الأقباط متحدون | ماذا بعد الالتفاف حول ثورة 25 يناير؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٨:٥١ | الاربعاء ٢٣ مارس ٢٠١١ | ١٤ برمهات ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٤١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

ماذا بعد الالتفاف حول ثورة 25 يناير؟

الاربعاء ٢٣ مارس ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: د. صبري فوزي جوهرة
انتهت بنجاح مأساة "سلق البيض" المتعمد لرتق دستور1971 المهلهل او قل الكنافة (مع الفارق انها نفاية كريهة الطعم و الرائحة و ليست كنافة). هذا المسخ دعي دستورا فى غفلة من الزمان و بفعل طاغية خبيث مات مقتولا برصاص من حاول ارضائهم به, "فدحش" في مواده سموما كان اكثرها فتكا تلك ال "ال" الشهيرة, التى اضيفت الى عبارة "مصدر" اشارة الى اصول التشريع حسب هذا "السكلانس" المعيب العجيب, لتصبح بذلك "الشريعة الاسلامية" هى المرجع الوحيد المنصوص عليه للتشريع,  وبذلك يفرض عنوة على المصريين قاطبة, المسيحيين منهم قبل المسلمين.

يعلم الجميع  ان الرئيس الاسبق المعروف "بالمؤمن" اضاف هذين الحرفين الكارثييين  ليس اعجابا و اقتناعا بافضلية الشريعة الاسلامية لمصر فلا شك انه كان اذكى من ذلك, اذ ان قوانينها كانت خلاصة لافضل التشريعات الحديثة الملائمة للعصر و المتسمة بالمرونة و القابلية على التغيير و التعديل عند اللزوم. حشرت اضافة  "المؤمن" هذه  لتغليف سم زعاف كان هو مقصده  الحقيقى, وهو رغبته فى الخلود على كرسى الرئاسة. فابتدع تلك الحيلة القرعاء لتسهيل تسويق الامر برمته و القاء "اللعبكة" برمتها الى الشعب المصرى الشهير"بالتدين" (مش مهم انه كان دون علم احيانا بجوهرالدين – اى دين!) ليبتلعه كما يفعل صياد الدببه عندما يخفى عظمه حادة قويه فى كرة من الشحم تمزق حلق الدب عند ابتلاعها وترديه قتيلا دون المساس بفروه الثمين.

لن اتحدث كذلك عن شبهات التواطوء المريب بين حكام مصر الحاليين و دعاة الدولة الاسلامية. فقد وضح ذلك فى انتقاء فردين (بالفاء و ليس بالقاف) بالتحديد, احدهما لرئاسة لجنة عجن الكنافه و الآخركعضو بها, و لن امكث طويلا ايضا عند الاشارة الى التعجيل "المشطشط" على "تعديل" دستور زى قلته لم يعمل به فعلا الا لتقنين اضطهاد الاقباط و الاعتداء على ممتلكاتهم و ارواحهم. هذا بالاضافة طبعا الى ان اعرق الديموقراطيات فى العالم – المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى و شمال ايرلندا- ليس لها دستور مكتوب على اى الاحوال و عمر ما حد هناك اشتكى من هذا النقص الفاضح! هذا بلا شك ان كنا نقبل التنازل بمقارنة ديموقراطية عبد الناصر و السادات و مبارك المتأصلة فى العراقة و التقاليد بما يجرى على ضفاف نهر التيمز.

المهم, بدأت معالم سقوط ثورة 25 يناير البريئه الطاهرة, التى قامت تحت شعارات العدالة و الحرية و الكرامة لجميع المصريين, عندما التفت حولها ضباع و ذئاب الدولة الدينية. فاصبح امام اصحاب الثورة الذين دفعوا ثمنها بدمائهم احد خيارين: اعادة ايام ميدان التحرير المجيدة (مع الفارق انه من المؤكد انهم سيواجهون جبروت الجيش الحاكم فى هذه المحاولة), او الاستسلام التام لما يجرى لهم من "قرطسه". فان كان المسار الاخير هو نهاية هذه الثورة الجميلة فعلينا, نحن من سعد و تفائل خيرا بها, ان نسعى الى الحصول على, و قبول "لقمة " من رغيف كنا قد اعتقدنا فى يوم مضى ليس ببعيد, انه اصبح لنا بكامله.

لن اتحدث كذلك عن المادة الثانية من الكنافه التى تنص على ان الاسلام دين مصر! فهذا قول فارغ المعنى و المحتوى. فليبقى هذا النص الفكاهى فى الدستور الجديد عند صياغته. و سيكون العبد لله اول من يتبرع بثمن تذكرة مصر فى طريقها الى الحج المبرور ان شاء الله. اقترح بعض الحالمين بالعدل و المساواة فى محاولة للابقاء على بعض العدالة ان بقى الاصرار على السيادة المطلقة للشريعة الاسلامية ان تطبق على المسلمين من المصريين بينما يعامل مسيحيي مصر حسب شريعتهم. و هذا, على ما اعتقد, هو ما اشار اليه قداسة البابا شنودة الثالث فى تناوله لهذا الامر الشائك. و لكن الامر لا يكفى ان يترك عند هذا الحد: فماذا لو  اختلف و تقاضى مسلم و مسيحى؟ الامر المؤسف هو انه تحت تفسير القضاة الفاسدين المسيطرين على منصات العدالة فى مصر حاليا, لا يرجى لمسيحى ان ينال حقه من مسلم تعدى عليه و ذلك تمسحا بالشريعة الاسلامية التى لا تسمح, على سبيل المثال, باراقة دم مسلم قبال دم كافر (وغير المسلمين جميعهم كفرة). فاذا التزمنا باحد اهداف الثورة فى الاصرار على المساواة و العدالة, كان علينا فى حالات اختلاف ديانات المتنازعين الرجوع الى قانون وضعى عادل و محايد (يعنى قانون بحق و حقيقى) يفصل بينهما بما يوجبه ضمير الانسان المتحضر, كما يمارس فى كل بلاد العالم ما عدا "الاسلامية" منها طبعا. لا مجال هنا للشكوى من تعدد القوانين فى التعامل مع ابناء الوطن الواحد, وهو امر محزن و منفر, و لكن هذا هو افضل الشرين وهو ما جناه علينا وعلى الوطن اصحاب الدولة الدينية.

انتقل الان الى مسألة الجزية التى اعاد اثارتها مؤخرا "رمزالعدالة و الالتزام بالعهد و القانون" الخارج حديثا من الليمان الشيخ الزمر. انا كمصرى قبطى اقول لاى وقح يطالبنى بجزية: "جز رقبتك انت و اللى زيك". فقد دافعت عن وطنى فى حرب 1967 الفاشلة و لم اكن السبب فى الهزيمه, بل عانيت منها و ما زلت ادفع ثمنها غاليا الى اليوم مثلى فى ذلك مثل مصر و كل المصريين. بل كان مبتدعها دكتاتور حلف على مصحف و مسدس فى غرفة مظلمة.  طلع علينا كذلك القاتل الوقح خريج السجون بفكرة ابعاد المسيحيين عن شرف الدفاع عن مصر اذا ما هوجمت بقوة "مسيحية". و بصرف النظر عن ان القوى المعتدية لا يمكن ان توصف بالمسيحية, فانى اصوب خنجره الى نحره متسائلا: و ماذا عن المسلمين المصريين اذا ما هاجم مسلمون ارض الوطن و هذا امر اكثر احتمالا من "هجوم مسيحى" و ربنا يكفينا شر حماس و ايران و ربما الاخ العقيد (ان قامت له قائمة و لم يصبح قعيد) او تفاقم الخلافات مع السودان (او نصه الباقى) على الحدود او اقتسام مياه النيل؟ حتعمل ايه فى المسلمين عندئذ يا مولاهم؟ هل ستستبعدهم ايضا عن الجيش؟ و مين يدافع عن مصر عندئذ؟ مرتزقة من افريقيا كما يفعل القذافى؟ هل ترى الفساد و العمى الحيثى و النفاق و الكراهية و الغباء فيما تقول؟

اما الجزية و ما يدعى عنها بانها مقابل "الزكاة" فى الاسلام, بعد هزيمة التجنى بالدعوة لمنع الاقباط من الالتحاق بجيش مصر, فاقول اننا ندفع العشور عن كل ما نمتلك و العشور هى اربعة اضعاف الزكاة يا مولاهم! هل انت مستعد لفتح محفظتك لعمل الخير بدلا من ابتداع الشر و القتل بقدر ما يفعله المسيحيون؟ و نحن مستعدين لوضع عشور كل المصريين فى صندوق تحت اشراف هيئة مدنية محايدة تتولى العناية بالمحتاجين من ابناءمصر كافة بغض النظر عن عقيدتهم.

ملخص القول: ان لم يمن فى استطاعتنا تحقيق الحلم الذى راود عقولنا و قلوبنا خلال تلك الايام الخالدة من يناير, فعلينا اعادة تنظيم الصفوف و اعلان الحد الادنى لما لن نتخلى عنه لقيادة الجيش و للطامعين فى اهدار ما  دفعنا ثمنه بدماء و تضحيات ابناء مصر و بناتها من دعاة الدولة الاسلامية.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :