- مذكرات راغب مفتاح(ذكريات اجتماعية واقتصادية فى الموسيقى القبطي 3- البحث عن الألحان القبطية ومقاومة حركة الاصلاح
- د. "صفوت حجازي": لا أعتقد حل الأزمة بظهور "كاميليا" لأنها ظهرت من قبل
- أهداف الأديان وهدف الدين البهائي 1-3
- خالتي وخالتك
- بالفيديو: أهالي ومصابو "إمبابة" يروون لـ"الأقباط متحدون" تفاصيل الاعتداء عليهم
الهوس الديني إلى الهاوية
بقلم: ماجدة سيدهم
"عندما يتزوَّج الخوف الفوضى يصبح جميعنا قضاة بلا فهم وآلهة بلا ضمير".. من ديوان صمت امراة على الهامش للكاتبة "ماجدة سيدهم".
المشهد المفتعل صار حقيقة واقعة، إذًا لا يهم الآن منذ متى نشبت جذوره وتأصلت روافده، لم يعد يُجدي الركض وراء تفسير الأسباب واقتراح الحلول المتباينة والمتراكمة بين ردهات المؤتمرات وأرفف المكتبات ومرأى الفضائيات، لم يعد ينفع لغو المقترح النائي عن الحقيقة الواضحة في استهلاك ممل وغير مجدي لأكبر مساحة من الوقت في إنهاك الإنسان المصري وراء أيام مصابة بالإعياء وبات الكل مؤجلًا؛ الأفكار مؤجَّلة، المكاشفة مؤجَّلة، المواجهة مؤجَّلة، العقل مؤجَّل، الصدق مؤجَّل، والمبادرة الجريئة مؤجَّلة إلى أجل غير مسمَّى، ليطل علينا في السنوات الأخيرة الماضية طرح أكثر عقمًا وسذاجة هو ما يطلق عليه بـ"حوار الأديان"، بينما يواكبه في ذات الوقت ذاك الصراع الصخري لاستعراض القوة البدنية والنفسية في اجتياح أكبر المساحات لتشييد أضخم المعابد الصماء وأعلاها، مآذن هنا وقباب هناك، وما بين سطحية حوار الأديان وتصادم الثقافات والرفض المسبق للآخر، تفشَّى الهوس الديني إلى حد الولع بالخرافة والجهل والعنف والشره، إلى الصياح والتعدي المقرون بعدم الفهم، حتى بات جليًا للعيان ما نعانيه من فراغ وجداني وثقافي شديد، فضلًا عن ضآلة العقل وضحالة الفكر السائد والمسيطر الآن على ساحة الشارع المصري، بينما يُعد الأكثر خيبة ذاك الإعلام الذي تحت مسمى وهم الديمقراطية بات يتبنى عرض وطرح وجهات النظر المتردية والسلفية المروِّجة لثقافة إقامة الحد وفرض الجزية وإقصاء المرأة، وربما نعود إلى عادة وأد البنات وتجارة الرقيق وما شابه!! ألا يكفينا من خيبات بعدما صارت فتوانا محلًا للضحك والسخرية! ألا يُعد الهوس الديني ثمة الشعوب والأمم المراهقة تغطية لعورات عدم الفهم وعدم التقدير؟!
وبعد ما آلت إليه أوضاعنا الآن من انقسامات حادة متباينة تارة وعزوف عن الأحداث برمتها تارة أخري، أطرح السؤال: ماذا قدَّم الفكر الديني والمؤسسات الدينية على مر السنوات الطويلة للإنسان غير اتساع الهوة وفقد الشهية إلى الحياة والمزيد من الشقاء والتعاسة؟! الأمر لا يحتاج إلى تفكير أو سرد أو تحليل بقدر ما يدعو إلى التفاتة صغيرة إلى كومة الزحام المتهالك بالشارع المصري لنقرأ كل هذا الاغتراب والارتباك والحلم البائس، ما يدفع للتأكد أنه لا توافق أو تصالح ما بين الفكر السلفي الديني وطبيعة شعب يسكن النهر..
إذًا ليس ثمة أديان، بل هناك إيمان الذي هو حالة وجدانية خالصة وعلاقة روحية ما بين المرء وما يؤمن ويعتقد، إذ أثبت كل من الخطاب الديني وحوار الأديان فشلهما بجدارة، لذا لسنا في حاجة إلى المزيد من المآذن والقباب، لسنا في حاجة إلى نصح وإرشاد ولاة الدين بفقرهم المستحيل للوعي والثقافة، فالحلال بيـّن والحرام كذلك، وأيضًا كل الأشياء متاحة لكن هناك ما لا يليق. نحن في حاجة عاجلة وملحة إلى حوار إنساني وأخلاقي نبيل، في حاجة ضرورية لإعادة تربيتنا من جديد على الحب والجمال والفهم والتعايش والعناق والتسامح والانفتاح والعمل والبذل والانتماء والإبداع والضحك و.. نحتاج الآن إلى ثورة حقيقية على قوى الجهل والأمية الإنسانية، هي ثورة اكتشاف الإنسان الميت فينا لنكون حقًا جديرين بأنفسنا والحياة والوطن.. لذا فليذهب الهوس الديني إلى الجحيم غير مأسوف عليه، لتسقط الحجارة على تاريخها المرصَّع بالرعب والغضب وتشويه الجمال والنور والحياة، ولتكن المصانع ولترتفع المدارس والمستشفيات ودور الرعاية، وليتدفق استصلاح الأراضي والبنية الأساسية والمساكن ورصف الطرق والبحث العلمي وتشجير المدن وتوفير الأدوية والمتنزهات والمسارح و.. لتكن الكرامة وليكن الإنسان.
فلنغتسل الآن بدم شهداء الحرية الذي هو طريق المصالحة بين المرء ونفسه والآخر والحياة، هذا جل الإيمان. بالمزيد من المحبة يرتفع الفهم والمعرفة في امتلاك القدرة على التمييز في الأمور المتخالفة.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :