الأقباط متحدون | مصر والتغيير المطلوب
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٦:٣٣ | الأحد ٢٠ مارس ٢٠١١ | ١١ برمهات ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٣٨ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

مصر والتغيير المطلوب

الأحد ٢٠ مارس ٢٠١١ - ٤٧: ٠٨ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: أشرف عبد القادر
شاركت في كل المظاهرات التي قامت في باريس تضامناً مع ثورة 25 يناير من أجل اسقاط النظام السابق ورئيسه،وحضرت أكثر من اجتماع بالشباب المتحمس للتغيير في باريس،أحببت الروح الجديدة التي تسري في أجساد شبابنا،وفهمه لروح الحقبة ومتطلباتها،ولكن ما كنت أعيبه عليهم هو مطالبتهم الفورية لتحقيق  التغيير السريع في كل المجالات،ونسوا عامل الوقت،فتوقعوا أنه برحيل مبارك حلت جميع المشاكل، ونسوا أن مبارك كان يمثل رأس النظام،ورحيله خطوة هامة في طريق التغيير،ولكن طريق التغيير مازال طويلا وصعباً،فللقضاء على الفساد الذي سرى واستشرى في كل أجهزة الدولة لن نقضي عليه بين يوم وليلة،والديمقراطية والحرية التي نريدها لن تتحقق خلال أيام أو شهور،بل سنحتاج لسنين طويلة وإرادة حديدية لبلوغ المراد.

قال لي أحد الشباب، وهو مهندس،أن الديمقراطية سنصل لها خلال عام،فضحكت وقلت له"ما نيل المطالب بالتمني"،الطريق مازال طويلاً،لأن الإصلاح صعب،أما الفساد فطريقة سهل وسريع،بالنسبة للديمقراطية التي نريدها لن نصل إليها إلا بالقضاء على الفقر بإقامة المشاريع العملاقة لدفع عملية الانتاج،ونشغّل الشباب العاطل للقضاء على البطالة،حتى لا ندعه لقمة سائغة في أيدي المتأسلمين،ليغسلوا له دماغه بحور العين وقصور الجنة ويحثونه على النحر والانتحار،ساعتها سيزدهر الاقتصاد،وسيرتفع معدل دخل الفرد،لأن نصف سكان مصر يعيش تحت عتبة الفقر.

لن نقضي على عوائقنا الاقتصادية والسياسية والثقافية والذهنية إلا إذا صنعنا قرارنا،كجميع الدول  المتقدمة،بالعلم و بالمعاهد المتخصصة في صناعة القرار.لو سألنا ،خلال هذه المعاهد،الكمبيوتر كيف تستطيع مصر أن تنهض لتدخل عصرها وحداثته؟لأجابنا:أولاً اعملوا مثل الهند والصين،اللتين لم تنهضا إلا عندما نزعتا فتيل قنبلة الانفجار السكاني،أنتم أيضاً إذا لم تنزعوا فتيل هذه القنبلة انفجرت فيكم ـ وهي الآن متفجرة ـ أمية وفقراً وجهلاً وجنوحاً وإرهاباً وتعليماً سيئاً إلى آخر الآفات الممكنة والمتخيلة.

قبل الديمقراطية لابد من القضاء على الجهل،بإعادة هيكلة منظومتنا التعليمية من الأساس، لأنها تخرج لنا أجيال جاهلة بروح القرن الحادي والعشرين،لأن نظام تعليمنا يقوم على الحفظ والتلقين وليس على الفهم وإعمال العقل،والنتيجة أنها تخرج لنا حَفظة"كمثل الحمار يحمل أسفاراً" وعلينا أن لا ننسى "أن فاقد الشيء لا يعطيه"،وذلك يتطلب منا إعداد كوادر جديدة واعية بحقوق الإنسان والمرأة والأقليات،تعليم يعد أمخاخ الأجيال الجديدة للمستقبل لتسلم المهمة المنوطة بهم،لا خريجين منعزلين عن المجتمع وروح العصر، يعيشون بأجسادهم في القرن الحادي والعشرين ويتمتعون بأحدث تكنولوجيا فيه، ولا يشاركون في إنتاجها،مما يصيب شبابنا بعقدة النقص،لأنه يشعر أنه أقل من الأوربي والأمريكي،في حين أننا قادرون على المشاركة في إنتاجها،بل وتطويرها كما تفعل الصين.
 الديمقراطية التي نريدها تتطلب منا إعلاماً(سمعي ،وبصري،ومقروء)مستقل ،حر وشفاف.لا إعلام لا هم له إلا إخفاء خطايا النظام أو تبريرها،كما كان يفعل إعلام أنس الفقي من زيف وتزييف،إعلام يقظ لكشف كل قضايا الفساد والرشوة،لأن الإعلام هو الذي يشكل الرأي العام في الدولة،وهو السلطة الرابعة.
الديمقراطية تتطلب الفصل بين السلطات الثلاثة:التشريعية،والقضائية والتنفيذية. حيث لا أحد فوق القانون،وذلك لن يتم إلا بقضاء مستقل عن الدولة ورئيسها،لأنه يحاكم من يخطئ بحرية وحياد كاملين، دونما واسطة أو معرفة بالقاضي،فالناس أمام القانون  سواسية كأسنان المشط،لا فرق بين غني وفقير،أو وزير وغفير،هذه هي دولة القانون وهذه إحدى ثمرات الديمقراطية.

الديمقراطية تتطلب نخبة مثقفة واعية، تمسك بالجرائد والمجلات،لتكتب وتوعي الشباب بفلسفة الأنوار والفلسفة، لتفتح عقولهم الغضة لطرق الحداثة والديمقراطية ومنهجية التفكير، لا صحافة التزييف والتملق التي تسبح بحمد وأمجاد القائد الفذ،والزعيم الملهم.

الديمقراطية تتطلب ترشيد الخطاب الديني ليعاصر عصره،لأن خطابنا الديني الحالي يعيش خارج الزمان والمكان،لذلك وجب على شيخ الأزهر أن ُيعيد تأهيل خطبائه ومدرسيه، بدورات تدريبية لمراجعة مناهج الدراسة فيه،وحذف كل ما يعمل على تغييب الدماغ المعرفي عند طلبته،وليكون خطابه يوم الجمعة معتدلاً، متسامحاً ،يحث على المحبة والإخاء والسلام.كما يجب على الأزهر فصل أي خطيب يتعرض في خطب الجمعة للسياسة من قريب أو بعيد،لأن المسجد بيت للعبادة وليس منبر للسياسة،وفصل أي خطيب يحرض على أي أعمال عنف أو قتل أو إثارة للفتنة الطائفية.وأنا متفائل خيراً بتعيين صديقي د.محمود عزب مستشاراً لشيخ الأزهر وهو الرجل المتنور المتحضر الذي كان يمثل الأزهر في باريس.

 أساس الديمقراطية التي لا غنى لها عنه  فصل الدين عن الدولة كحاجة أساسية للمواطنة،حيث الدين لله والوطن للجميع،ولا فرق بين مسيحي ومسلم في شغل أي وظيفة كانت إلا بالكفاءة، بما في ذلك رئاسة الدولة.

أنا  متفائل، وعندي ثقة كبيرة أننا قادرون على عمل كل ذلك،بل أكثر تفاؤلاً من د.بطرس غالي، الذي سبق وصرح أن أمام مصر والديمقراطية قرن على الأقل،أما أنا وبعد ما رأيته من ثورة الاتصالات فأقول أمامنا وقت ليس بالطويل جداً،إذا خلصت النوايا ولم يهن العزم،قد تطول المدة أو تقصر، ، كل ذلك يتوقف على العوائق التي ستقف في طريق شببنا،وقدرته على تخطيها،لكن مكسبنا الهام في خلال ثورة 25 يناير هي عودة الروح المصرية الوطنية ،وحب المصريين لبلدهم، مصريين ومسيحيين، كما رأينا في صلاة الجمعة وقداس الأحد،والأهم من ذلك هو ممارستنا لنقدنا الذاتي،علينا ألا نتبع سياسة حرق المراحل،ومن يحرق المراحل يحترق فيها، فلن تتحقق الديمقراطية إلا بعمل كل الخطوات السابقة، أعرف أننا تأخرنا كثيراً ولكن على قدر أهل العزم تأتي العزائم،وثقتي في الله و المصريين كبيرة لإعادة مصر "أم الدنيا"كما كانت دائماً،وأخيراً أقول للشباب المندفع بحماسه أن الفرنسيين يقولون إن باريس لم تبنى في يوم واحد.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :