نشطاء أقباط من أجل دولة مدنية
رامى كامل كان أحد المشاركين فى اعتصام الأقباط أمام مبنى ماسبيرو خلال مارس الماضى، الاعتصام الذى تم كرد فعل على هدم كنيسة أطفيح، وأدى لتأسيس اتحاد شباب ماسبيرو الذى ينتمى إليه، يحاول أن يحدد نقطة بدء النشاط السياسى القبطى قائلا:
«الاهتمام بالملف القبطى كان يمارس أصلا فى المهجر لفترة طويلة، وفى حدود عام 2005 بدأ النشاط القبطى يمارس من مصر، كانت البداية عن طريق المجهود الصحفى الذى تقوم به المواقع الإلكترونية القبطية». ويعطى رامى أهمية خاصة لمجلة «الكتيبة الطيبية»، المجلة التى يشرف عليها القمص متياس نصر الذى كان من ضمن المعتصمين أمام ماسبيرو.
ويقول: «المجلة كانت مهتمة بالملف الحقوقى للأقباط، وهى أول مبادرة مصرية تضع الشأن القبطى فى هذا المستوى».
رامى كامل الذى يوصف الآن بالناشط القبطى لا يرى أنه يدافع عن حقوق خاصة بالأقباط فحسب وإنما حقوق إنسانية: «أنا أدافع عن حقوق عامة، كحق الصلاة، أو الرغبة فى عدم التهميش من وظائف بعينها. إن العدالة لا تتجزأ».
ملامح الحرية التى أتاحتها ثورة 25 يناير جعلت كل الطوائف فى مصر تسعى لإثبات نفسها ومطالبها فى مقابل تراجع دور الدولة، ويتزايد هذا الإحساس مع الشأن القبطى الذى ظل ممتلئا بالقلاقل. هذه الحرية وهذه القلاقل قد تبرران ظهور جيل جديد من الأقباط تجاوز السلبية التى وصموا بها طويلا ليبدأ فى تحديد مطالبه السياسية بشكل أكثر تنظيما، وفى هذا السياق لم يعد من الغريب أن تسمع مصطلح ناشط قبطى.
رغم عمومية مطالبات رامى إلا أنه يشير إلى أن هناك شروطا ينبغى توافرها فيمن سيوصف بالناشط القبطى، أهمها أن يكون داريا بحوادث اضطهاد الأقباط عبر التاريخ، وأيضا تاريخ النشطاء الأقباط، ولكنه لا يضع من ضمنها كون الناشط القبطى مسيحيا متدينا: «هناك مسيحيون أكثر تدينا منى ولا يهتمون بالشأن القبطى حتى لو تعرضوا لمشكلات شخصية، من جهة أخرى فهناك مسلمون مثلا مهتمون بالشأن القبطى».
إبرام لويس ــ الذى كان هو الآخر أحد المشاركين فى اعتصام ماسبيرو، أسس مع زملاء له «حركة شباب ماسبيرو»، وهو يعيد ازدياد حركة النشاط السياسى القبطى لأحداث نجع حمادى فى يناير 2010 حيث قتل 6 أقباط وحارس أمن بكنيسة مارجرجس بالمدينة.
إبرام يؤكد أيضا أنه كناشط قبطى يظل ابنا للكنيسة حتى لو اختلف مع توجهاتها كمؤسسة، ويضرب مثلا للاختلاف بكون وكيل مطرانية قنا يتضامن مع مسلميها فى رفض المحافظ المسيحى، يقول إبرام: «أستطيع أن أتساءل بأى صفة يرفض وكيل المطرانية المحافظ؟».
رغم كون مسمى الناشط القبطى مرضيا بالنسبة لكل من رامى كامل وإبرام لويس، إلا أن المحامى ممدوح نخلة ــ أحد المهتمين من فترة طويلة بالملف القبطى ورئيس مركز «الكلمة لحقوق الإنسان» ــ لا يرى أن التسمية دقيقة، خاصة إذا حاولنا تطبيقها على مجموعة الشباب الذين تظاهروا أمام ماسبيرو، موضحا: «هم لم يتظاهروا من أجل شأن قبطى خاص.
فحرق كنيسة أو تدميرها هو أمر يهدد مصر كلها، ولكن عندما نتكلم عن مسألة مثل مسألة حق الزواج الثانى فى المسيحية أو الخلافات بين المذاهب، فهذه شئون قبطية يتناولها نشطاء أقباط».
ومع أن هذه التسمية غير دقيقة من وجهة نظره إلا أنه لا يعترض عندما تطلق عليه: «أن يقال عنك ناشط قبطى فتلك ليست سبة. وأكاد أقول إننى أول من أطلقوا عليه هذه التسمية فى التسعينيات، عندما قيل عنى فى الصحف إنى محامى الأقباط».
قلق ما بعد الثورة
رغم أن مظاهرات الأقباط التى تلت تفجيرات الإسكندرية فى بداية العام كانت علامة فارقة فى مشاركتهم السياسية وأيضا واحدة من إرهاصات الثورة، إلا أن الأسابيع التى تلت 25 يناير كانت أصداؤها متباينة على الأقباط، وهذا يظهر من خلال رؤى النشطاء، إذ يفسر رامى كامل: «ظهور التيار السلفى جعل الأقباط جميعا قلقين، هذا بالتالى يؤدى إلى ضرورة أن يزيد نشاطنا نحو السعى إلى دولة مدنية».
قلق رامى ليس سببه فقط ظهور التيار السلفى وإنما إحساسه أيضا بأن المجلس العسكرى متحالف معهم: «ما معنى أن يرسل المجلس العسكرى محمد حسان لحل أزمة كنيسة صول، وأن يذهب أيضا لحل مشكلة محافظ قنا، ألا توجد آليات أخرى لدى المجلس العسكرى لحل المشكلات سوى استخدام الخطاب السلفى؟»
يميل إبرام لويس إلى هذه الفكرة: «رغم مشاركتنا فى الثورة، إلا أنه من الواضح أن تأثير الثورة على الأقباط حتى الآن سلبى، نرى أشخاصا غريبين يتصرفون ضد الأقباط، ومن الواضح أن قبضة رئيس الوزراء عصام شرف ليست قوية بما يكفى».
ولكن نظرة ممدوح نخلة لتأثير الثورة كان مختلفا عن الشابين، يقول: «الثورة كان تأثيرها إيجابيا على الأقباط.
فى الماضى كان الأقباط يعتقدون أنهم مستهدفون من الدولة ومن كل المسلمين، أما أثناء الثورة وبعدها فوضح أن هناك استهدافا من قبل البعض الذين يمثلون الثورة المضادة فى حين أن أغلب المسلمين يتلاحمون مع مطالب الأقباط بل ويسعون للدفاع عن الكنائس».
يبدو أن هناك اختلافات بين الأقباط حتى الذين اعتصموا فى ماسبيرو، فرامى كامل مثلا يرى أن «حركة شباب ماسبيرو» لديها مشكلة أنها لا تقبل سوى جيل واحد وهو جيل الشباب وتمتنع عن احتواء الأجيال الأكبر. فى حين يرى إبرام لويس أن «اتحاد شباب ماسبيرو» يتضامن مع تيارات أخرى ربما لا يكون موثوقا بها.
ومع ذلك فعدم توحد النشطاء الأقباط تحت مظلة واحدة لا يضايق ممدوح نخلة، بل يجد فى ذلك تنوعا إيجابيا، موضحا: «هذه هى طبيعة الحياة، وهذا التنوع إيجابى، هناك تفاصيل نختلف عليها، ولكن هناك أيضا خطوط عامة يجمع عليها من يعمل من داخل الكنيسة أو من خارجها، والنشطاء بتوجهاتهم المتعددة».
هذه الخطوط العامة تظهر من طموحات الشابين رامى وإبرام اللذين يحلمان بدول مدنية يتساوى فيها الأقباط مع المسلمين ويعامل الجميع من منطلق مصريتهم. بالنسبة لممدوح نخلة فالمثال الذى يمكن اتباعه هو مثال الدولة العلمانية فى تركيا، الدولة ذات الأغلبية المسلمة والأقلية المسيحية، بحيث لا تشعر بفارق بينهما من جهة المواطنة، يقول: «لن أقول مثال أمريكا، يكفى المثال التركى، وإن كان الناس يخافون من كلمة العلمانية فدعنا ندعوهم لدولة مدنية رغم أنه لا يوجد فارق بين المصطلحين».
ولا يرى نخلة أن هذا صعب: «الدولة العلمانية هى الأصل فى الدول ومعظم دول العالم كذلك، ونحن حتى الآن مازلنا دولة علمانية. الخوف فقط أن تنجح الثورة المضادة فى إجهاض علمانية الدولة».
المواقع القبطية التى انتشرت مؤخرا تعتبر هى أحد أهم الوسائط التى يتحرك من خلالها الناشط القبطى، مواقع مثل (الأقباط متحدون)، (الأقباط الأحرار)، (صوت المسيحى الحر)، (الحق والضلال)، أصبحت محط نظر المهتمين بالشأن القبطى، إذ تركز على الأخبار القبطية التى ربما لا يكون لها الأولوية فى الصحف العادية.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :