مصر تنادينا،، اتركوني أتنفس
بقلم: أنور عصمت السادات
لا تزال ثورة 25 ينايربحاجة شديدة إلى الحفاظ عليها وتوجيهها في مسارها الصحيح، التي قامت من أجله، لكن سرعان ما أخذت الثورة أشكالًا وألوانًا أخرى تختلف كل يوم، جعلت الكثيرين يحيدون عن أهدافنا الرئيسية، وتحول الأمر إلى إستغلال للأوضاع وبحث عن مطالب صغرى مشروعة.
افتقدنا ترتيب أولوياتنا، وأصبح كل منا يسعى وفق عقله وأهوائه وإحتياجاته وحده، وغابت روح الثورة التي جمعتنا سويًا تحت لواء وغرض واحد، ولعلكم توافقوني الرأي بأننا أصبحنا نقدم الغايات على الأولويات، ونسينا أن المرحلة التي نمر بها الآن تستدعي التلاحم والتكاتف (مسلمين وأقباط) كأخوة وشركاء في الوطن والتاريخ، بحاضر جديد يتمتع كل منا فيه بما له من حقوق، من أجل ترتيب أولوياتنا وخطواتنا التي ينبغي تحقيقها والبدء بها أولًا، ويتوقف عليها تحقيق ما يليها من أهداف. فمن أين تأتى التنمية فى ظل الانفلات الأمني والاقتصاد المتدهور؟ وكيف يتحقق الاستقرار ولا يمر يوم واحد دون مظاهرات واحتجاجات كلها مشروعة، لكن لابد لمصر أن تتنفس، ولا أظنني مغاليًا إن قلت أن هذه المظاهرات وتلك التي قامت من أجل طرد السفير الإسرائيلي، وإلغاء معاهدة كامب ديفيد لابد وأن تؤجل قليلًا حتى تسترد مصر عافيتها، ونحقق أولوياتنا القصوى التي نحتاجها أكثر من طرد السفيرالإسرائيلي وإلغاء المعاهدات في الوقت الراهن.
يشهد الاقتصاد المصري الآن تحديات عديدة، يرتبط بعضها بأحداث الثورة، وبعضها الآخر ذو طبيعة مرتبطة بحال الإقتصاد العالمي، وأصبحنا فى منطقة الخطر، فقد تعطلت عجلة الإنتاج جزئيًا نتيجة الإضرابات والاعتصامات العمالية، وزاد عجز موازنة الدولة نتيجة تراجع الإيرادات الحكومية وزيادة الإنفاق والإنخفاض الكبير في ميزان المدفوعات، وتراجع الاستثمار الخاص، وتقلصت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في ظل خفض تصنيفات الاقتصاد المصري مع صعوبة زيادة الاستثمار العام، وقلق المستثمرين ورجال الأعمال. تراجع الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي من 36 مليار دولار إلى 28 مليار دولار، وباعتبار أن الاحتياطي النقدي يعد آخر خط دفاع اقتصادي لأي دولة، فإننا الآن أمام مفترق الطرق. وإن لجوئنا الآن للاقتراض من صندوق النقد الدولي أو غيره من المؤسسات ينذر بوصاية تلك المؤسسات المالية الدولية على الاقتصاد المصري، وفرض شروطها إذا لم يتمكن إقتصادنا من استرداد عافيته. ولست أريد أن أضفي لونًا أسودًا على ما تمر به مصر الآن بقدر ما أريد أن يفهم الكثيرين خطورة الوضع الحالي، ورسالة المجلس العسكري التي أقر فيها بأن استمرارنا بهذا الشكل يقودنا إلى طريق مسدود، وإننا نستطيع أن نتجنب ذلك إذا ما دارت عجلة الإنتاج من جديد، وساد المجتمع الاستقرار، وتأجلت المطالبات الفئوية. وإن الائتلافات والحركات والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وكل من خرج إلى ميدان التحرير عليهم وعلى الشعب بأجمعه، أن يقوموا بأدوارهم ويتحملوا مسئوليتهم، ونتحرك معًا لتشجيع الاستثمار في مصر، وإستعادة مكانتها السياحية، ودوران عجلة الإنتاج من خلال حملات أو مبادرات أوأى وسيلة أخرى مناسبة تحقق ذات الهدف.
إن خروجنا من أزمتنا الحالية يحتم علينا أن ننحي حاجاتنا الشخصية ونتكاتف من أجل المصلحة الوطنية، إلى أن تسترد مصر قوتها وعافيتها ومكانتها، وطبيعي ستنتقل الثورة بطريقة آلية من مرحلة التغيير إلى مرحلة التعميروالبناء، أما إذا استمر الوضع بهذا الشكل فسوف تتحول أحلام الثورة الجميلة إلى كوابيس مزعجة، قد لا نستطيع أن نفيق منها ولو بعد حين.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :