مصر الأم
بقلم د. مجدي الإشنيني
ككل المصريين في شتى ربوع مصر.. أعتز بمصريتي.. ككل مولود على أرض مصر،، ويروقنى دائمًا تعبير "مصر هي أمي".. ككل الذين عاشوا فى مصر منذ القدم وحتى انقضاء الزمن.. وككل مواطن من مصر يميل إلى جزء في موطنه داخل مصر، كأن يبغي أن يصف إقليميته من خلال شخصه أو يصف شخصيته من خلال بلدته، فينسب نفسه لمسقط رأسه، أو للحي الذي شب فيه، أو إلى جذور عائلته، أو إلى مقر أسرته... كل حسب ما يرى أنه ينتمي من داخله إلى أي الاختيارات، لكن تظل مصر الأم التي تحوي وتجب كل الانتماءات الداخلية، كابناء بررة لهم منها كل الحب والعطاء والرعاية، وعليهم لها البذل والنماء والولاء.. فالكل أبناء لها متساوون، لا فرق فيها بين أولادها، إذ هذه طبيعة الأم، وكذلك الأبناء الكل يجب عليه أن يرتمي في حضنها وهو مطمئن، وأن يعطيها كل ما تحتاج إليه.. ويفضلها على أولوياته طالما تحتاج ذلك؛ فقد تطلب!، وقد تنتظر مبادرة أبناءها إذ أنه واجب على كل ابن، لكن الأم لا تستطيع أن تجبر ابنًا لها أن يعطيها، وبالرغم من ذلك يظل ابنا محبوبًا لها، ينال دائمًا كل ما يحتاجه..
ولكن إن عانت الأم من مرض أو إعياء أو كبلت بغاصب يمنعها عن رعاية أبناءها، وجب على الأبناء علاجها ومساعدتها وتحريرها حتى ولو بدمهم..
أما أن تحكم فيها بعض أبناءها الكبار، وجاروا على حقوق أخوتهم الصغار، وأصبحت لا تملك أن ترعى وتعطي ما تبغي وتتمنى، وتظل تنشد أن يشب الصغار عن الطوق، ويحاولوا أخذ حقوقهم بالوفاق مع أبنائها الكبار.. ولكن لو تصلف الكبار وأبوا أن يتراجعوا، وظلوا في إلقاء الفتات لصغار أمهم... تظل الأم تنتظر أن ينضج أبنائها بعدما شبوا عن الطوق، ويصروا على إرجاع كرامة أمهم لها التي أهدرها أخوة لهم كانوا صغارًا مثلهم، وأعطوا كثيرًا لأمهم، لكن حين كبروا وثقت بهم، ومنحتهم حق خدمتها ورعايتها وأولادها معها.. طمعوا، وطمعوا، ثم طمعوا، وبعد ذلك طمعوا إلى أن فقدوا القدرة على التخلي عن الإستطماع...
وفي لحظة أثناء محاولة الأخوة الصغار أن يحصلوا على لقمة أكبر قليلاً من الفتات... أصر الكبار على أن يأخذوا في مقابلها ما لا حق لهم... فهاج الأخوة الأصغر معتمدين على حماس سنهم، وتعاظم يأسهم من جراء فشل سابق محاولتهم... وبدلاً من اللقمة طلبوا وأصروا على وليمة تحوي كل ما لذ وطاب الذي لم يتذوقوه يومًا، وإن سمعوا عنه من أخوتهم،... ولم يتنازلوا هذه المرة عن استعادة حرية وكرامة ومجد وعدالة أمهم، التي باتت مغلوبة على أمرها، محرومة من رعاية صغارها.. إذ أنها مكبلة باستبداد كبار أبنائها...
وفي زمرة هيجان الأصاغر انضم إليهم قوة وبأس كل بني أمهم القريب منهم والبعيد، العفي منهم والمريض، المستكين منهم والثائر، القاطن منهم والعابر، العابد منهم والزاهد، الصوفي منهم والراهب، الداعية منهم والكاهن، من هم أصحاب رأيٍ ومن لهم رأيٌ آخر... فالكل أبناء لمصر الأم والكل مغتصب من كبار أبناءها، ولم تعد هوجة أصاغر بل انتفاضة شعب، ويقظة وطن، واستحياءنا بعد ما ظننا أننا رميم.
ليتنا نعي أننا استعدنا حرية الحياة، وندرك أن علينا أن لا نسمح بإهدار كرامة أمنا مصر...
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :