الأقباط متحدون | صول.. نار وسلام تحت الرماد!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٠٣ | السبت ١٢ مارس ٢٠١١ | ٣ برمهات ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٣٠ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

صول.. نار وسلام تحت الرماد!

الجمعة ١١ مارس ٢٠١١ - ٥١: ١٠ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

كتب: عوض بسيط
في موقف الميكروباص بحلوان سألنا عن سيارات "أطفيح"، أجاب سائق مبتسمًا: "حد يروح أطفيح دلوقت؟" ثم أشار لنا على المكان! حوالي ساعة من الزمن بالسيارة تفصل "حلوان" عن "أطفيح"، لكن الفواصل الثقافية والمسافات الفكرية بين الريف والمدنية أكثر من تلك المدة بكثير.. سألنا سائق "التوك توك" الذي أوصلنا لقرية "صول" عن سر زيارتنا؛ قال –وهو ليس من أهل القرية- أن الوضع هناك غير هادئ، فالمسلمين لا يريدون إعادة بناء الكنيسة في مكانها.
الدخول للقرية يستدعي العبور من خلال نقطتي أمن تابعتين للجيش، وعلى الطريق ارتفعت لافتات تُرحب بالضيوف –ليس نحن بالطبع! لكن وفود الأمس- وعلى اللافتات شعارات الوحدة الوطنية واليد الواحدة، بينما على الجهة الأخرى من الطريق توافدت ثلاث سيارات أمن مركزي لتأمين القرية.

توتر
فور نزولنا من "التوك توك" اقترب منا أحد الرجال المتجمعين على الطريق –وقد بدا عليهم التوتر- طالبًا بطاقات تحقيق الشخصية؛ ما أن عرف أننا إعلاميين حتى بادر بالتأكيد أن القرية بخير، ولا توجد مشكلات بين أهلها، ولكن المشكلة في "الإعلام الفاسد" الذي قام بتضليل الناس، وإشاعة الفتنة، وأن التظاهرة المليونية التي تم الدعوة لها، إذا أتت للقرية، لن تزيد الأمر إلا سوءً. أقنعناه بتفقد القرية والحديث مع أهلها مع الوعد بنشر ما نسمع دون تحريف.

تأكيدات سلام
تطوع بعض الشباب لمصاحبتنا بجولة في القرية، خاصة وقد بدأ الناس في التجمهر حولنا.. منهم "عادل حسن الشوربجي" الذي أكد أن "النصارى" يعيشون في سلام بالقرية، وأن أحدًا لم يتعرض لهم، وأن الذين هربوا من القرية، فعلوا ذلك بدافع الخوف، وكان ذلك في حماية المسلمين، وأن العرف في القرية أن "النصارى" –كل حسب منطقة سكنه- مسئولين من العائلات المسلمة لحمايتها. كما أكدوا -وبشدة- أن زيارة الشيخ "محمد حسان" للقرية –أمس الخميس- صرفت ثلاثين ألفًا بهدوء، وأن ما سيقوله سينفذوه، منتظرين زيارته الثانية لهم غدًا السبت.
في الطريق قابلنا "نادي رياض" العائد من "ماسبيرو"، الذي أكد على أهمية استمرار التظاهرات حتى تبنى الكنيسة، وأنه عائد مرة لهناك حتى تتحقق وعود البناء.

قطبي الأمة
في منزل أحد أعيان القرية؛ جلس "سعد سليمان موسى" المحامي القبطي، وسط مجموعة من مسلمي ومسيحيي القرية للإدلاء بتصريحات لإحدى الفضائيات أكدت على الوحدة الوطنية بالقرية.
وفي تصريحات لـ"الأقباط متحدون" قال موسى: الكنيسة هدمت بعد إحراقها، وأن الجيش تسلمها الآن، و95% من المسلمين استنكروا هدم الكنيسة يقولون أنهم سيبنون الكنيسة من نقودهم الخاصة في نفس مكانها، لأن حسب الشرع الإسلامي لا يجوز هدم الكنيسة، وأن من تسبب في الفتنة في صول يقدم للمحاكمة العادلة.. البلد هادئة الآن ولا يوجد أي فتنة نهائيًا، ولا توجد أي قوة تستطيع تأليب قطبي الأمة على بعضهما.
وعن المسيحيين الذين خرجوا من القرية قال "موسى" أنهم خرجوا من الخوف والفزع، عندما شاهدوا ارتفاع النيران من الكنيسة تصل لثمانية عشر مترًا، وأنهم حينما خرجوا أخرجهم المسلمون، وكذلك فعلوا مع كاهن الكنيسة وحموه. وأن من قاموا بهدم الكنيسة هم شباب ثائر جاءوا من المقابر، وصل عددهم إلى خمسة آلاف. واستطرد: نشكر الله أنه لم تسقط نقطة دم واحدة في تلك الأحداث.

حرية مغلوطة
"محمد كمال أبو النصر" المحامي قال لنا أن الخلافات طبيعية في أي مكان، وأن ما حدث هو نتيجة فهم خاطئ للحرية، وانتشار الأمية التي تصل لأكثر من 50% من سكان القرية.
وعن فتح تحقيق لمحاسبة المسئولين عن الأحداث قال: كما أن هناك مسلمون هدموا الكنيسة، هناك مسيحيون ظهروا على الفضائيات وأشعلوا الفتنة، ونشروا شائعات على شخصيات معينة، مثل الشيخ "أحمد أبو الدهب" أنه حض على الفتنة، مع أنه كان يخطب في قرية أخرى، وذكروا الشيخ "محمد يس النفري" مع أنه متزعم المشايخ في "صول".

غضب في الحجارة
واستطرد: أتحدى أي مسيحي يقول أن مسلمًا مد يده عليه، وأن الغضب خرج في "حجارة" وهذا أفضل من صبه على البشر، فعندما يأتي شباب مسلم ثائر لمقتل اثنين من المسلمين بسبب، اثنين من المسيحيين شاذي السلوك، فالحجر يعوض أما البشر فلا. لا نريد أن نقول "تحقيق" بل نقول "تسامح"، لأن المسيحية تنادي "الله محبة"، والدين يقول: "واعفوا واصفحوا".

الحل العرفي
وأضاف: "هتقولي نفتح تحقيق؛ هات اللي هد، هقولك هات اللي طلع قال حرقونا. الموضوع مش هيخلص" نريد أن نثبت للعالم أننا ناس متحضرين، هناك خطأ حدث ويكفي أننا اعترفنا به، وإسلامنا علمنا أن من أفسد شيئًا عليه إصلاحه، وهناك سماحة في الإسلام والمسيحية. المشكلة ليست في مبنى تجبرني عليه، نريد أن نبني علاقة بين الطرفين، فأرى أن الموضوع سيحل عرفيًا، ونقوم بعمل "ميثاق شرف" بين المسلمين والمسيحيين، بشروط وتعهدات بينها بنود التسامح والود. "لو أخدت عشرة مسلمين وحبستهملي انت بتزيد الضغائن. وأنا أحبس اللي طلع على الفضائيات وشنع فيا. هنعيش ازاي في سلام وأمن" حبس أي إنسان لن يحل المشكلة. أي شخص عنده ذرة انتماء للوطن، يجب أن يتمسك بوطنيته، وهذا دور الإعلاميين والمثقفين. نحن أهل القرية أجدر بحل المشكلة، وندعو الجميع للجول على مائدة وحدة وطنية بعد انتهاء صوم الأخوة المسيحيين.

سيبونا في حالنا!
ويوجه رسالة للإعلاميين: سيبونا في حالنا! انقلوا الصورة الصحيحة، بدون مزايدة على مصلحة الوطن، ولا داعي أن تفرض الأجندات الأجنبية نفسها علينا.

الأقباط سبب الفتنة!
في الطريق قال "سيد علي الشوربجي" أن سبب الفتنة هم الأقباط، بسبب قيامهم بأعمال السحر ضد المسلمين في الكنيسة، وأن الفتيات يثرن الرجال بملابسهن، وعبر عن غضبه من المشير "طنطاوي" لأنه قرر بناء الكنيسة في مكانها، ومن شيخ الأزهر لموافقته على ذلك، وقيامه بلقاء البابا!

سحر وسرداب!
وتدخل أحد الشباب في الحوار: وجدوا سردابًا تحت الكنيسة، وهناك أعمال سحر لبناتنا، والشعرة الواحدة للفتاة المسلمة يصل ثمنها إلى 200 جنيهًا، لعمل السحر. نريد أن يقوم الجيش بتفتيش دوري على الكنيسة، حتى نعرف ما الذي يحدث فيها.
واستأنف "سيد" حواره: نريد أن تبنى الكنيسة بعيدًا عن المسلمين، حتى ترتاح كل الأطراف. وأكد: نحن لسنا بلطجية، "إحنا آخرنا لقمة عيشنا"، والإعلام الفاسد المفروض أن يهدأ.

أحد أقباط القرية أخبرنا أن مسألة الأعمال السحرية، متعلقة بمنزل قبطي يدعى "ميلاد راغب" كان يقوم بهذه الأفعال بالفعل، ولما حدث الاعتداء على الكنيسة هرب، وعثروا على هذه الأشياء بمنزله، وادعوا أنهم وجدوها بالكنيسة!

أزمة ثقة
التوتر من الإعلاميين، كان واضحًا عندما صادفنا الحج علي محمد الشوربجي" مع اثنين من الأقباط بالطريق، فبادرني بقلق: "وريني اللي كتبته. عايز اسمع التسجيل"، ولكنه هدأ عندما أخبرته بحديثنا مع "الشوربجية"، وأخبرنا أن الكنيسة ستبنى بنفس مكانها، وهو ما أكده الحج "سيد الشوربجي" ناظر المدرسة، والحج "فتحي عبد العظيم شلبي"، ومجموعة أخرى من المسلمين والأقباط، اهتموا بتكرار الجمل المؤكدة على تحاب وتآلف الأقباط والمسلمين بالقرية.

قبل المغادرة
في منزل أحد الأقباط كان ينتظرنا فطارًا ريفيًا فاخرًا، أثناء صلاة الجمعة التي جاءت خطبتها في المسجد المجاور، مؤكدة للسلام والتوائم بين المسلمين والأقباط، بينما كان الداعية "عمرو خالد" يحض على قبول الآخر، والترابط في مسجد آخر.
بينما وصل عدد سيارات الأمن المركزي لخمس، إضافة إلى مدرعة، كان مضيفنا يؤكد أن أثناء الغياب الأمني كان هناك مسلمون يحرسون الكنيسة، وأن النيران التي اشتعلت بمنازل الأقباط المجاورة بالكنيسة، انتقلت لها عن غير عمد لما للمنازل الريفية من تركيبة بنائية ضعيفة، ووجود "القش" و"الجريد" على الأسطح.
قبل أن نغادر القرية؛ طلبنا أن نعاين الكنيسة، فأخبرنا الجميع أن الجيش لا يسمح بذلك، وخاصة أن البلدة متوترة، فاليوم صلاة الجمعة، مع المظاهرة المليونية التي تمثل تهديدًا بالنسبة لهم، ولكن علمنا منهم أن الكنيسة تهدمت كل حوائطها، ولم يبق منها إلا العمدة، وأن الجيش يؤمن المكان بشدة، وربما يبدأ البناء بها صباح الأحد.

مشاهد:
-حسب سكان القرية؛ يصل تعدادها إلى أربعين ألفًا، منهم سبعة آلاف قبطيًا حسب تقديرات الأقباط، أو ألفي نصرانيًا فقط حسب تقديرات المسلمين.
-القرية محرومة من الخدمات الآدمية، فلا مياه شرب نقية، ولا صرف صحي، ولا مستشفى أو وحدة صحية، وبها مدرسة واحدة.
-شرق البلد تسوده علاقات ود وشراكة اقتصادية بين المسيحيين والمسلمين، بينما الغرب، حيث الكنيسة، يسود التوتر بعض الأوقات.
-أزمات الشرف هي المسيطرة على أحداث الفتنة؛ اتهامات بأعمال سحرية ضد المسلمات، وفتنة من المسيحيات.
-قال أحد الشباب ببساطة: "احنا قلنا هاتوا الواد والبت ندبحهم ونخلص الموضوع"، تعبيرًا عن الطريقة الوحيدة لإنهاء الأزمات من هذه النوعية.
-قالشخص أكثر ثقافة: هناك 6 حالات زنا بين مسيحيين ومسلمين خلال العام الماضي، تسليمهم للجيش ومعاقبتهم يحل الأزمة من جذورها.
-على الرغم من تباهي عدد من العائلات بتخريج مستشارين وأطباء، إلا أن الوعي الثقافي، والمستوى التعليمي متدني جدًا.
-    أهل القرية من البساطة بحيث يمكن توجيههم من ذوي المكانة والمعرفة.. في جميع الاتجاهات.
-حل الأزمة أو تعقيدها رهن كلمة من الشيخ "محمد حسان"، ذو الشعبية الطاغية.
-وصف أقباط ماسبيرو الإعلام بالفاسد، ووصم مسلمو صول الإعلام بالفساد والتضليل.. أخيرًا وجدنا نقطة اتفاق.

وأخيرًا.. تبقى النوايا الطيبة، والجذور الريفية البسيطة داعية للسلام في قرية نصف سكانها من الأميين.. فيما تبدو مسائل الشرف نارًا نائمة تحت رماد الفتنة.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :