الأقباط متحدون | أقباط تحت التمرين
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٥:٢٧ | الثلاثاء ١٢ ابريل ٢٠١١ | ٤ برمودة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٦١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار
طباعة الصفحة
فهرس مع رئيس التحرير
Email This Share to Facebook Share to Twitter Delicious
Digg MySpace Google More...

تقييم الموضوع : *****
٢٧ أصوات مشاركة فى التقييم
جديد الموقع

أقباط تحت التمرين

الثلاثاء ١٢ ابريل ٢٠١١ - ٠٦: ٠٣ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: عزت بولس
الخروج القبطي من قمقم الكنيسة يعد أحد أهم تبعات زلزل ثورة 25 يناير،فمنذ ذلك التوقيت بدأ الأقباط في اتخاذ خطوات واضحة للمشاركة بصورة مكثفة في الحياة السياسية- إن صح التعبير- وذلك بعد أن أختزل النظام السياسي السابق -عن قصد- دورهم في شخص البعض من رجال الكنيسة، مما عمق فكرة الشعور بالتهميش داخل العقل الجمعي القبطي ومن ثم الانعزال عن مجريات الحياة بمصر.

مارس الأقباط بعد الثورة أنشطة سياسية متعددة – من تنظيم ندوات للتوعية السياسية وتظاهرات للمطالبة بالحقوق المهدرة والتعبير عن رفض الممارسات طائفية ضدهم- داخل قاعات الكنائس وخارجها بتعاون على قدم المساواة مع شركاء الوطن.

أستمتع الأقباط بذلك النشاط الجديد عليهم، والذي أتاح لهم للمرة الأولى عرض أرائهم الخاصة ورؤيتهم للمشاركة في صنع مستقبل أفضل لمصر بحرية وبعيد عن رؤى دينية رسمية،مما أشعرهم بالمعنى الحقيقي للمواطنة ومن ثم تنامي الرغبة الصريحة من قبلهم- الأقباط- في طي حقبة الانتهاكات الطائفية التي مورست على مدار سنوات بشكل منظم إلى حد بعيد والبدء في الاندماج من جديد داخل المجتمع وفق قواعد جديدة.

تلك الصحوة القبطية أزعجت المتأسلمون فبدئوا في ممارسة أدوارهم التقليدية- المعتقدون بأنهم وحدهم المستأثرون بمصر ومصيرها، أما غيرهم فليس لهم وجود فعلى مؤثر يُذكر على الساحة المصرية- خاصة وأن هؤلاء المتأسلمون لطالما اعتبروا أن الأقباط بلا حقوق أو وجود بالأساس،ويكفيهم التفضل من قبل المتأسلمين بالسماح لهم بالصلاة داخل كنائسهم، تلك الصلاة التي ليست إلا "منحة " من منظور هؤلاء يتفضلوا بها على الأقباط و "ينغصونها" من حين لأخر بمناوشات تتأرجح بين مستويات عده، وتبدأ من كيل السباب لرموز دينية قبطية بتظاهرات، لتمر بقتل عمدي لشباب بريء بعمر الزهور أمام كنائسهم،وتنتهي بحشد المتشددين وغيرهم بتحريضات واضحة للهجوم على أماكن عبادة بعينها وهدمها دون تفرقة بين إن كانت تلك الدور لأناس عاديين أو رهبان معتزلين بالصحراء،ودوران المتأسلمين مع الأقباط داخل تلك الدائرة الجهنمية -خاصة في ظل التلويح بأن الحس المتأسلم مرهف ويتأذى من رؤية الصليب فوق أبراج وقمم والكنائس- قطع الطريق على القبطي في الالتفات إلى أي محاولات للبحث عن سبل أن تكون لهم حقوق أبعد من المطالبة في الحق بالصلاة داخل دور عبادة أمنه.

بعد نتيجة استفاء 19 مارس الشهير باستفتاء "نعم" للاستقرار والشريعة و"لا" للدولة الكفرة، بدأت أعراض الأحباط تعود مرة أخرى للظهور بأشكال عديدة على الكثيرين من أقباط مصر والخارج، حيث ساد الاعتقاد أن النتيجة الحتمية لثورة 25 يناير هي السير وبقوة في اتجاه الدولة الدينية، التي تعنى بالتبعية "ركن" مسيحي مصر مرة أخرى على هامش المجتمع، ولكن بالتمعن في العوامل التي أدت إلى نتيجة الاستفتاء السابق يُفطن إلى أن "نعم" كانت فقط نصرًا إحصائيًا للتيارات الدينية،لكن واقعيًا كشفت حقيقة ما يجول في نياتهم لدفع هذا المجتمع إلى منحدر العصور الوسطي، حيث يُغيب الوعي، وتسود العقائد، ويسهل قيادة القطيع.

الأعلام المصري – كان أحد عوامل رفع حالة الأحباط القبطي- الذي أصبح يبحث عن دور يلعبه يعيد إليه ما ضاع من صيت، أتاح بـ"غشم" المبتدى الفرص للكثيرين من قيادي الاتجاهات الدينية للظهور والإدلاء بآراء سياسية وغيرها ،أرعبت وأحبطت كثيرين إلا إنها بذات الوقت أظهرت المكنون العدائي لهؤلاء القيادات تجاه الأخر المختلف عنهم بشكل عام وتحديدًا الخلاف العقائدي والفكري،مما أوقعهم كسجناء داخل أله اصطياد التصريحات الإعلامية، تلك الأله التي حاولوا الخروج منها بإطلاق تصريحات مغايرة لرؤيتهم الأولى مما أوقعهم في التناقض ومن ثم فقدان المصداقية والشعبية.
ولكن دعنا نوجه سؤالاً للمحبطين: هل كانت مصر قبيل 25 يناير تبشر بدولة مدنية؟

المتابع الجيد والجاد للتطورات التي حدثت خلال الثلاثين سنة الماضية لأدرك أن الإجابة هي لا،خاصة بعد تنامي حده مدى ما وصلنا إليه تدهور أخلاقي مغلف بشعارات دينية داخل المجتمع المصري الذي تخلى عن هويته المصرية الأصيلة وأصبح مزيج معيب من الشارع السعودي والخليجي والافغانستانى،حيث أستوردنا منهم تقليعات الحجاب الخليجي والنقاب والبرقع الافعانى للسيدات، و الجلباب القصير الغريب على فلاحى وصعيدي مصر للرجال.

هل يمكننا إغفال كم برامج التلفزيون الدينية الممتلئة بفيضانات الفتاوى الدينية المحرضة على نبذ الأخر، وما وصلت إليه ومناهج التعليم ومعلميه من سيطرة توجهات دينية بعينها جعلت الطالب الغير مسلم يُنظر إليه على نحو يحمل ازدراء وتكفير؟ كيف تعمى أبصارنا عن المدارس الإسلامية المتعددة التي انتشرت كالنار في الهشيم على مدار السنوات الماضية وانتهجت طرق تعليمية غرار كتاتيب الماضي في ظل تراخي وزاري لمراقبتها؟ هل يمكننا أن ننسي التعاون الكبير بين رئيس الجمهورية السابق ومجلس الشعب في إصدار قرار بالإجماع لتجميع "لخنازير" من مزارع الأقباط مورد رزقهم وسحلها لقتلها في مشهد مخزي أمام العالم كله؟ هل يمكننا أن ننسي العمرانية وإطلاق الرصاص الحي على الأقباط؟

إذن الثورة يا محبطين لم تخلق تيارات إسلامية دينية جديدة مخيفة، ولكنها كشفت عن حقيقة تلك التيارات التي تربت تحت السطح في ظل رعاية النظام السابق،فمخطيء من يظن أن الجماعات السلفية والجهادية وغيرها من التيارات ذات الطابع الديني قد ولدت من رحم الثورة.

إن الجماعات الدينية التي كانت تقدم نفسها على أنها "دعوية" فقط صبح لها اشتياق كبير الآن للانخراط في السياسة،ليشاركوا كما يريدوا وليتحدثوا عن مناهجهم الفكرية الإقصائية كما يريدوا أيضًا فالكثيرين من الشباب المسلم والمسيحي الآن يمتلكون قدرًا عاليًا من الوعي يسمعون ويشاهدون ويحللون ويقارنون بين ما يسمعوه من الجماعات السلفية المتعددة والأخوان المسلمين- الذين اختاروا الشعار الذكي "الإسلام هو الحل" للوصول لهدفين السلطة المال.
لقد تعود المسيحي على أن النظام السياسي الحاكم هو من يتولى الدفاع عنه ضد سطوة تيارات الإسلام السياسي،لكن على ذلك المسيحي الآن أن يتعلم الدفاع عن نفسه بنفسه حتى لا يصبح"ملطشة" لتلك التيارات أو أداة بيد نظام حاكم يستخدمها متى يريد وبالشكل الذي يريد لتمرير مأرب بعينها عبر شغل الرأي العام بقضايا طائفية مختلقة بأحيان كثيرة.

لقد بدأ الأقباط ممارسة الرياضة السياسية لتكوين عضلات ذهنية تستخدم لرفعة الوطن، وليس لهدمة بالتفجيرات والقتل والسلب والقصاص الفردي خارج إطار دولة القانون، ولهذا فلا داع لليأس وعلى الأقباط إكمال المسيرة ومواصلة الانخراط في العمل العام والاندماج في المجتمع خارج أسوار الكنيسة.
كلى ثقة في مستقبل أفضل مشرق لأقباط مصر ومسلميها الراغبين في اللحاق بالركب الحضاري الذي يتطلب منا أن نعمل من أجله لرفع مستوى الثقافة السياسية للمواطن ومن ثم ضمان ديمقراطية مرتكزة على مبادئ حقوق الإنسان، وليس على تسلط ديكتاتورية ديمقراطية الأغلبية على الأقلية




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :