جُمْعَــة الصلب .... وأحــد التحريــر !!!!!
بقلم: نبيل المقدس
15فَصَرَخُوا: «خُذْهُ! خُذْهُ! اصْلِبْهُ!» قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ؟» أَجَابَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ:«لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرَ!». 16فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ. فَأَخَذُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ. 17فَخَرَجَ وَهُوَ حَامِلٌ صَلِيبَهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «مَوْضِعُ الْجُمْجُمَةِ» وَيُقَالُ لَهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ «جُلْجُثَةُ»، 18حَيْثُ صَلَبُوهُ، وَصَلَبُوا اثْنَيْنِ آخَرَيْنِ مَعَهُ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَا، وَيَسُوعُ فِي الْوَسْطِ. " يوحنا 19 : 15 – 18 " .
عِشنا حوالي ثلاثة شهور وأكثر في حياة قلق وشقاء منذ 25 يناير يوم قيام الثورة , لكي نحقق الحرية والعدالة والتي اتحرمنا منها منذ ستين عاما .. حيث دخلنا عصر التقييد الأرضي , وانتهاكات وهدم الشخصية المصرية حتي أصبحنا في خلال العشرة سنوات الأخيرة من أقل الشعوب شأنا .. واصبحت حياتنا عشوائية بحتة في جميع نواحي الحياة وبدأ شبابنا يشعر أن بلادنا تُسلب وتُنهب . .. فإتخذوا يوم الجمعة من كل اسبوع أياما للحشد وللتجمع وللصراخ ضد النظام الفاسد .... واندمج جميع الشعب بأطيافه في أيام الجُمع يشاركون بعضهم البعض في تحقيق أهدافهم .. حتي وصل بنا الحال أننا كدنا نحن المسيحيين ننسي أعظم يوم جمعة في التاريخ البشري عامة وإلي كل من آمن بهذا اليوم العجيب خاصة .. وهو يوم جمعة التحرير الحقيقي والذي فيه تقدم إبن الإنسان طواعية إلي تحرير البشرية من براثن الخطية والتي كانت السبب في عدم تواصلنا مع الله .. كانت الخطية هي الحاجز بيننا وبين إلهنا .. لذلك بصلب المسيح في يوم "جمعة الصلب" هو إعلان عن بداية حياة جديدة حتي تم إكتمالها بقيامته في فجر اليوم الثالث , في هذا اليوم والذي نسميه " أحد القيامة " او " أحد التحرير " أصبحت البشرية أجمعها متحررة من قبضة الشيطان التي كانت تخنقنا طيلة وقوع آدم وحواء في الخطية.
جمعة الصلب .. أظهرت لنا أن لحياة يسوع قمة .. كانت هذه القمة هي الصليب , فلقد كان الصليب بالنسبة ليسوع هو مجد الحياة الحاضرة , والسبيل إلي أمجاد الحياة القادمة ... فما الذي يجعل الصليب بأن فيه مجد وتمجيد ليسوع ؟؟ " قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَانِ" يوحنا 12 : 23 .
يقول وليام باركلي " أن في موت العظماء مجدهم " ويذكرنا بأنه كلما كان للموت لشخص معين ظروفه الخاصة , أحاط صاحبه بهالة أمجد ... قد يُسيء الناس فهم الإنسان في الحياة , وقد ينتقصون من مقامه , وقد يصل بهم الأمر إلي الحكم عليه , وربما وصل الحكم إلي الموت كمجرم أثيم . ولدينا مثلا إبراهام لنكولن رائد تحرير العبيد في امريكا .. فقد كان لديه أعداء في حياته .. لكن بعد إغتياله إشتركوا في تمجيده , حتي أن وزير خارجيته الذي كان يري فيه أنه مخلوق غير مهذب الطباع , وكان دائما يحتقره .. لكن بعد إغتياله أشار علي جثته قائلا : هنا يرقد أعظم حاكم في تاريخ الإنسانية ... وهناك الكثير في التاريخ مجدهم الناس بعد موتهم أمثال جان دارك شهيدة " الروان " والتي حكم عليها الإنجليز بتهمة أنها ساحرة وهرطوقية , وكان من بين الجموع التي كانت تشهد إعدامها حرقا شخص أراد ان يزيد النار إشتعالا , ومن دهشته وقف واجما أمامها وهو يقول " ياليت نفسي تجد الراحة حيث تكون نفس هذه المراة .. لقد حلت علينا اللعنة جميعا , لأننا أحرقنا قديسة مباركة ."
كم من مرة ظهرت دلائل السمو والجلال والكرامة في اللحظات الأخيرة في حياة الشهداء والقديسين .. وهكذا كان يسوع مع الفارق , حتي أن قائد المئة هتف في ذهول " بالحقيقة كان هذا إبن الله ".. لقد كان في الصليب مجد يسوع لأن جاذبية الصليب قد إجتذبت إليه الجموع أكثر مما إجتذبتهم حياته وتعاليمه ومعجزاته .. وما زال الصليب إلي يومنا الحاضر وإلي نهاية الأجيال , سيظل أقوي مغناطيس يجتذب القلوب , ويجمع النفوس حول من خلصنا من العبودية علي صليب الجلجثة.
كما أن تَجَمُعَنَا في "جمعة الصلب" له فرحة خاصة لأن فيه تتويج للعمل الذي كلفه الله به ليكمله " الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ" يوحنا 17 : 4 .. فالوقوف دون الصليب هو التوقف عن إتمام هذا العمل لأن يسوع جاء إلي العالم برسالة محددة ... رسالة محبة الله للناس اجمعين , فما كان إلا الصليب وحده هو البرهان والدليل علي فيض محبة القلب الإلهي نحو البشر. فلو لم يتخذ يسوع خطوته الحاسمة نحو الصليب لرأينا محبة الله تقف عند حدود لا نستطيع أن تتعداها .
التلميذ يكرم استاذه حينما يطيع تعاليمه ويسير طبق إرادته ... فلقد مجد يسوع الاب السماوي وأكرمهُ , حينما اطاع وصاياه .. كان في إمكان يسوع ان يتجنب يوم "جمعة الصلب" .. كان ممكنا بحسب الفكر الإنساني , ألا يذهب علي الإطلاق إلي اورشليم , بل يبقي في الجليل محاطا بعشيرته وأهله , لكنه بخطي ثابتة سار إلي " ميدان الموت" دليلا علي طاعته الكاملة للآب .
لقد كان الصليب في "جمعة الصلب" أقوي شاهد علي أن البشر يستطيعون أن يقدموا بأسوء ما لديهم , وأن يسوع يستطيع أن ينتصر عليهم . لقد كان الصليب أردأ ما إستطاعت البشرية أن تقدمه إلي يسوع , لكن لحقت امجاد القيامة عار الصليب , وبددت أنوار فجر الأحد ظلمــــات يوم الجمعة الحزينة .... يوم "جمعــــة الصلب" ... !!
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :