الأقباط متحدون | تيجي نلعب ثورة .. لعبة شعبية مصرية جديدة لن تجدها في محلات الألعاب
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:١٣ | الاربعاء ٩ مارس ٢٠١١ | ٣٠ أمشير ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٢٧ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

تيجي نلعب ثورة .. لعبة شعبية مصرية جديدة لن تجدها في محلات الألعاب

الاربعاء ٩ مارس ٢٠١١ - ١٦: ٠٥ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

كتب: ناظم نور الدين
"تيجي نلعب ثورة؟!" جملة لم أسمع بها قبل 25 يناير 2011، بدأ الأطفال يرددونها بينهم استعدادًا منهم لبدء لعبة هي الأحدث في مصر الآن.. فوجئت بها عندما قال لي أحد الأصدقاء "شوفت العيال بيعملوا إيه.. بيلعبوا ثورة!" لم أفهم ما يقوله في البداية، وظننت أنه يتحدث عن شباب 25 يناير، ولكن بعد أن وضح لي قصده أصابتني دهشة شديدة، فإنهم أطفال 25 يناير الذين تأثروا بالثورة، كما تأثر بها كل المصريين، فكان هذا التأثر واضحًا من خلال اللعبة التي ابتكروها، وهي لعبة الثورة التي يعتمدون فيها على إعادة تمثيل وتشخيص ما حدث من 25 يناير، من أحداث ومواقف شاهدها العالم كله..

من منا لم يلعب أو على الأقل سمع عن لعبة عسكر وحرامية، التي كنا نلعبها ونحن صغار التي كنا نقسم فيها أنفسنا إلى مجموعة من العسكر، تطارد مجموعة من اللصوص، ثم نبدأ في تبديل الأدوار، ليصبح العسكر لصوص واللصوص عسكر، وكنا نتسابق في أن نكون اللصوص، لأن هذا بدوره سيجعل منا أصحاب الحرية في الانطلاق وتدويخ العسكر، خلفنا في شوارع الحي الذي نعيش فيه ولكن الثورة اختلفت تمامًا، حيث بدأ الصغار الاقتتال حول من سيصبح ثائرًا، ومن سيصبح من ميليشيات الشرطة الغاشمة، ومن سيلعب دور البلطجي، ومن سلعب دور المؤيد للسلطة، وكان الانتصار في النهاية لدور الثائر، وكأنه دور البطولة الذي يحلم به جميع الأطفال، وبعد أن يقسموا أنفسهم إلى هذه المجموعات، يبدأون في اللعب..
مجموعة ثوار يهتفون بسقوط النظام، وآخرون مؤيدون، ونلاحظ الفرق في العدد أيضًا في اللعبة، حيث أن المؤيدين عدد قليل جدًا لا يتجاوز الثلاثة أطفال، ثم يبدأ الفريق الذي لعب دور الشرطة في مداهمة الثوار، ويستمر اللعب حتى يتعب الأطفال ويقرروا إنهاء اللعبة لليوم متفقين على لعبها مرة ثانية، ولكن ليس هذا كل شيئ، إذا ارتفعت ببصرك إلى أعلى، تحديدًا إلى البلكونات سترى أولياء الأمور فيها يشاهدون أطفالهم في سعادة، وكأنهم يباركون ما يفعلونه، هذا ما شاهدته من بلكونة أحد أصدقائي بالإسكندرية، عندما طلب مني أن أذهب بنفسي لرؤية هذه اللعبة الممتعة، التي تجاوزت إمتاع "العسكر والحرامية" خاصتنا..
أثناء شربي لقهوتي سألت أبناءه عن اللعبة، وكانت الردود مدهشة للغاية، حيث أنهم لا تزيد أعمارهم عن العشر سنوات..

عمر مصطفى نجيب (10 أعوام):
"أنا اصلاً لازم ابقى من الثوار، عشان أنا عايز ابقى زي بابا، كان بيروح التحرير ومش بيرضى ياخدني معاه عشان أنا صغير، بس احنا بقى بنلعبها كل يوم، وهو بيقعد يتفرج علينا من البلكونة، زي ما انا كنت بتفرج عليه ف التليفزيون، ومكنش بيظهر خالص عشان كان بيبقى فيه ناس كتيرة، ومش بعرف أشوفه من الزحمة، وأصلاً مصر بتاعة الناس كلها، مش بتاعة الكبار بس، وأنا لما هكبر هخلي ولادي يروحوا معايا الثورة، ومش هعمل زي بابا!"

ريم مصطفى نجيب (7 أعوام):
"أنا بعمل زي سالي زهران في المظاهرات، ومش بخاف من البلطجية عشان هم أضعف مننا، بابا بيقولي دايما اللي معاه الحق بيبقى قوي، عشان كدة الثورة كسبت البلطجية، وأنا اشتريت علم مصر عشان ألعب بيه ف المظاهرات، بس بابا مش بيرضى ينزل يلعب معانا، عشان هو بيروح يلعب مع أصحابه ف مصر! لما تخلف يا عمو ابقى هات ولادك يلعبوا معانا، بس متخليهمش يبقوا مع البلطجية، عشان البلطجية وحشين بيخوفوا الناس".

وصال مصطفى نجيب (3 أعوام):
هي مفاجأة لعبة الثورة ولكن من منازلهم كانت تقف أمامنا على كرسي الأنتريه، وتردد بصوت متلعثم تستطيع فهمه بعد تركيز، لكثرة الحروف التي تلثغ بها: "السعب يليد إسقاط النصام" و"يسقط يسقط حسني مبالك".

لعبة كل مصر
تستطيع الثورة أن ترسخ في عقول هؤلاء الأطفال أنهم أصحاب حق في هذه الأرض، ويجب أن يدافعوا عن حقوقهم، والجميل في هذا الأمر أنني عندما كنت أقول لبعض الأصدقاء من محافظات مختلفة، هل سمعتم عن هذه اللعبة؟ يكون ردهم جميعًا "ده انت قديم قوي".. "طبعًا ده ولادي بيلعبوها".. "شوفتهم مرة ف الشارع عندنا بس كان منظرهم يشرح القلب".
ومن الجميل في الأمر؛ أنه وسط كل هذا الزخم من الألعاب الإلكترونية و"الفيديو جيمز"، التي قضت تمامًا على ألعابنا القديمة، جاءت الثورة لتفسح المجال وبقوة إلى لعبة شعبية جميلة، تخرج من باطن هذه الثورة، وكأنها تقول للجميع: من حق كل المصريين الاحتفال بي، كل على طريقته، حتى الأطفال من حقهم ذلك.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :