"السلف تلف!
بقلم: مينا ملاك عازر
منذ أن كان السلف تلف والرد خسارة، إلى أن أصبح السلف طريق للحكم وفرض الرؤى والآراء بالعنف، "مصر" كانت تُحكم بقبضة حديدية. ولكن بعد أن كان ما كان وثار الثوار، وصل السلفيون لسدة المنابر تمهيدًا لوصولهم لسدة الحكم. وعليك أن تختار بين قاتل متوحش وقاتل محترف وقاتل قتل رحيم!! كمن يخيِّرونه بين الموت شنقًا أو حرقًا أو بقطع الأذن- عفوًا بقطع الرقبة!!
هذا هو حال بلد ثار أهلها، ورحل حكّامها، وبقى جهلاؤها ليحكموا في المستقبل من خلال أُناس ضحوا بديكتاتور فطردوه، وأتوا بآلاف الـ... ليحكموا!! وأشم رائحة دماء ليست دماء شهداء الثورة، ولا شهداء "القديسين"، ولا "سمالوط، ولا "المقطم"، وإنما دماء لشهداء كشهداء "إيران" و"العراق".. شهداء لن يستطيع أن يمشي في جنازتهم أحد لأن من سيفعلها سيكون كافرًا، ومن سيضمن لمن يمشي في تلك الجنائز أن يعود بيته؟!!!
أشم رائحة كريهة أكثر كراهة من رائحة فساد النظام البائد، إذ هي تبدو كرائحة قهر ومر يذوقه الكل باسم الحق والعدل. وفي النظام السابق احتكروا السلع التجارية، وفي النظام الذي أخشى أن يقوم سيحتكروا العدل والحق. وإن كنت تستطيع مقاومة النظام السابق فلن تستطيع مقاومة من سيحتكرون الله. فكيف لك أن تقاوم الله؟ وإن ثرت على "عز" و"جرانة" و"المغربي"، وعلى رأسهم "مبارك"، ومنعتهم الشرعية الدولية من أن تبيدك أو تمتد إيديهم إليك بالسوء، فإنك لو ثرت على محتكري الحق فلا يهمهم شرعية دولية ولا غيره، وانظروا إلى "غزة" في قلق، وإلى "إيران" في غضب، وإلى "أفغانستان" في استنكار، وإلى "العراق" في استياء. من حقك تقلق، لكن لا تصدِّق إنني من أنصار النظام القديم، فأنا أبغضه كما أبغض كل محتكر ظالم يهدِّد الحريات محتميًا بأي لواء.
وأسوأ المحاكمات تلك التي تقف فيها أمام القاضي وهو خصمك، وأمام خصمك وهو القاضي، وأنا جربت هذا، فذقت الظلم. فلن يتجرَّد القاضي من مشاعر الخصومة، ولن يتقلَّد الخصم مشاعر العدالة.. وإن كنت لا تدرك أن "مصر" قد تقع فريسة لسائرين للخلف، اسأل أين الثائرين على الظلم؟ لتجد أن منْ ثاروا بالملايين لم يخرجوا إلا بعد ظلم سنين، ومن يستطيع الخروج ثائرًا كل يوم بعد أن قنَّنوا الثورات وحجَّموا الإحتجاجات؟ وكانت "القاهرة" ساهرة فباتت "مصر" ثائرة، وفجأة أصبحت خارجة على القانون!! ولا تسأل أين الدولة من قاطعي أذن، ولا تترحَّم على أيام "مبارك"؛ ففي أيامه قتلوا وأزهقوا الأرواح، وكان الحل هو الصلح برضه. فلا تتعجب مِن مَن يقيم الصلح في ظل سقوط النظام، فالعرف كان موجود قبل وبعد النظام. فقط ما تغيَّر أن قبل إسقاط النظام كان فيه دستور، وبعد إسقاط النظام بقى فيه إعلان دستوري، وبقى القانون في الحالتين في أجازة، أو قل تحت الإقامة الجبرية، وممنوع من السفر، قل ممنوع من الكلام!!
المختصر المفيد، احذروا.. مصر ترجع للخلف.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :