الأقباط متحدون | ترميم النظام القديم
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٥:٣٠ | الجمعة ١٨ مارس ٢٠١١ | ٩ برمهات ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٣٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

ترميم النظام القديم

الجمعة ١٨ مارس ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: حمدي الحناوي
حين فوجئت القوى السياسية التقليدية باندلاع الثورة، سارعت إلى المشاركة فيها ولو بصورة هامشية لتحجز لنفسها مكانا فى طابور الغنائم. وقد زعمت بعض تلك القوى لاحقا أنها كانت من صناع الثورة، ولكنها تقفز الآن من عربتها فى منتصف الطريق، وتقبل بترميم النظام القديم، وتطالبنا بأن نسير فى ركابها ونكتفى بما تحقق. وعلى راس تلك القوى يقف الآن أولئك الذين يريدون أن يحكموا هذا الوطن باسم الله.
ليسوا وحدهم، ففى نفس الخندق ترقد بقايا النظام القديم، ولا حاجة للتذكرة بأن تعميق الديمقراطية لن يكون فى صالحهم. وسوف يكون ترميم ذلك النظام كافيا للإيهام بأن تغيرا جذريا قد حدث. ولم لا، وقد خفضت مدة الرئاسة إلى أربعة أعوام، وهناك فرصة لانتخابات بلا تزوير، تحت رقابة مكثفة، وبإشراف القضاء، وببطاقة الرقم القومى. والثمن بسيط للغاية، لا يزيد عن عودة العمل بالدستور المجمد لفترة محدودة. وهكذا يروجون لإقرار تعديلات الدستور، ويصورون ذلك باعتباره واقعية سياسية.
يقال أن التعديلات تلزم الرئيس الجديد بإعداد دستور جديد، فإذا كان الحال كذلك فما أهمية عودة الدستور القديم ولو ليوم واحد؟ الحقيقة أن هذا يعطى لأنصار الترميم مزايا لن يحصلوا عليها لو اكتملت الثورة، إذ يقطع الطريق على التحولات السياسية، ويسمح بانتخابات برلمانية سريعة، تفوز فيها القوى العشائرية والتكتلات القديمة، قبل أن تتمكن القوى العلمانية من تنظيم صفوفها. هذا تهديد خطير، فما العمل، ولم تبق سوى ساعات على موعد الاستفتاء؟
لا يوجد حل سحرى، غير أن المستقبل الذى يتشكل أمام أعيننا، لا يجوز أن نبتعد ونترك غيرنا يشكله كما يريد. ودروس الثورة أيضا أمام أعيننا، فالشباب حين طلب منهم أن يبتعدوا قبل أن يسقط رأس النظام، رفضوا وتحت ضغطهم تحقق سقوطه. والأقباط حين أصروا ألا يتركوا الشارع أمام ماسبيرو كانوا يطبقون نفس الدرس، ولو انصرفوا لكان معنى ذلك إمكان دفعهم إلى التنازل. وهكذا يتبلور موقف تفاوضى توزن فيه الإرادات، وتستبعد من الساحة تلقائيا كل قوة ليست مصممة على الانتصار.
قد يبدو الآن أنه لم تعد فى الساحة كتل ثورية كبيرة، وقد راهن النظام والقوى المحافظة على تفتت قوى الثورة. وللأسف كان الرهان صحيحا، فعندنا الآن عشرات من الجماعات والهيئات تتحدث كلها باسم 25 يناير. مجلس أمناء للثورة، ولجان لدعم الثورة، وائتلافات وتحالفات لشباب الثورة، وأحزاب وجماعات ما زالت تتشكل بنفس المسميات. والأجدى ألا نتحدث كثيرا عن الثورة، وأن نتحدث بدلا من ذلك عن الحقوق والحريات، وإعادة بناء الحياة على أرض مصر.
الحقوق والحريات أضواء قوية تضئ الطريق وتكشف ما فيه من حفر، وليست فى حاجة إلى جدل كثير للاقتناع بها. وكما يتجمع معسكر الترميم تحت شعار عودة الاستقرار، يجب أن يتجمع معسكر التغيير حول الحقوق والحريات. والحد الأدنى حقوق المواطنة، بما تعنيه من مساواة كاملة بين المواطنين بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو العرق. ولا ضمان لهذا فى إطار النظام القديم الذى قد يعود بصورة جديدة لو قبلت الأغلبية تعديلات الدستور.
هل يمكن أن تكسب التعديلات أغلبية؟ لن أحاول التنبؤ، وسأفضل الانتظار. ومهما يكن، فلن أستسلم لمشاعر الخوف من المستقبل وإن انتابنى الغضب. وقنابل الدخان التى تفجرها الثورة المضادة تقلل مدى الرؤية، لكنها لا تعمى العيون. وقد تلقى النظام القديم ضربات لم تقتلع جذوره. ولهذا لم يسقط بعد، لكنه فقد توازنه، ويجب تكثيف الضغط عليه، لحرمانه من استعادة التوازن، مع احتفاظنا بالأمل حتى آخر لحظة.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :