ثورة "قنا" والشعور بالذنب
بقلم: صفوت سمعان يسى
ما يحدث في "قنا" من تمرد وعصيان لا يندرج تحت مسمَّى "ثورة"، ولكن هي تظاهرات طائفية مقيتة وعنصرية بغيضة، وهي ليست تمثل إهانة شديدة للأقباط فقط ولكن لكل دعاة الدولة المدنية التي تتسع للكل. فبعد أن ثار متعصبو "قنا" لتعيين "ميخائيل" محافظًا بسبب انتمائه الديني، تدارك بعض منهم ذلك التوجه العنصري، وارتكنوا إلى حجة أنه من جهاز الشرطة التي قتلت المتظاهرين؛ تيمنًا بفيلم "أحمد زكي" "إني لا أكذب ولكني أتجمل"! وإذا كانوا غاضبين من كونه من الجهاز الذي قتل الثوار في "التحرير" فلماذا لم نر أي منهم خرج أثناء الثورة ولو حتى بعدها بأسابيع؟!! وكأن أحداث الثورة لم تصل لديهم لبعد المسافة بينهم وبين "القاهرة"!!!
فمحافظة "قنا" نظرًا لطبيعتها القبلية هي تفتخر بجذورها القادمة من الجزيرة العربية ولا تفتخر إطلاقًا بجذورها المصرية والفرعونية وكأنها حضارة "رجس"! ولذلك هي رفعت أعلام السعودية ذات الصبغة الدينية. وما أن جاء محافظ لا ينتمي لدينهم وفكرهم الوافد حتى ظهر وجههم المقيت المملوء بالتعصب والعنصرية والهتافات الطائفية العدائية، وكأن أقباط "مصر" هم وافدون أو مهاجرون لا يحق لهم تولي أي مناصب! والأنكى تم إدارجها تحت غطاء ديني من لا ولاية لغير المسلم على المسلم!
ودرءًا لماء الوجه، طالب بعض منهم أن يكون محافظهم بالانتخاب من نفس المحافظة.. ولكن على منْ ينطلي هذا الكلام؟ ففي محافظة معظم أهلها من البداوة يحملون السلاح كأنه شرف وعزوة للعائلة القبلية، لو افترضنا أن محافظًا اُنتخب من عائلة "الهوارة" ذهب إلى منطقة يسكن معظمها عائلة "العرب" وحرَّر مخالفة نظافة أو محضر بناء لم يتم مثله في منطقة "الهوارة"، فستكون النتيجة أن يتمرد ذلك الفصيل على المحافظ، ويعتبر الفصيل الآخر المنتمي للمحافظ أن ذلك إهانة لكبيرهم، وستتطور الأحداث إلى خروج السلاح وتصبح الأحداث صراعًا دمويًا.. وليس بخاف الأحداث القبلية الدموية التي تمت في مولد "عبد الرحيم القناوي" بسبب عائلة من الأول الذي يخرج والتي انتهت بتعطيل المولد، وكذلك أحداث "نجع حمادي" والصراع الدموي في انتخابات مجلس الشعب التي انتهت بمقتل ابن "عمر فهمي" وعددًا من مشاركي حملته.. و"الغول" وحملته التي انتهت بمقتل ستة أقباط!!!
إذن مشكلة الأحداث الفوضوية في "قنا" التي أدَّت إلى تعطيل السكة الحديد منذ أكثر من أسبوع وحتى اليوم، ترجع إلى إحساسهم بالذنب لعدم اشتراكهم وسماع صوتهم واسمهم في ثورة 25 يناير. فكان لابد من عمل ثورة أقوى منها وأشد جبروتًا وتنشيفًا للدماغ لإظهار قوتهم وعزوتهم وإنهم أكثر رجولة وشهامة من ثوار "القاهرة" ولا يقلون عنهم! حتى بات أن الأمر لم يعد بسبب إنه قبطي.
لكن لماذا ذلك يكون دائمًا على حساب الطرف القبطي؟ أبعد ذلك لا يشعر أقباط "مصر" بالظلم والغبن تجاه ذلك؟ وخصوصًا كل نتائج أحداث الثورة الخاصة بالطائفية يدفع فيها الأقباط الثمن غاليًا من الأرواح والممتلكات بحكم إنهم الأقل والأضعف، والأهم إيمانهم بعدم العنف والتسامح تجاه الآخرين، والذي يفسِّره المتعصبون بالجبن والخوف، حيث يتم التعامل معهم نتيجة لذلك بالدونية!!!
ولكن أذِّكرهم من التاريخ ما حدث من قرية "السمطا" مركز "دشنا" التابعة لـ"قنا"، والتي لا تبعد كيلومترات عنها، في أيام "جمال عبد الناصر" من توقيف القطارات وقطع الطرق وهز كيان وهيبة الدولة المصرية، إلى أن قام بدكهم بالطيران وضربهم بالدبابات وشتتهم في كل بقاع "مصر".. ولكني لا أطالب بذلك، ولكن هيبة الدولة يجب أن تفعَّل ولا تقتصر على الأقباط وحدهم، ولكن يجب أن تفعَّل في كل "مصر". وإذا لم يستطيعوا فليستقيل نظام الحكم بأكمله بنظام يراعي "مصر" دستوريًا وقانونيًا لا عرفيًا.
ولك الله يا مصر.. فقد خرجت الثعالب من أوكارها واعتقدت أنها ملكت "مصر"، ولكنها لم تتعظ من سابقيها أين هم الآن...!!!
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :