لذكرى الروائي الفلسطيني عزت الغزاوي
بقلم: شاكر فريد حسن
رئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين ، الذي مضى ورحل عن دنيانا اثر نوبة قلبية حادة ، بعد حياة قصيرة قضاها في انهاض الثقافة الوطنية واغناء المشهد الثقافي الفلسطيني بابداعه الروائي والقصصي وكتاباته الأدبية ومطارحاته النقدية . وبموته خسرت الحركة الادبية والحياة الثقافية الفلسطينية علماً من اعلامها البارزين الناشطين ورمزاً من رموزها الثقافية ، التي تركت اثراً بالغاً وعميقاً على تطور هذه الحركة ومسارها.
عرفنا عزت الغزاوي اديباً متنوع العطاء ، وانساناً هادئاً ورزيناً صاحب قيم ومواقف ، عشق الحياة وآمن بالمستقبل وجسّد فلسطين على الورق وبلور ابداعها المقاوم الأصيل، متشبثاً بالهوية الوطنية والطبقية ، وظل حريصاً على التفرد والتميز في نصوصه ونتاجاته القصصية والروائية والنقدية ، وجاءت لغته غنية وحساسة، وابداعاته واشراقاته مطبوعة بختم فنان مبدع.
آمن الغزاوي بأن الفن الإبداعي ما هو الا اشواق المسحوقين والمهمشين الظامئين والمتعطشين لحياة افضل وأجمل ، واشواق الانسان البسيط الفقير للخبز والكفاف، ورسالة ضميرية لمناهضة البؤس والألم والاغتراب الانساني ، واستعادة انسانية الانسان المسلوبة والمفقودة، وتحرير الكادحين من كابوس الظلم والقهر والاستغلال .
تميزت كتابات عزت الغزاوي بالعمق والشفافية والأصالة والارتباط بكل ما هو انساني وجميل في الحياة ، وفي هذه الكتابات عالج الواقع السياسي والاجتماعي وعبّر عن قضايا وهموم شعبه الفلسطيني الرازح تحت نير الاحتلال وما يعانيه من اذلال وحرمان وفقر مدقع . واستطاع تصوير العلاقة الجدلية بين الأرض والانسان الفلسطيني ، والتعبير عن الصراع السياسي وتسجيل المناخ النفسي والاجتماعي والمكابدة اليومية للطبقات الشعبية الفقيرة المسحوقة ، ونجح في رسم الشخصية الفلسطينية المكتنزة بالأوبئة والعلل والأمراض الاجتماعية وابراز التركيبة الطبقية للمجتمع الفلسطيني ونمط الحياة بين الشرائح الاجتماعية ، وتصوير شعور الاغتراب السائد بين فقراء الوطن.
ترك عزت الغزاوي وراءه آثاراً أدبية وروائية ونقدية ابرزها: "سجينة ، الحواف، جبل نبو، عبداللـه التلالي ، الخطوات، رسائل لم تصل بعد، نحو رؤية نقدية للأدب الفلسطيني " وغير ذلك.
وكان قد حصد جائزة فلسطين للابداع عن عمله "عبداللـه التلالي".
وفي روايته "جبل نبو" يحكي عزت الغزاوي بلغة جميلة مشوقة ومشبعة بالايحاءات والدلالات، معاناة عائلة نزحت من السدير هرباً من الحرب واجتازت النهر شرقاً بينما عادت الابنتان آمنة وعفاف الى قريتهما ، وتقيم العائلة في المخيم وتنتقل بعد ذلك الى بصرى المستلقية بلا اضواء عند خاصرة الصحراء الشرقية ويكتشف رب العائلة جبل نبو الذي يطل على السدير. ومعاناة هذه العائلة ومكابدتها في عالم النزوح والتشرد مثال ونموذج لمجتمع النزوح الفلسطيني ذلك ان مصيرها الفاجع المخذول يوضح للقراء عوامل استمرارية التشرد الفلسطيني .
فسلام عليك يا عزت الغزاوي في ذكرى غيابك ، ايها الرجل الذي لا يموت ، يا رمز الثقافة الوطنية الملتزمة المقاتلة ، والشاهد على مأساة وغربة وكفاح شعبك ، يا من جسدّت معنى اقتران القول بالفعل، والكلام بالممارسة، وحملت المخيم الفلسطيني في عينيك وقلبك ، واعطيت عمرك القصير اغاريد لروابي وحدائق وساحات وحقول الوطن الملأى باللوز والزيتون ، الوطن الذي احببت وعشقت، وطاب ثراك.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :