الأنظمة العربية ومطالب الأقليات ..!
بقلم: أماني الوشاحى
تعتقد الأنظمة والقوى السياسية العربية أن طرح مشكلة الأقليات مؤامرة امبريالية لشرذمة الأمة العربية .. ودائمًا ما تربط بين مطالب الأقليات وأوهام التفتيت وفى مخيلتهم دائما اتفاقية (سايكس- بيكو) الذين تآمروا بها على دولة الخلافة العثمانية .. كما يعتقد الأصوليون الإسلاميون أن طرح مشكلة الأقليات مؤامرة دولية صهيوأمريكية ضد الإسلام ولغته وثقافته ..ففي ظل انتشار الأفكار الديمقراطية وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير للجماعات فئي النصف الثاني من القرن العشرين .. بدأت الأقليات تطالب بالاعتراف بهويتها .. إذ تنتسب للأمم المتحدة حاليا حوالي 200 دولة بينما المجموعات العرقية والدينية في العالم تقارب 7000 مجموعة .. وهذا لا يعنى أن العالم يسير نحو التفتت بل على العكس أن العالم يسير نحو المزيد من التوحد على أساس المصالح الاقتصادية والأمنية .
إن مطالبة الأقليات بحقوقها ظاهرة عالمية وليست ظاهرة خاصة بالشرق الأوسط فقط .. ففي بريطانيا نال الاسكتلنديون والويلزيون والكنتيون حكمًا ذاتيًا وبرلمانًا خاصًا .. كذلك الكتالون في أسبانيا .. وفى فرنسا تم الاعتراف بالهوية الخاصة للمكورسيكيين والبريتانيين.. وفى كندا يتمتع الكويبيكيون بالحكم الذاتي .. ولا أحد يجهل كيف منعت القوميات في الاتحاد السوفيتي السابق من الحصول على استقلالها .. وبعضها لازال يناضل حتى الآن مثل الشيشان .. وما حدث في الاتحاد اليوغوسلافي السابق من محاولات الانفصال الدموية للبوسنيين والألبان والكروات .. ولا يمكن نسيان الصراع الذي أدى إلى انفصال الباكستان عن الهند .. وانفصال بنجلاديش عن الباكستان .. وانفصال تيمور الشرقية عن أندونيسيا.. كما أن التاريخ يذكر لنا كيف انفصلت المجر عن النمسا والنرويج عن السويد .. وإذا اتجهنا شمالاً سنجد قومية اغلب السكان الأصليين لاسكندنافيا قبل غزو الفايكينج وقد حصلوا على كامل حقوقهم كمواطنين .
أننا نتابع الآن على الصعيد العالمي نشاط حركات الأقليات العرقية والدينية والمذهبية للحصول على حقوقها .. البلوش والأحواز في إيران .. الآشوريين والكلدان في العراق .. والأكراد في العراق سوريا وتركيا .. والشركس والأرمن في تركيا أيضا .. والفينيقيين في لبنان .. والشيعة في البحرين والسعودية .. والحوثيين في اليمن..والأقباط والنوبيين في مصر.. والأمازيغ في شمال أفريقيا.
خلاصة القول : أن الأقليات في الدول الناطقة بالعربية ترى أنها مختلفة ومتميزة .. فالحل هو الإقرار بأن الاختلاف ليس عيبًا والمختلف ليس عدوًا .. وان تحقيق مطالبه هو الطريق الأسهل والأقل كلفة للحفاظ على وحدة البلاد .. فهل يقتنع حراس القومية العربية والأصولية الإسلامية بأنهم ليسوا مستهدفين بالمؤامرة الدولية التقسيمية .. فلتبدأ الأنظمة العربية في وضع الحلول الواقعية والعقلانية لمشكلات ومطالب أقلياتهم .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :