تقرير لجنة تقصى الحقائق المستقلة يوصى بتغليظ العقوبات التى تحض على ازدراء الأديان والمتسببة فى أحداث الفتنة الطائفية
كتب: عماد توماس
أصدرت 8 منظمات حقوقية، تقرير لجنة تقصى الحقائق المستقلة حول أحداث إمبابة، بعنوان " جذور ملتهبة ومستقبل غامض" للوقوف على الأسباب الحقيقية لإحداث الفتنة الطائفة بالمنطقة، والتى استمرت لعدة أيام، و راح ضحيتها 15 قتيلاً و242 مصاباً وفقا لتصريحات مديرية الشئون الصحية بالجيزة، ووفقاً للبيانات الرسمية فإن أسماء الضحايا الاثني عشر هم : صلاح عزيز صليب، وجرجس بشري، ورامي ملاك رضيان، وأبانوب كرم عبد السيد، ومجدي بهجت، ومدحت مجدي فرج الله، ومحمود عبد العزيز رفعت، ومحمد أسامة رمضان، وأحمد محمد حسان، وإسماعيل محسن إسماعيل، وباسم محمد كامل، فضلا عن جثة مجهولة الهوية.
والمنظمات المشاركة فى التقرير هى: جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء، والمنظمة العربية للإصلاح الجنائى، والبرنامج العربى لنشطاء حقوق الإنسان، وجمعية الأمم لحقوق الإنسان، وجمعية الدفاع العربى، والمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدنى وحقوق الإنسان، ومركز سيزا نبراوى للقانون، والجمعية المصرية للتربية المدنية وحقوق الإنسان.
وأوصى التقرير بــ14 توصية، كالتالى:
1. تغيير وتعديل البنية التشريعية والقانونية فى مصر بإجراء تعديلات على كافة القوانين التى ترسخ التمييز بين أفراد المجتمع وموائمتها مع قيم المواطنة والتسامح.
2. تغليظ وتشديد العقوبات التى تحض على ازدراء الأديان والمتسببة فى أحداث الفتنة الطائفية.
3. الإسراع بإصدار قانون دور العبادة الموحد وإلغاء الخط الهمايونى فوراً.
4. تغيير معالجة ملف الاحتقان الطائفى من المعالجة الأمنية إلى المعالجة القانونية والسياسية واسعة النطاق.
5. العمل على إطلاق حرية الاعتقاد وبدون قيود.
6. ضرورة معالجة القصور الأمنى بأسرع ما يمكن وخاصة فى المناطق الفقيرة والعشوائية.
7. ضرورة قيام الجهات الأمنية والسياسية وضع خطة عاجلة لحماية المنشآت الدينية والحيوية.
8. ضرورة وضع الخطط التنموية لمنطقة إمبابة والمناطق المشابهة تفادياً لتكرار الأحداث.
9. على الدولة أن تعمل وفوراً وفق خطة محددة وقصيرة الأجل على وقف ظاهرة أعمال البلطجة والخارجين على القانون والهاربين من السجون الذين يمثلون الذراع الطولى لمحركى أحداث الفتنة الطائفية والتخريب فى مصر.
10. دعوة مؤسسات حقوق الإنسان لتبنى خطة شاملة فى كافة محافظات الجمهورية تركز على نشر الوعى بمفهوم المواطنة والتسامح والتعايش السلمى بين المواطنين.
11. دعوة الأحزاب السياسية والنقابات والروابط وأندية الشباب والاتحادات والجامعات والمدارس لإدماج مفهوم المواطنة والتسامح فى كافة الأنشطة والبرامج التى يعملون عليها.
12. دعوة رجال الدين الإسلامى والمسيحى لتجديد وتغيير الخطاب الدينى التقليدى لاسيما على صعيد اللغة وعليهم تبنى لغة بسيطة تصل إلى عقول وقلوب المواطنين البسطاء.
13. دعوة كافة وسائل الإعلام الكف عن إثارة النعرات الطائفية والتعاطى مع إشكالية الفتنة الطائفية بمهنية وموضوعية وحرفية تدفع باتجاه حل المشكلة.
14. دعوة جميع الأطراف المجتمعية للعمل على ترسيخ مبادئ الدولة المدنية واعتماد المواطنة معياراً أساسياً بين المواطنين.
شهادات حية ورصد ميدانى
منطقة إمبابة :
توجه باحثو المنظمات الحقوقية الثمانية صباح يوم الثلاثاء الموافق 10 مايو 2011، إلى منطقة إمبابة وبالتحديد إلى شارع الأقصر وقد لاحظوا بأنها منطقة تعانى من تكدس سكانى يسهل فيها نقل الإشاعات والروايات دون التحقق من صحتها مع قلة التواجد الأمنى فيها.
وقد أجمعت بعد الآراء من شهود العيان بمنطقة إمبابة خاصة شارع الأقصر بأن يوم الحادث فى حدود الساعة الثالثة والنصف عصراً شهد احتشاد ما بين 15 إلى 30 شخصاً يدعى أنهم سلفيون من خارج منطقة إمبابة حول كنيسة مارمينا مؤكدين احتجاز فتاة داخل الكنيسة تدعى/ عبير- بعد إشهار إسلامها ملبين استغاثة شخص يدعى/ أنه زوج عبير ومن ثم لجئوا لاستقطاب مسلمى منطقة شارع الأقصر وإثارة مشاعر الشرف والغيرة الدينية عند البعض مستخدمين روايات دينية مغلوطة، فتحرك جزء من شباب منطقة إمبابة لمسئولى الأمن بالمنطقة لفك التجمهر حول الكنيسة وشعورهم بحدوث كارثة لا يحمد عقباها ولكنهم تقاعسوا عن اتخاذ موقف حاسم.
وقد أفاد الشيخ محمد على- إمام مسجد التوبة لباحثى المنظمات الحقوقية أنه بدأ الحادث بادعاء من مواطن يدعى ياسين بأنه متزوج من فتاة أسلمت وهى كانت تعتنق الديانة المسيحية وهى من محافظة أسيوط وبعد ذلك تم خطف الفتاة من محافظة أسيوط ونقلها إلى كنيسة مارمينا بشارع الأقصر وعند التحدث مع هذا الشاب بدأ الشيخ بتهدئة الشباب وتوعد بالذهاب إلى القسيس وسؤاله عن الفتاة، حيث أنه توجد بينهما علاقة حميمة، كما جاء على لسان الشيخ محمد على بأن شخص آخر يدعى عادل لبيب وبمعاونة شقيقه وصديق له يعمل بتجارة الأسمنت قاموا جميعهم بإطلاق النار بسلاح آلى على الشباب الذين كانوا يقفون أمام الكنيسة ويرفضون الانصراف دون أن يعلموا مصير تلك الفتاة، وحسب ما قيل إن من قام بإطلاق النار ليس "للتهويش" بل كان مصوبا فى اتجاه الجمع الذى كان يقف أمام الكنيسة من الشباب المسلمين، وهنا بدأت الأحداث.
فيما أشار أحد الأشخاص (مسيحى) يعمل تاجر للدواجن بأن أول من قام بإشعال هذه الفتنة أحد شباب مجهول، كما أشار كل من الشيخين سعد عرفات، محمد على إلى غياب الشرطة وعدم التواجد الأمنى، مؤكدا علم الأمن القومى بالأمر وبدأ التحرك لرصد الموقف بعد فترة من وقوع الأحداث والعناصر التى قامت بإشعال الفتنة داخل هذا الحى، وعندما قال الشيخ محمد على أنه جلس مع قسيس الكنيسة لسؤاله عن صحة تلك الواقعة أشار إلى كذب تلك الادعاءات، واتجهوا لتهدئة الموقف والهتاف أن المسلم والمسيحى يد واحد وفى ذاك الوقت تم قذف زجاجة من أحد المتواجدين تبعها إطلاق عيار نارى فتشابك المتواجدون بالرشق بالحجارة والزجاج المكسور، فلجأ كل من القسيس والشيخ لاستعمال الإذاعة الداخلية للكنيسة ولفت نظر المتواجدين إلى أنها فتنة هدفها زعزعة الأمن والاستقرار إلا أن الأمر قد خرج عن السيطرة وابتدءا تبادل إطلاق النار من الجانبين.
فيما رأى البعض الآخر أن السبب وراء تلك الفتنة بحى إمبابة هو الانفلات الأمنى وتراجعه مما أدى إلى تفاقم الأحداث، وعندما تواجد الجيش فى ميدان الحادث كان قد تم حرق كنيستى ووقع قتلى وجرحى أى بعد مرور أكثر من ثمان ساعات متواصلة من الاشتباكات بين الطرفين.
وهذا أدى إلى ارتفاع عدد القتلى والمصابين من كلا الطرفين واحتقان أهالى إمبابة من بعضهم البعض والحلول الوسطية لا تجدى فى تلك المواقف ولكن العقاب هو الحل المروج من رجال الدولة ضد كل من قام وساهم فى إشعال تلك الفتنة، على الرغم من أنه قد سبقت واقعة أحداث إمبابة واقعة أخرى وهى أحداث شارع عبد العزيز والعتبة، وأيضاً تم اتهام الغياب الأمنى فى تلك الواقعة وهو السبب الرئيسى فى الضرب بهيبة الدولة التى صارت إلى التآكل.
منطقة البصراوى ( شارع المشروع) بإمبابة:
فى يوم ظهر الثلاثاء الموافق 10 مايو 2011، انتقلت لجنة تقصى الحقائق إلى مكان الحادث بإمبابة وتحديداً شارع المشروع بالبصراوى، وتم اللقاء مع بعض شهود العيان ومنهم شيخ المسجد محمد عامر وهو كبير شيوخ المنطقة، وروى الشيخ محمد القصة من أول الأمر بأن شخص ما دخل عليه بعد صلاة العصر وطلب منه الكلمة فاستمع له بأنه له زوجة اسمها أسماء محمد وهى فى الأصل كانت تعتنق الدين المسيحى، ثم أشهرت إسلامها وهى وهو من أسيوط وبعد إشهار إسلامها انتقلت لتعيش معه ثم اختفت فى 5/3/2011 من المنزل، وبعد ذلك جاء له هاتف منها بأنها مخطوفة ومحتجزة فى كنيسة العباسية، ثم انتقلت إلى كنيسة مارمينا بحى إمبابة والذى أخفها هو الإخوة الأشقاء لها.
حيث قام الشيخ محمد عامر بالتوجه إلى باب الكنيسة لبحث الموضوع وإيجاد حل ودى، ولكن تحول الموضوع إلى حرب بعد أن شهد أحد المسيحيين وهو عادل لبيب حشداً من الإخوة المسلمين وبعدها قام عادل بإطلاق عيار نارى فى الهواء، وذلك فى حوالى الساعة 4.30 عصراً بشكل عشوائى من فوق المنزل، مؤكدا انه كان فى السابق الناس فى شارع المشروع جميعاً يعيشون تحت اسم واحد وهو الحب والوحدة الوطنية ولا أحد يستطيع أن يفرق الجانبين عن بعض.
رصد اقتراحات أهالى إمبابة :
• لابد من العقاب وتفعيل القانون وأن يكون هناك أحكام رادعة على كل من شارك وارتكب هذه الجرائم أياً كان مسلم أم مسيحى.
• وضرورة عودة رجال الأمن إلى الشارع حتى ترجع الطمأنينة إلى البيت المصرى.
• المشاركة القضائية حول ما يشغل الرأى العام من حرية العقيدة.
• التأكيد على أنه ليس هناك أى كيان فوق القانون سواء كان جامعة أو كنيسة حتى لا نتدخل فى لغط دولة داخل دولة.
رؤية المنظمات المشاركة فى اللجنة حول الأحداث:
• انتهت تحقيقات وأعمال اللجنة حول أحداث إمبابة إلى عدة مؤشرات أهمها:
1. لابد من الاعتراف من جانب الدولة وجميع الأطراف فى مصر بأن هناك إشكالية احتقان طائفى وعلى الجميع البحث عن حلول بعيداً عن إنكار الظاهرة وتجاوزها.
2. أنه وبالرغم من تداعيات وتجليات الأحداث بشكل سريع إلا أنه الغياب الأمنى وغياب أجهزة الدولة عن الأحداث ساعد فى تفاقمها إلى حد كبير جداً.
3. إن الأطراف التى تسببت فى أحداث إمبابة أطراف عديدة وليست طرفا ًواحداً معيناً وترجح اللجنة ضلوع بلطجية النظام السابق وبمساعدة المتعصبين والمتطرفين من الطرفين المسلم والمسيحى.
4. إن غياب العقاب الرادع فى الأحداث السابقة على أحداث إمبابة وترك الأمر بلا حساب وبلا محاسبة ساعد فى تكرار هذه الأحداث وتصاعد وتيرة العنف فيها وتشير اللجنة أن أحداث إمبابة مرشحة للتكرار فى مواقع جغرافية أخرى ما لم تتخذ إجراءات قانونية حاسمة ورادعة ضد المتسببين فى تلك الأحداث.
5. تلاحظ اللجنة إصرار الدولة والمسئولين على معالجة إشكالية الاحتقان الطائفى بنفس منهجية النظام السابق متصورة أن الحل بيد شيخ الأزهر والبابا ورجال الدين بشكل عام بينما تنوه اللجنة إلى ضرورة إجراء حوار مجتمعى مع مستوى القواعد الجماهيرية الدنيا وبين كافة قطاعات المجتمع ومن ثم يمكن لرجال الدين بلورة نتائج هذا الحوار.
6. لاحظت اللجنة أن أحداث إمبابة الأخيرة هى نتاج طبيعى وحتمى بسبب تدنى المستوى المعيشى والفقر والعشوائية التى يعيشها سكان هذه المنطقة وتوجه انتباه الدولة إلى ضرورة الاحترام الاقتصادى والتنموى بهذه المناطق الفقيرة.
7. لاحظت اللجنة أن أحداث إمبابة الأخيرة هى امتداد لأحداث مماثلة حدثت فى عهد النظام السابق والذى يعد المسئول الأول عن مثل هذه الأحداث والذى كان يقوم بإشعالها مباشرة لصرف أفكار المواطنين عن حجم الفساد الذى كان يستشرى فى ربوع الوطن.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :