جمعة الوحدة الوطنية
بقلــم: أنطــونــي ولســن
تم الأتفاق على التوجه ألى ميدان التحرير ، المكان الذي شهد بزوغ شمس جديدة في مصر ، شمس الحرية التي أنبتت ثورة التحرير التي كان يحلم بها كل مصري أصيل .
توجه رجال مصر ونسائها يوم الجمعة 13 مايو هذا العام 2011 بالفعل إلى ميدان التحرير مطلقين على اليوم الذي تجمعوا فيه بيوم جمعة الوحدة الوطنية معبرين بذلك عن إرادة شعبية لتحقيق الوحدة الوطنية قولا وفعلا لا مجرد كلام . وهذا شيء عظيم جدا ما من مخلص لمصر إلا ويريد الوصول إلى هذا المراد لأن في الوحدة الوطنية أمن وأمان لأبناء مصر ودفعة قوية حقيقية نحو غد أفضل ومستقبل مبشر بالنهوض بمصر من كبوتها التي عانت منها طوال عهود ثلاثة حكام من أبنائها خانوا القسم الذي أقسموه بالعمل على رفعة مصر والشعب المصري إلى مستوى يليق بها وبشعبها . لكن مع الأسف كل واحد منهم أخذ معولا حسب ما ينوي إستخدامه وبدأ بالهدم وكل بفلسفته الخاصة وبطريقته التي إختارها وأحاط معول الهدم بهالة مضيئة من البروباجندا التي تعمي العين فلا ترى وتخرس اللسان فلا يتكلم وتسد الأذن فلا تسمع .كل هذا والشعب خانع قانع بحكم الله وأبناء بلده الحكام الذين ما ظنوا يوما أنهم خونة يبيعونهم من أجل مجد شخصي أو حب التحكم أو الغنى الفاحش بالسرقة والنهب .
وكان القاسم المشترك الأعظم بينهما تحرير فلسطين وإلقاء إسرائيل في البحر والقومية العربية والوحدة العربية وما شابه ذلك من شعارات فضفاضة ومؤثرة تجعل الشعب المصري يربط حزام البطن وكل الأحزمة في سبيل تحقيق كل تلك الأحلام التي تنادي بها الشعارات . مع الأسف لم تتحرر فلسطين ولم يلق بإسرائيل في البحر ، بل أصبحت يدا عليا في تهديدنا في مياه النيل عن طريق إثيوبيا وقد إحتلوا جزءا عزيزا من أرضنا سيناء ، حقيقة أننا إستطعنا إعادتها بعد أن دفعنا ثمنا باهظا من الأرواح والمال وتبعيات ذلك الإنتصار التي أثرت على البنية الوطنية للشعب المصري والتي كانت تبعياتها بدأت تظهر بعدما أطلق الرئيس المؤمن الجماعات الإسلامية لتعيث في الأرض كراهية وضغائن بين أبناء الوطن إلى أن وصلوا إلى إغتيال من أطلق صراحهم . وتولى الرئيس مبارك سدة الحكم ومن الطبيعي لم تغب عن ذهنه حادثة المنصة وحمد الله وشكر فضله أنه لم يصب بأذى .. مما دفعه إلى المهادنة تارة وشد الأذن تارة أخرى ولسان حاله " ياعم خليني في حالي " ووجد حاله في الإثراء والتوريث وأحاط نفسه بعصابة نهبت مصر وأجاعت الشعب وترك للأخوان المسلمين الشارع المصري يشكلونه ويلوننه كما يشائون ويحبون وكانت المصيبة الكبرى التي أبتلي بها الشارع المصري .
أنا لا أكرر نفسي فيما أكتب ولا أشطح بعيدا عن صلب الموضوع .. لكن في التكرار والإعادة إفادة لذوي العقول المحتاجة لتعي وتفهم .
كان من الطبيعي أن أتطلع إلى هذا اليوم العظيم الذي حلمت به مع كل محب ومخلص لمصر . أخيرا الوحدة الوطنية قاب قوسين أو أدنى لتصبح واقعا ملموسا يعيشه الشعب المصري خاصة الأجيال التي تعلمت في المدارس كيف تكره شقيق الوطن وكيف تنعته بالكفر وكيف لا تطيق رؤيته لأنه يدين بدين الكفر وأخفو عنه ما يقوله دينهم عن هؤلاء الكفار.
ما علينا لا أريد أن تضيع بهجة الأنتظار في هواجس كتبنا وتكلمنا عنها كثيرا ، والأفضل أن نفكر في الغد المشرق الذي بدأ شعاع شمسه يطل علينا في جمعة الوحدة الوطنية .
وكانت المفاجأة التي لم أكن أتوقعها أو أنتظرها أو حتى تخطر على بالي .. بدأت أمواج الشعب تتلاحق في خطوات ثابته وتلاحم شعبي رائع المحجبة مع السافرة ، ذا اللحية مع غير الملتحي ، الكهل مع الشاب يعلو وجه كل أو لكي أكون صادقا غالبية المتجمعين أقول يعلو وجه كل منهم إبتسامة الرضى والرغبة الحقيقية للتغير .
إكتملت الصورة وإزداد عدد المتواجدين وبدأت الأعلام ترفر عالية فرحة بيوم الوحدة الوطنية . لكن المفاجأة كانت في عدد الأعلام الفلسطينية بنسبة عشرة إلى واحد من أعلام مصر . واللافتات الفلسطينية تكاد تغطي لافتات الوحدة الوطنية وتعجبت هل يوم الوحدة الوطنية تم إلغائه دون معرفة الشعب وحل محله يوم الأخوان المسلمين والتيارات الأسلامية التي وضحت الرؤيا بإدارتهم لأمور الخطاب الوطني إلى ما يتماشى مع رغباتهم ومتطلعاتهم وتحكموا حتى في من يسمح له بالكلام أو وقفه عن تكملة كلامه والجدع يعترض .. طبعا في الحالة دي ما فيش حد جدع .
شعار " نريد فتح معبر رفح بشكل دائم " وغيره من مطالب للفلسطين لم يكن في موضعه بالنسبة إلى يوم الوحدة الوطنية . لم تتخلى مصر ولا الشعب المصري مسلميه ومسيحييه عن مساندة الأخوة الفلسطينين في عدالة قضيتهم ، ولا يجب أن ننسى أو نهمش ما نادى به ومازال ينادي به قداسة البابا شنودة من الأصرار على عدم ذهاب المسيحيين للقدس إلا إذا وضع على الباسبور ختم الدولة الفلسطينية .ونحن في المهجر عن نفسي كتبت عشرات المقالات عن فلسطين والفلسطينيين وبعض القصائد في مناسبات خاصة وخطيرة . بل بعد توقيع إتفاق أوسلو وظننا أن الدولة الفلسطينية على الأبواب إعلانها فكتبت ما عرف بالنشيد الفلسطيني بعنوان " عاشت فلسطين حرة عربية " وتم تلحين النشيد من موسيقار مصري معروف الأستاذ مجدي بولس وغنته شابة فنانة فلسطينية هي منال حاج وتم بالفعل تسجيله مع أغاني لها على سي دي وشرائط كاست وأقمنا حفلا كبيرا حضره القنصل العام المصري وبعض الفاعليات المصرية والعربية وقدمنا النشيد بعرض رافعين العلم الفلسطيني والفنانة الشابة تتوسط حاملي الأعلام متوشحة بالعلم الفلسطيني مما حدي الجميع وكان عددهم يفوق 800 بالوقوف إحتراما للعلم الفلسطيني والذي صاحبه العلم الأسترالي .
ما أردت أن أقوله أن القضية الفلسطينية هي مشكلة مصر والشعب المصري الذي كان ومازال يقدم للشعب الفلسطيني الدعم الكامل لقضيته .
أما أن يتحول جمعة الوحدة الوطنية إلى جمعة الأخوان المسلمين ويطالبون بفتح معبر رفح بصفة دائمة فهو شأن وطني في المقام الأول ولا يبت فيه قبل إستتاب الوضع في مصر بوجود رئيس جمهورية منتخب وحكومة أيضا منتخبه ونعبر عنق الزجاجة التي تمر بها مصر إقتصاديا وإجتماعيا ودينيا وسياسيا أيضا فهذا أمر فيه إستهانة وإستخفاف بمن يقومون بإدارة شئون البلاد لحين إستقرار الوضع بمصر . حماس قبلت الإتفاق مع فتح بعد تدخل من ألأخوان المسلمين في الأمر ولو من بعيد . هذا لا يعني أن نستغل ذلك بمثل هذه المطالب وفي يوم مخصص للوحدة الوطنية .. عيب هذا تصرف غير وطني .
أسأل نفسي أحيانا هل المليونات التي أصبحت كشيء أساسي في الحياة المصرية يجب الأستمرار في القيام بها كل يوم جمعة ؟؟!!
لقد رأيت في يوم الجمعة الماضي " جمعة الوحدة الوطنية " لا فرق بينه وبين تقبيل اللحي والجلسات العرفية ، وهذا يأخذنا إلى فقدان الأمل في غد أفضل .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :