لا تجعلوا كاميليا كبش فداء
بقلم: منير بشاى
مرة أخرى تعود قصة كاميليا شحاتة للظهور. وكان بعض السلفيين قد أعلنوا أنهم سينظموا مظاهرات للمطالبة بعودتها الى الاسلام. واشيع انهم هددوا بالانتقام من نساء الأقباط ان لم يستجاب لطلبهم ولكنهم عادوا وانكروا هذا فيما بعد. ونتيجة لذلك دب الرعب فى قلوب بعض الناس وطالبوا بتسليم كاميليا للسلفيين أو بظهورها أمام الاعلام حتى يمكن سؤالها عن حقيقة اعتناقها الإسلام من عدمه. وكان الرأى الذى أثاره البعض أنه خير أن نضحى بامرأة واحدة من أن نعرض الآلاف من النساء للخطر.
ولكى تتضح الصورة سوف أتعرض لبعض النقاط:
أولا: نحن لا نعرف عن قصة كاميليا الا ما اعلن منها، ومن المؤكد أن هناك الكثير من التفاصيل التى لم تعلن ولا نعرفها. مثلا لا نعرف حالة كاميليا الصحية والنفسية الآن والتى أدت بالدرجة الأولى الى تركها لمنزل الزوجية فى بلدتها والسفر للقاهرة وحدوث ما تلاها من أحداث. كما لا نعرف اذا كانت كاميليا تستطيع نفسيا تحمل الظهور أمام الكاميرا واجابة أسئلة محققين صحفيين محترفين لهم القدرة على الضغط لتقول ما لا تريد قوله من جوانب حياتها التى تفضل ان تحتفظ بخصوصيتها. كما قد لا تستطيع كاميليا مواجهة هؤلاء الصحفيين المقتحمين الذين لهم المقدرة الكلامية على الايقاع بها فى مصايد لتقول ما قد يفسروه بعد ذلك بطريقة منافية للحقيقة. من حق كاميليا أن تتكلم متى تريد ومن حقها أيضا أن تصمت اذا كان هذا ما تريده.
ثانيا: اعلان مجموعة من الناس عن حقهم ان يتصرفوا مع مواطنة بالطريقة التى يروها هو تأكيد لمبدأ خطير ومرفوض وهو حق المواطن أن يأخذ القانون بيده وأن ينفذه بالطريقة التى تعجبه. كاميليا ليست مدينة شخصيا لاى انسان بأى شىء. وان كان هناك شخص له اعتراض على تصرفها فان القانون والجهاز القضائى يجب ان يكون الفيصل. والحل هو ان يقدم كل صاحب شكوى دعواه للنائب العام ويترك الأمر للعدالة ان تأخذ مجراها. والسلطات هى التى يجب ان تضمن حق المواطن اختيار دينه سواء كان ينتمى للمسيحية أو الاسلام وسواء كانت زوجة قسيس أو أى فتاة عادية. هذا ما نتمناه جميعا ولكن لاعتبارات معروفة لا يتم التعامل مع هذه الامور بهذه البساطة.
ثالثا: كاميليا قد ظهرت فعلا أمام الكاميرا وأعلنت بوضوح وبالصوت والصورة أنها مسيحية وأنها لم تفكر فى اعتناق الاسلام فى يوم من الأيام.
رابعا: أن الدكتور سليم العوا أعلن فى أكثر من مناسبة أن كاميليا لم تعتنق الاسلام وأظن أنه لا يوجد من يستطيع أن يزايد على غيرة الدكتور العوا على الاسلام والمسلمين. كما أن مشيخة الازهر ايضا أكدت ان كاميليا لم تسلم. والازهر هو المكان الذى يذهب اليه من يريد اشهار اسلامه وهناك يتم توثيق هذا القرار. معنى ذلك انه لا يوجد فى سجلات الازهر ما يثبت ان كاميليا قد اسلمت.
خامسا: الرضوخ لرغبات السلفيين هو نوع من الابتزاز. ومن المؤكد ان الاستجابة للابتزاز لا يحل اى مشكلة بل يزيدها تعقيدا. إن تلبية الابتزاز سيؤدى الى مزيد من الابتزاز وسيفرضه على المجتمع كمبدا مشروع مقبول لنيل المطالب سواء كانت مشروعة ام غير مشروعة. ان رفضنا للابتزاز هو فى الواقع حماية لآلاف السيدات اللاتى يمكن ان يكونوا هدفا للابتزاز فى المستقبل حتى وان سبب بعض المشاكل فى الحاضر.
سادسا: لو ظهرت كاميليا أمام الاعلام وأكدت ما نعرفه جميعا أنها لم تسلم، فهل سيكون هذا مقبولا عند المتطرفين وينهى المشكلة أم سيستمروا فى التشكيك والادعاء انها ربما كانت تكذب لوقوعها تحت التهديد أو ربما انها تعرضت لعملية غسل المخ حتى تنكر اسلامها؟. اعتقادى ان المشكلة ستستمر.
سابعا: نحن أمام مشكلة انسانية قبل ان تكون قبطية. وهى حق الانسان ان يختار العقيدة التى يراها دون ضغط او تهديد. ولو فرضنا جدلا أن هناك فتاة غير كاميليا كانت قد أسلمت فعلا فى لحظة شك. ثم بعد ذلك فطنت أن قرارها كان خاطئا وقررت العدول عنه - هل يكون من العدل تسليمها الى المتطرفين لينفذوا فيها الحد فيقتلوها لمجرد اننا نريد ان نحمى غيرها من النساء؟ وأين حق المرأة فى الحماية؟
وجه أحدهم لى السؤال: لو كانت لى أخت أو ابنة فى مصر هل كنت أقبل ان أعرضها للايذاء بسبب كاميليا؟ وردى: وماذا عن شخص تكون كاميليا هى أخته او ابنته أو زوجته أو أمه – هل نطالبه أن يضحى بها حتى يتم انقاذ غيرها؟ ولماذا يكون الحل هو التضحية باحد؟ ولماذا لا يكون الهدف هو حماية الجميع؟
ان التهديد الذى وجه للنساء القبطيات يمكن أيضا ان يطال النساء المسلمات ممن لا يرتدين الحجاب فلا فرق بينهن وبين القبطيات فى المظهر الخارجى. وقد أعجبنى رد الفعل عند شابة مسلمة غير محجبة كتبت لى تقول انها ستنزل الى الشارع، كما تعودت بغير حجاب، وليحدث ما يحدث، فحسب تعبيرها انها لا تقبل أن تصبح رهينة لتصرفات المتطرفين والارهابيين.
نحتاج ان نتعلم درسا فى الشجاعة من هذه الشابة المسلمة
Mounir.bishay@sbcglobal.net
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :