جعلونى مجرما
بقلم: هيام فاروق
ذهبت إلى إعتصام ماسبيرو يوم الجمعة الماضية .. والحقيقة كان ذهابى لأكثر من سبب .. أولهم هو رغبتى فى مقابلة الأب العظيم القمص متياس نصر والأب البطل القس فيلوباتير جميل لأطرح عليهم إقتراحى برفع الإعتصام إلى حين إنتهاء أبناءنا من فترات الإمتحانات .. والسبب الآخر هو رغبتى فى معاينة الموقف والوقفة والشعارات والإطلاع على المطالب .. ورؤية مشاعر المعتصمين .
ذهبت وقابلت هناك بعض إخوتى الذين أعرفهم من محررى المواقع القبطية وأيضا تعرفت على آخرين من أصحاب الفكر والرأى .
فى البداية شاركت معهم فى الترانيم الروحية الجميلة بل الرائعة والتى تقال من قلوب أروع و مشاعر جياشة مهما شاهدتها من خلال شاشة التليفزيون فلن تكون أبدا مؤثرة مثلما شاركت فيها فى قلب الحدث . وكم لفت نظرى النظام والأدب الجم من الرجال تجاه النساء وخوفهم عليهن ومحاوطتهم لهن بمنتهى الأخوة والأمانة والمحبة . حقا وقفة سلمية رائعة لم أشهدها من قبل .. دموع ساخنة تسقط من عيون الجميع ناطقة بأنين قلوب تئن وتتأوه حزنا على حقوق مهدورة وكنائس محروقة وأبناء مفقودين وبنات مختطفات وعنصرية بغيضة .
تنازلت عن أى إقتراحات كنت أنوى تقديمها وقررت أن أذهب يوميا ولو لساعات قليلة . وإذ بى أفاجأ فى صباح أمس باتصال من أحد إخوتى المعتصمين بخبر غريب وسيء .. وهو قرار الجيش بسحب قواته عن حماية المعتصمين !!!!!! ما هذا الهراء ؟؟؟ توقعت فى التو واللحظة أنه ستحدث مجزرة وكأن الجيش أمسك بميكروفون قائلا للسلفية والبلطجية .. إذهبوا يا أهل الإجرام فعندكم الأقباط لا يحملون أسلحة ولا ذخيرة .. والمكان أمامكم متاحا .
أهذا هو الجيش المصرى العظيم ؟؟ ولماذا لم يستجيب المجلس العسكرى لمطالب الأقباط ؟ أهى غير مشروعة ؟ أبدا .. أهى صعبة التنفيذ ؟ أبدا .. فالمطالب بسيطة .. فما المانع فى القبض على الجناة الذين أحرقوا كنائسنا ؟ مع العلم أنهم معلومين بالصوت والصورة على اليوتيوب والمواقع الإلكترونية كلها !!!! ما المانع فى الإفراج عن جرجس بارومى المتهم بالاعتداء على طفلة فرشوط المحنكة فى الدنس والدعارة رغم صغر سنها ؟.. والذى ثبت بالطب الشرعى أنه يعانى من عيب خلقى وليس له نهائيا فى هذا المضمار .. ما المانع فى الإفراج عن تاسونى مريم الراهبة المكرسة والمريضة والمقعدة حاليا والتى إتُهمت ظلما فى قضية تبنى وهى لم ترتكب جرما قانونيا .. ما المانع فى الإفراج عن المعتقلين الأقباط الذين قبض عليهم فى وقفة ماسبيرو الماضية ولم يفعلون أى جرم فهم معتدى عليهم وليسوا معتدين على أحد . ما المانع من فتح الكنائس المغلقة ؟ كلها مطالب مشروعة يا ناااااس .
أريد أن أصرخ بعلو صوتى .. أين ومتى وجدتم قبطى يحرق جامعا ؟ أين ومتى وجدتم قبطى قتل مسلما بسبب عنصرى ودينى ؟ أين ومتى سمعتم عن قبطى قطع أذن أحد ؟ أو ذبح أحد ؟ أو حتى نظم مظاهرات من أمام الكنائس لسب رموز دينية لها من الوطنية والتاريخ ما يشهد له العالم كله ( قداسة البابا شنودة ) ؟ أثق بأن لكم إله وهمى أمركم بارتكاب هذه الجرائم والقتل والبلطجة واستخدام السيف والإرهاب تحت شعار ( لا إله إلا الله ) . أين الإعلام المملوء بقنوات عارضة لهؤلاء وقياداتهم ورد السجون .
أعلن المجلس العسكرى أمس أن صبره قرب على النفاذ .. ونحن أيضا نفذ صبرنا منكم يا قواتنا المسلحة .. سحبتم قواتكم ونحن أيضا لا نريدكم .. تصنعون من شعبكم شعب همجى .. شعب دموى .. شعب فرعونى .. أين ثورتنا المصرية التى تشدق بها العالم ؟؟ بماذا بهرتم العالم ؟؟؟ بدمويتكم ؟ بإرهابكم ؟ بعنصريتكم ؟ بانفلات أخلاقكم ؟ بتدينكم المريض ؟
يا خسارة يا مصر أصبحتِ عجوز متهالكة .. غير لائقة بتربية جيل يحمل إسمك .. هانوكى أبنائك بصفاقة ليست عجيبة .
لا أريدك .. لا أريد أن أعيش فى وطن أهوج عديم المروءة .. يقمعنى ويلتهم كرامتى ثم يطالبنى بالإنتماء لمجرد إنى شربت من نيلها .
لا أريد لإبنى مستقبلا محتملا فى سلك الإرهاب .
لا أريد هذا التخلف العقلى لإبنى بل أريده يحمل عقلية مستنيرة متفتحة متعلمة أفخر بعقله وعلمه .
منكم لله يا مدعى الدين والتدين .. جعلتم رباط القومية كرباط الحذاء تماما .. أهدرتم دم مصر وجردتموها من شرف تاريخها وحضارتها وحطمتم كل المزايا . جعلتم المجتمع المصرى يتفوق فيه الداء على الدواء .
جعلتم واقعنا مُخزى .. ومجتمعنا ينحدر إلى الهاوية تحت راية ( الله أكبر ) .. أما أنا كقبطية لا ولن أنحنى إلا فى صلاتى . ولن أصمت إلا عندما ينعدم كلامى . ولن أقول إغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون .. لا بل أنتم تعلمون جيدا ماذا تفعلون .. فلن أطلب لكم الغفران ولن يغفر لكم .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :