الأقباط متحدون | بِناءُ الكَنِيسَةِ في أطفيح.
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٠:٢٦ | الجمعة ١٥ ابريل ٢٠١١ | ٧ برمودة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٦٤ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

بِناءُ الكَنِيسَةِ في أطفيح.

الجمعة ١٥ ابريل ٢٠١١ - ٥٨: ٠٦ م +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: القمص. أثناسيوس جورج
حملت الكنيسة تقديسًا خاصًا لدينا ندخل إليها بالوقار والهدوء والسجود ونقبِّل أعتابها وأبوابها وأيقوناتها, لأنها هي بيت الله... الذي تكرَّس وتقدس وتخصص للعبادة ولمحل سُكنىَ العَلي, فحيث توجد الكنيسة يوجد روح الله, وحيث يوجد روح الله توجد الكنيسة, وتقوم كل نعمة وتسري أنفاس القديسين, خارجًا عنها لا يوجد خلاص, وبعيدًا عنها نموت, وفيها تبدأ حياتنا وتدوم أبدية من باب بيت الله إلى باب السماء.

هي مقدسة أبدًا وحيّة أبدًا وحاضرة أبدًا, شبه السماويات وظِلّها على الأرض, مذبحها ناطق سمائي, هيكلها السماء عينها, تعليمها إلهي ملوكي رسولي, تعليم حق وبِرّ ومحبة ورحمة ومسامحة وطهارة وعِفّة وسلام وعطاء وخير وغفران, أسوارها إنجيل الخلاص, وجدرانها شرائع وتسابيح أبوابها ملوكية, وحجارتها حية وأعمدتها إيمان لا يتزعزع, وسقوفها نيّرة سماوية... ما أرهبها لأنها بيت الله وباب السماء, بل هي السماء على الأرض, مناراتها هادية تقدم النور الحقيقي للعالم, صاريها علامة النصرة في فُلك النجاة, وكل من كان داخلها ينجو من طوفان بحر تجارب وشرور هذا العالم وأطماعه, تُبْحِر بنا ناحية ميناء الخلاص إلى المرساة الأبدية.

بناء الكنيسة هو بناؤنا كحجارة حية مرصوصة, وهي بيت مبني من نفوسنا, قوامها نحن, وتجديد مبانيها هو تجديدنا الروحي ونمونا الحي الذي بلا توقف, لأننا نحن بيته... الكنيسة مستشفى وكلنا مريض, ولا دواء عندنا إلا دواؤه, هي سفينة وفُلك النجاة الحقيقي, والله هو رُبَّانها وقائدها, هي حظيرة الحملان الناطقة العاقلة, والله هو راعينا الأعظم, هي ميناء للمسافرين عبر برية هذا العالم, والمسيح هو الطريق, هي أم جميع المسيحيين التي أُخذت من جنب المخلص كحواء المأخوذة من جنب آدم, إنها مؤسسة بالماء (المعمودية) والدم (الإفخارستيا) الذيْن نزلا عندما فُتح جنب المصلوب بالحربة, لذلك هي مستودع الحق, وهي الوسط الحي للروح القدس الذي يقدس الأسرار... فالمسيحي ليس بوزنه ولا بحجمه, لكن بالنعمة المجانية المعطاة له, وباتحاده بشخص ربنا القدوس.

الله هو بانينا وباني كل أحد, وهو الذي يبني كنيسته, يبني البشر ويبني الحَجَر, وإن لم يَبْنِ الرب البيت فباطل يتعب البناؤون, جمال الكنيسة الروحي هو جمال النفوس, الذي يتزامن مع بناء الحجر, لتكون نفوسنا مؤسسة على الله, مبنيّة على الكلمة, مُهَندَسة ومُجمَّلة بالفضيلة, فيصير الرمز والمبنىَ حياة وحقيقة... نتراصُّ كالحجارة ونكون بيتًا وهيكلاً لحميًا حيًا, نعيش كمُدَشَّنين ومُمَيْرَنين بالسر الكنسي, إذ أن نفوسنا وقلوبنا إذا لم تُمسَح بالميرون وتنال ختم الحماية والملكية ونصير مسيحيين بالحق والعمل تُصبح كنيستنا مجرد مبنى مقدس, لكن بهاءنا الروحي وتجديدنا يصير عندما تكون حياتنا معلِنة لغير المنظور.

جدران الكنيسة تتقدس بالتكريسات والصلوات وتُمسح بالميرون الذي يُمسَح به كل طفل مُعَمَّد, إشارة إلى أن الروح القدس سينسكب علينا, كما انسكب على المجتمعين في العلية... وتبقى دائمًا الكنيسة مكانًا ملكوتيًا نكون فيه كالقيام في السماء, وعندما نخرج منها نحمل روحها وتعليمها وتقديسها للعالم الذي نحيا فيه, إذ أننا نُمسح بالميرون كما تُمسح أحجار الكنيسة, لنكون نحن أيضًا حجارة حية, شعب الله المنتمين إلى القديسين ورعية بيت أهل الله... وعندما ننصرف من الكنيسة نحمل ما يليق بها كموضع مقدس وكأناس هابطين من السماء عينها, ونكون كمن يترك بستان الزهور الإلهية وجمال الحضرة الموزَّعة مياهه بأربعة أنهار الأناجيل, التي تُنعش وجه الكنيسة وتقودها بالمنظور إلى اللامنظور, حيث الخيرات التي لم ترَها عين ولم تسمع بها أذن.

كنيستنا هي مركبنا وفُلكنا وسفينة نجاتنا وحظيرتنا وملجأنا ومستشفانا ومدرستنا وميناء نفوسنا, حيث سجودنا وعبادتنا التي تُبطل كل سحر وكل تعزيم وكل قوات شريرة وكل أعمال تنجيم وعِرافة وكل غواية الحية ولدغات إبليس, حيث إنقاذنا وغفراننا وخلاصنا وطهارتنا وشفاؤنا ومعرفتنا وغسل أدناسنا ومَعْمَل مواهبنا, حيث مساكن إله القوت المحبوبة, التي هي عالية ومؤسسة على الرسل ومزينة بفكر وسير الجبابرة, ومقدسة بدماء الشهداء ومُقامة على رُفاتهم كجنة فردوسية من جنب العريس السماوي, مروية من ينابيع دمه المحيي... وهي بحق مدينة مخصبة تفوق كل شيء, وليس من يشبهها ولا من يعادلها في نقاوتها واستقامتها وغناها, غالبة وثابتة رغم المقاومات والمؤامرات, كالذهب تزيدها التجارب لمعانًا وقوة, فتستنير وتقوم وتلبس عِزها, ويُشرق فيها مجد الله كي تسير الأمم في نورها وضياء إشراقها, والله في وسطها فلن تتزعزع إلى الأبد.

مباركة هي الأيادي التي عملت وخدمت بناء الكنيسة, وقدمت من أجل عمار المواضع المقدسة... وليكافئ الله كل من له تعب بالأجر الصالح السمائي, وليحوط بيته بحراسة ملائكته القديسين, مسيِّجًا عليه بسور من نار, وليغرس فينا ذكر خدمته كل حين, ويُنهض نفوسنا لنخدمه كما يليق بعظمته, وليعوض الله الذين مجدوا السيد الواحد الوحيد, والذين عمَّروا أنفسهم وعمَّروا الأجيال يدوم ذكرهم مؤبدًا... وليقبل الله من الذين أرادوا أن يقدموا وليس لهم, ذاكرًا قطرات الدم وحَبَّات العَرَق, محصيًا كل تعب ضمن الأسماء المسجلة في سجل الحياة وسفر التذكرة.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :