دعوة لإنقاذ أوغنديات من العبودية في العراق
بقلم: د.عبد الخالق حسين
قرأنا وسمعنا الكثير عن قيام بعض الناس في السعودية ودول خليجية أخرى باستعباد نساء آسيويات وبالأخص فلبينيات، واستغلال حاجتهن إلى العمل خارج بلداهن لدعم عائلاتهن. وهناك عصابات من المجرمين يقومون بدور الوسيط في تهريب البشر (human trafficking) يعطون وعوداً معسولة لضحاياهم بتعيينهن في وظائف شريفة وبرواتب مغرية في دول الخليج الغنية. ولكن ما أن يصلن إلى بلد المضيف حتى ويتم بيعهن إلى أناس لا ذمة ولا ضمير لهم، حيث يقوم المشتري بحجز جواز الضحية ويحبسها في بيته، ويعاملها كمملوكة له من مُلك اليمين، إذ لا يكتفي بتشغيلها كخدامة في البيت فحسب، بل وحتى تعريضها للضرب والاغتصاب الجنسي.
هذه الظاهرة صارت شائعة في دول الخليج وبالأخص السعودية، وما الحوادث التي نسمع ونقرأ عنها في هذه الدول إلا الجزء الضئيل المرئي من الجبل الجليدي. ولكن لم يخطر ببالنا أن يحدث الشيء نفسه في العراق، خاصة بعد تحريره من حكم البعث الفاشي. إذ شاهدنا مرة على شاشات التلفزة البريطانية في عهد حكم البعث البغيض فتاة إنكليزية تعرض حالتها، وكيف تورطت في مثل هذه العبودية في بيت بارزان التكريتي (الأخ غير الشقيق لصدام حسين). كانت الفتاة تبحث عن عمل كمربية أطفال (nanny) وحصلت على هذا العمل في بيت بارزان عن طريق مكتب وكالة في لندن مختصة في هذا النوع من التعيينات. وبعد أيام من مباشرتها العمل في بغداد فوجئت بأنها تعامل كوصيفة، بل وحتى كانت تضرب وتعامل بقسوة ورعونة. وأخيراً استطاعت أن تتصل بالسفارة البريطانية وتتخلص من محنتها.
هذا كان يحصل أيام حكم البعث، وكان محصوراً على نطاق ضيق جداُ في العائلة الحاكمة في العراق، العائلة التي استعبدت الشعب العراقي كله لخمسة وثلاثين سنة. أما وأن يحصل في عراق ما بعد حكم البعث الغاشم، ولعشرات النساء الأوغنديات، ومن قبل مواطنين عراقيين لأنهم أثرياء، فهذا ما لم يخطر على البال مطلقاً.
لقد صعقت بقراءة تقرير منشور على موقع بي بي سي العربي بعنوان (أوغنديات تحولن إلى خادمات منازل في العراق) الرابط في الهامش. ولو كان التقرير من غير بي بي سي لما صدقته، ولكن يبدو أن الخبر صحيح مع الأسف الشديد.
يفيد التقرير: "حصلت بي بي سي على روايات مفصلة بشأن انتهاء نساء أوغنديات إلى العمل خادمات في المنازل بالعراق وكيفية إنقاذهن على نحو مثير من واقع العبودية الذي وجدن أنفسهن فيه.
كانت بروسي تعمل مدرسة في إحدى المدارس عندما سمعت بإعلان مغر في الإذاعة الأوغندية. يقول الإعلان إن شركة في كمبالا توظف نساء أوغنديات للعمل في محلات تجارية داخل القواعد الأمريكية بالعراق مقابل أجور مرتفعة. ووقعت بروسي على عقد العمل المغري رفقة 146 امرأة أوغندية أخرى.. لكن ما أن وصلت إلى بغداد حتى اكتشفت أن رجلا عراقيا اشتراها مقابل 3500 دولار. وعملها الحقيقي هو خادمة في منزل عائلة عراقية. ومثلما هو الشأن بالنسبة للأخريات اللاتي جئن معها، أرغمت بروسي على العمل لساعات طويلة وأحيانا من الساعة الخامسة صباحا وحتى منتصف الليل... وكانت تتلقى في الغالب طعاما قليلا وماء شحيحا ويُقفل عليها الباب في المنزل. وقالت بروسي: "كان هناك عمل كثير بسبب الغبار والعواصف الرملية...وبالتالي عليك أن تواصلي التنظيف من الصباح حتى موعد النوم."
" وتعرضت بروسي للاغتصاب من طرف صاحب المنزل. وقالت نساء أوغنديات أخريات تحدثنا إليهن أنهن تعرضن للاغتصاب أيضا. وسمع مقاول أمني أوغندي يعمل في قاعدة عسكرية أمريكية ويدعى صامويل توم_ويسيجيي عما حدث لهؤلاء النساء. ثم قرر الاتصال بإحداهن وتدعى أكنيس على هاتفها المحمول الذي كانت تخبأه ووعد بمساعدتها."
وأخيراً تم إنقاذ 14 من هن عن طريق القاعدة الأمريكية. أما البقية فما زلن رهن العبودية في العراق.
لذلك نطرح هذه المحنة الإنسانية المؤلمة على المسؤولين في الأجهزة الأمنية، وأعضاء البرلمان، والإعلاميين في العراق، للتحري بالأمر، والبحث عن البائسات الأوغنديات اللواتي وقعن فريسة لكيد النصابين والمحتالين الأوغنديين، لإنقاذهن من الوحوش البشرية من الذين لا ذمة ولا ضمير لهم في العراق.
ففي العراق ترتكب أعمال إجرامية ولا أخلاقية فوق ما يتحمله شعبه، أما وأن يجلبوا نساء من أوغندا، وربما من جنسيات أخرى، لاستعبادهن ومعاملتهن بمنتهى الوحشية كملك اليمين، فهذا ما لم يخطر ببال أحد، ومنافي لجميع القيم الإنسانية والأخلاقية، ويجلب السمعة السيئة إلى العراق.
ـــــــــــــــــــــــــــ
تقرير بي بي سي: أوغنديات تحولن إلى خادمات منازل في العراق
http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2011/04/110402_iraq_uganda_domestic_servants.shtml
abdulkhaliq.hussein@btinternet.com
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :