أفسده رفقاء السوء التفوا حوله.. أقنعه البعض أن يترك تبعات الحكم.. ويمارس ألوانًا من فن لم يبرع فيها.. فكان يغني في حفلات عشاءه.. ويمثل فوق المسرح.. يعزف قيثارته.. يقود إحدى عرباته في أرض السيرك.. ينتفخ غرورًا بهتافات جمهور المسرح.. مارس كل طقوس العُهر.. أطلق عربيدًا كامنًا بين ضلوعه.. ما فتأ يمارس كل مجون يمكن إتيانه.. كان يمارس كل رزيلة... يتجنبها حتى السوقة والدَهماء.. لم يرضى توبيخ معلمه "سينيكا".. لم يرضى تهديد الأم.. أن تنزع منه الحُكم.. وتعطيه لابن "كلوديوس".. داخَله مخافة أن يفقد عرشه.. فوضع السم لبريتانيكوس.. فتخلص من شبح وريث العرش الشرعي.. وبدأ يضيق بكل الأصوات.. وكان يصدق كل وشاية.. فانبثقت أنهار دماء فى كل مكان.. فقتل "أجربينيا" الأم.. أعدم "أوكتافيا" الزوجة.. أمر معلمه "سينيكا" أن يقتل نفسه.. وتخلص من جُلِ رجالات الحكم.. مما أوغر صدر الشعب عليه.. فكانت تحدث ثورة تلو الأخرى.. مع كل جريمة قتل تحدث.. فكان يهدأها بخُطبٍ رنانة.. ولسبب ما.. أحرق روما..
اشتعلت من قاعدة السيرك الخشبي.. نار لا تهدأ.. وامتدت سبعة أيام.. حتى أكلت نيران حرائقها.. معظم أحياء مدينة روما.. بمن فيها.. ضاعت آلاف الأنفس.. ووسط جبال من نيران مشتعلة.. تتصاعد بين صراخ وعويل.. وقف الرجل فوق البرج العالي.. ينظر نحو النار المحتدمة.. هاجت فى نفسه مشاعر غبطة.. فأخذ القيثارة.. وغنى أشعار "هوميروس".. حين احترقت طروادة.. الآن قد فقد الشعب صوابه.. كل علامات الاستفهام... كانت كالرمح المسنون.. كل سهام التهم الكبرى.. كانت تذهب نحو الشاب الأرعن.. ضاق الشعب مِّمَا وصل إليه الحال.. استشعر نيرون بأن الأمر جد خطير.. ولابد من كبش فداء يُذهِب عنه تلك التهمة.. وهذا الغضب الجامح.. ما كان هناك في روما الوثنية.. من يمكن أن يحمل وزر العمل الشائن.. غير يهود.. تحت رعاية "بوبياسبينا".. إحدى زوجاته.. وفريق آخر يتبع رجل يدعى يسوع.. قد صُلِبَ من عدة سنوات.. وتشتت أيضًا أتباعه.. في كل مكان.. لا يمكن أن تقوى شوكتهم.. ها قد ألصق نيرون فعلته بأتباع الدين الناشئ.. أطلق صرخات الثأر.. حول ثورة شعبه ضده.. طوفان اجتاح أتباع يسوع.. جمعوهم من كل مكان.. صلبوهم.. طرحوهم أُكلاً لوحوش الستاديوم.. وسط هتافات عشاق الدم المسفوك.. غطوهم بالزيت وبالقار وبالراتنج.. فى وسط ظلام الليل... صاروا مصابيح تضاء بها حدائق نيرون.. إذ تُشعل فيهم أعمدة النيران.. لم يَسْلمَ من هذا الوحش.. رسل يسوع الأطهار.. إذ أُسْلِم بطرس للصلب.. أيضًا "بولس" قُتِلَ كرجلٍ روماني..
مع كل فساد الحكم.. وقسوته.. سارت كل أمور الحكم إلى فوضى.. اجتمع السنات.. إذ ضاق شيوخه من أفعاله.. سموه عدو الشعب.. حكموا بالموت عليه.. هرب إلى كوخ كاتم أسراره.. حاول أن يقتل نفسه.. أقنع كاتم أسراره.. فتولى الإجهاز عليه..
في كل زمان ومكان.. يوجد "نيرون" آخر.. لم يتمثل أحد مما آل اليه.. بل ساروا في نهج أخرق.. نحو مصير بائس.. حيث مزبلة التاريخ.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :