مقتل ابن لادن لم يفرحني
بقلم : زهير دعيم
في صباح يوم الاثنين الماضي ، استفاق العالم كلّه على خبر مثير قسم وشطر البشر الى شطرين ، فمنهم من فرح ورقص طربًا، ومنهم من امتعض وحزن وغضب.
نعم فقد استطاع " محاربو اسود البحر" الامريكيون من الوصول – بعد جهد جهيد- الى مخبأ اسامة بن لادن في الباكستان والقضاء عليه وعلى وريثه وآخرين.
هذا الابن لادن الذي آمن بكلّ حواسه بأنّه بقتل البشر " الكافرين" يُرضي الله ويُسدي اليه معروفًا، ناسيًا أن الله أعلن لنا من خلال انبيائه ومسيحه أنّه أبّ سماويّ ،أفضل بما لا يقاس من الابوّة الارضيّة ، هذه الابوّة التي لا تعرف الا البذل والعطاء ، فكيف سيكون حال الابوّة الآتية من فوق ؟!!!.
انه أب حنون لا يُفرّق بين هذا وذاك ؛ بين اسود واشقر واصفر ، بين مسيحيّ ومسلم وهندوسيّ ، فالكلّ ابناؤه ، ويتوق ان يسيروا في موكبه حاملين معهم في الصدور والقلوب شريعته.
هناك من رقص وغنّى واغتبط ، وهناك من حزن وغضب وتحامل ..... أمّا أنا فقد عشت الحيْرة بأمّها وأبيها ، فأنا لا أشمت ولا أفرح والوحي الالهي يقول من خلال حزقيال النبيّ : " والله لا يُسرّ بموت الشّرير ، بل ان يرجع ويحيا "..فهل لي ان اخالفه ام ان اوافقه ؟!!!
فرغم الشرّ الذي زرعه هذا الانسان ( ابن لادن) في الارض فاننا نشفق عليه، ونُصلّي أن يفتح ساكن العرش العظيم عيون مؤديه وأتباعه ، فينبذون العنف والقتل ويميلون الى المحبة ؛ محبة الانسان ، محبة الخير النابعة من فوق والتي هي بلسم شافٍ لكل اوصاب البشر.
حقيقة ليس لنا ان نفرح او ان نشمت ، بل كنّا نتمنى ان يعرف هذا الانسان محبة الإله فيُغيّر طرقه ويتوب ويندم ويعود كما الابن الضّالّ الى حضن الآب.
وصلني من زميلة رائعة تسكن بعيدا خبرا يقول : أنّ هناك كاردينالا طلب ان نصلّي راحة لنفس ابن لادن فقد نقلت وكالة أ.ف. ب. الخبر التالي : قال الكاردينال الفرنسي البير فانهوي الاربعاء ان على المسيحيين "ان يصلوا لراحة نفس" اسامة بن لادن حتى وان كان عدوهم، مؤكدا ان الانجيل يدعو الى الغفران.
وقال الكاردينال المتقاعد البالغ ال87 من العمر الذي يعتبر احد اكبر الاخصائيين في تفسير الانجيل لصحيفة "ال ميساجيرو" الايطالية الاربعاء "لقد صليت لراحة نفس اسامة بن لادن. علينا ان نصلي من اجله كما صلينا لكافة ضحايا اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر. هذا من تعاليم المسيح".
ورغم انني لا اؤمن ان الصلاة والتضرّع بعد الموت تجدي نفعًا ، ورغم ذاك أرى ان هذا الكاردينال نموذجًا طيّبًا للمحبة التي لا تعرف الحقد والشماتة والرصاص والتفجير.
اذكر الطرسوسيّ شاؤول يوم كان عدوا لدودا ليسوع وأتباعه ، فطاردهم وقتلهم ولحق بهم الى دمشق ، وكيف ان الربّ لحق به عند ابواب المدينة ، فعانقه واختاره إناءً رائعًا للبشارة ، فتغيّر هذا " المجرم" الذي كان مقتنعًا أنّه بقتل المسيحيين يرضي الله ويكسب لديه حظوة واكاليل مجدٍ ... تغيَّر هذا الشاؤول ، وأضحى بولس الذي نشر البشارة في كل بقعة من بقاع الارض عرفها البشر آنذاك.
يخطيء من يظنّ أن أمريكا وبوش واوباما يُمثّلون المسيحية دومًا ، فكل امرىء وزعيم لا يعشق المحبة ولا يسير على نهج الموعظة على الجبل ، تكون المسيحية بريئة منه ، وانما يكون يدافع عن مصالح ارضية ضيّقة آنيّة .
كنت في حيرة يشوبها الحزن على ابن لادن وكل من ترك هذه الدنيا معه ، وذهب الى الابدية وليس بجعبته جواز السَّفَر الى الملكوت، فإنّ الاحلى والأجمل ان يمتلك الانسان جوازين : الاول من وطنه والآخر- وهو الاروع – من والى السماء.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :