الأقباط متحدون | هل تصلح الثورة ما بين اسماعيل وميخائيل؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٦:٠٥ | الاربعاء ٢٠ ابريل ٢٠١١ | ١٢ برمودة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٦٩ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

هل تصلح الثورة ما بين اسماعيل وميخائيل؟

الاربعاء ٢٠ ابريل ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم منير بشاى- لوس انجلوس

قامت ثورة 1919 على اكتاف مسلمى ومسيحيى مصر. وكان الشيوخ يخطبون فى الكنائس والقسوس كالقمص سرجيوس يخطبون فى المساجد. وهى الثورة التى أبدعت شعار "الدين لله والوطن للجميع". وفيها قال القمص سرجيوس مقولته الشهيرة " لو أن الإنجليز متمسكون ببقائهم في مصر بحجة حماية الاقباط فليمت الأقباط ويحيا المسلمون احرارا".
ولكن عندما جاء وقت جنى ثمار الثورة لم يحظ ميخائيل القبطى بشىء يذكر بالمقارنة مع أخيه اسماعيل المسلم. فبعد الثورة جاء دستور 23 ليؤكد ان الوطن ليس مكانا للجميع ونص فى اول بنوده على ان الدين الاسلامى هو دين الدولة. وتبع ذلك تأسيس جماعة الاخوان المسلمين سنة 1928 التى كانت وما تزال شوكة فى جبين الاقباط .
ومنذ أقل من ثلاثة أشهر فى 25 يناير 2011 قامت فى مصر ثورة أخرى عمادها الشباب المصرى المستنير. كانو مسلمين وأقباطا، عاشوا معا طوال الثمانية عشر يوما يأكلون معا وينامون جنبا الى جنب. كان الرصاص لا يفرق بين اسماعيل وميخائيل فأصيب المئات واستشهد الكثيرون من المسلمين والمسيحيين. كانوا ويهتفون معا ضد الظلم والاستبداد والتفرقة العنصرية "يد واحدة..مسلم فبطى.. مش مهم". كان القبطى يحمى المسلم وهو يصلى وكانت القبطية تسكب الماء للمسلم ليتوضى. وكان المسلمون يرددون مع المسيحيين الترنيم "بارك بلادى.. بارك بلادى.. يا سامع الصلاة.. فى قلوب كل البشر".
استطاعت الثورة أن تغير النظام الحاكم، أن تعزل الرئيس وان تحل حزبه وكذا المجالس النيابية. واستطاعت ان تحطم سلطة الدولة البوليسية وتعيد بناء الأمن. واستطاعت الثورة أن تضع كبار المسئولين فى النظام السابق فى السجون رهن التحقيق معهم فيما ارتكبوه من فساد فى الحكم وتبديد للمال العام.
ولكن ثمة قضية واحدة لم تنجح الثورة فى علاجها، فاستيقظ المصريون من الحلم الجميل ليكتشفوا الواقع المرير، الذى يفرض نوعا من التوجس والتخوين بين المسلم والقبطى، والذى يترجم فى الحياة المعاشة الى الرفض والكراهية، وقد يصل للعنف الدموى.
فالتعصب الدينى الذى توغل فى نفوس الناس ما يزال كما هو القوة المدمرة للعلاقات بين ابناء الوطن الواحد. وحتى وان كانت تظهر بين الحين والآخر عبارات المجاملات السطحية، فان هذه لا تلبث ان تتلاشى لدى حدوث هزات فى المجتمع تظهر مشاعرالتعصب المترسبة فتطفو على السطح من جديد.
كان الرئيس السابق حسنى مبارك يعلم هذا جيدا ولذلك كان حريصا على عدم اثارة هذه المشاعر الدفينة. وكانت سياسته ترتكز على مراعاة توازنات بين عنصرى الامة. وفى سبيل تحقيق التوازنات كان يلجأ كثيرا الى ظلم الاقباط عندما كان يرفض بناء الكنائس ما لم يوافق المسلمين فى المنطقة. وكان يرفض ترقية الاقباط الى الوظائف القيادية الا فيما ندر. وكان يحد من تمثيلهم المتكافىء فى المجالس النيابية . وكان لا يهمه ان تكون هناك محاكمات عادلة رادعة لمرتكبى جرائم القتل للاقباط.
ثم قامت الثورة التى أطاحت بنظام الرئيس مبارك وانتظر الآقباط لمعرفة ما اذا كان هذا سيؤدى الى تغيير فى حياتهم. ولكن سرعان ما اكتشفوا أن شيئا لم يتغير للآفضل بل ان كثير من الامور قد تغيرت ولكن الى حال أسوأ. والسبب ان التيار الأسلامى الذى كان الرئيس مبارك يخشاه ويراقب تحركاته قد أصيح الان حرا طليقا يعبث بمقدرات الوطن كما يشاء ويعلنها واضحة ان مخططهم هو تحويل مصر الى دولة دينية يكون المسيحيون فيها أهل ذمة. ناهيك ان هذا انحراف خطير عن مبادىء ثورة الشباب التى طالبت من البداية ان تكون مصر دولة مدنية يكون فيها المصريون جميعا مواطنين متساوين فى الحقوق والواجبات.
وقد ساعد على ذلك وجود نوع من التساهل وعدم الحزم فى تعامل السلطة مع الاسلاميين. وهناك العديد من الأمثلة التى توضح هذا الحقيقة.
المثال الأول هو ما حدث فى قرية أطفيح بحلوان. والحوادث بدأت عقب انتشار شائعة عن علاقة عاطفبة بين شاب قبطى وفتاة مسلمة. هذه الشائعة تسببت أولا فى أعمال عنف داخل أسرة الفتاة أدت الى قتل اثنين. ولكنها امتدت لتشمل الاقباط بالقرية حيث تم الاعتداء وطرد العديد منهم من القرية. ثم بعد ذلك اتجهت الغوغاء الى مبنى الكنيسة وقاموا بحرقه وتحطيم جدرانه. ثم أعلنوا رفضهم اعادة بناء الكنيسة فى مكانها. وقام الاقباط بمظاهرات ماسبيرو وانذر الموقف بفتنة طائفية كبرى فضلا عن الفضيحة العالمية. ولتفادى هذه العواقب لجأ المجلس العسكرى الى طلب مساعدة مشايخ السلفيين فى القرية. واستطاع الشيخ حسان ان يقنع أهل القرية أن يقبلوا اعادة بناء الكنيسة فى مكانها وعودة الاقباط الى بيوتهم. وفى جلسة علنية أعلن الشيخ تسامح اهل القرية وقبولهم ان تبنى الكنيسة. وكان يجلس الى جانب الشيخ مندوب المجلس الاعلى يسمع هذا ولا يضيره أن يصبح القرار النهائى للأمن متوقفا على قبول المتطرفين وشيوخهم ، ولا يضايقه أن يذهب المجرمون دون عقاب، ولا يهمه ان تضيع هيبة الدولة وقدرتها على فرض الشرعية واحترام القانون الى المعتدين.
والمثال الاخر هو ما يجرى الان فى قنا بعد تعيين اللواء عماد شحاته ميخائيل خلفا للواء مجدى أيوب محافظا لقنا، وكلاهما من الاقباط. والمعروف ان المحافظ القديم كان مكروها من الاقباط لممارساته الظالمة ضدهم. وأن المحافظ الجديد لا يلقى تأييد الأقباط خوفا من نفس الشىء. ولكن المواطنين المسلمين رفضوا المحافظ الجديد لاسباب أخرى تتعلق بخلفيته الدينية وتظهر فى اسمه الثالث: ميخائل. قامت المظاهرات الصاخبة التى نادت برحيله وتطور الموقف الى عصيان مدنى أدى الى وقف القطارات التى تمر بقنا. ومرة اخرى يلجأ الجيش للمفاوضة مع الاسلاميين للسماح بالمحافظ القبطى أن يتولى منصبه. واذا نجحت المفاوضات وبقى المحافظ ترى ماذا ستكون فاعلية هذا المحافظ فى أداء واجبات منصبه وكيف سيستطيع فرض الشرعية على مسلمى قنا ومسيحييها ويحكم بالعدل بينهم؟
وسيظل هذا السؤال الخطير ينتظر جواب: هل تنجح الثورة الجديدة فى ايجاد نوع من المصالحة بين اسماعيل وميخائيل، بين مسلمى مصر وأقباطها؟ أم انها ستقوى السد الذى يفصل بينهم؟ وهل هناك من أمل فى المستقبل؟ أما ان قدرأقباط مصر ان يظل مسلسل العنف ضدهم على ما عليه، ومعها اراقة الدماء وسيل الدموع على بناتهم التى تخطف ونسائهم التى تترمل وأطفالهم الذين يتيتموا؟




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :