اُكفُل يتيم في بيتك
كتبت مرثا فرنسيس
تقدم أجهزة الإعلام دعوة لأصحاب القلوب الرحيمة ، ليَكفُل القادر منهم طفلا او طفلة ممن فقد أحد الوالدين أو كلاهما، وسألت عن معنى كلمة "يكفل"، فقيل لي انها دعوة للقادر مادياً أن يرعى طفلا يتيماً فيستضيفه في بيتهِ ويُنفق عليه ويُربيه كإبنهِ او كإبنتهِ، فبدت الفكرة رائعة وقكرت ان هذا قد يشبه فكرة التبني التي يمكن بها انقاذ الآف الاطفال الذين فقدوا أبا أو أما او كلاهما واصبح مصيرهم إما الملاجئ ودور الأيتام او التشرد في الشوارع ، فليس أجمل من أن يضم بيت ـ حُرم من نعمة الانجاب ـ طفلا يضفي البهجة والفرحة ويتحول البيت الذي خلا من الأطفال وتسرب اليه الملل إلى مكان يمتلئ بالدفء. ايضا ليس أجمل من أن يجد الطفل(ة) اليتيم ومن لم يجد أمانه وراحته في الملاجئ- أبا وأما يحتمي في كنفِهما من ضياع الشوارع والنوم على الارصفة ، وما اجمل أن يجد الفرصة ليتعلم ويكبُر تحت سقف يشبعه حناناً وحباً، ولكن ما تعجبت له ان هذه الكفالة للطفل لابد ان تنتهي عند سن بلوغ الطفل(أوالطفلة بالطبع) لأن باعتباره غريبا لا يمكن أن يتواجد في نفس البيت مع امرأة غريبة عنه ليست من دمه ولحمه حتى لو كانت قد احتضنته كإبن منذ طفولته، وربَّته وسهرت على راحته واهتمت به عند مرضه، وجلست بجواره الساعات لتساعده في انهاء واجباته المدرسية! فهي شرعاغريبة عنه! وبالمثل لو كانت فتاة فإن الرجل الذي كان ابا لها يصبح غريبا عنها وليس من محارمها! مامصير الطفل(ة) عندما يصل لمرحلة المراهقة وهي السن الذي يحتاج فيه أبا أو أما اكثر من ذي قبل؟ هل يعود الى دار الايتام؟ او الى الشارع ا ؟ هل تتقلص احتياجاته في هذه السن الحرجة الى مجرد بنك يقوم بالانفاق عليه؟ وماقيمة السنوات التي قضاها في بيت من كفله؟ ماهو تأثيرها عليه؟ وكيف تكون مشاعر الأبوين المؤقتين بعد تذوق طعم ومتعة هذه المشاعر النبيلة ثم يُنتزع منهما فجأة سبب فرحتهما ويعودا الى برودة العيش في بيت خال من مشاعبات الأولاد وضجيجهم المحبب للنفس؟ تخيلت هذا السيناريو مع طفلة رضيعة ضمها أب وأم من دار ايتام ليعتنيا بها ويغدقا عليها كل الحب الفطري المختزن داخلهما، وعندما وصلت للسن الذي تحتاج فيه الفتاة إلى حضن ورعاية الأم اكثر من الأعوام التي ولَّت، سيكون هناك إلزام بابعادها عن البيت لأن الرجل الذي كان والداً حنونا محبا لها، والذي كان يخاف عليها من نسمة الهواء التي قد تمرضها أو تزعجها، أصبح هذا الرجل غريباً عنها وليس من محارمها! ماهي الفرص المتاحة لمثل هذه الطفلة لكي تعيش حياة كريمة بعد ان انتُزعت من أحضان الحب النقي والدفء الآمن؟ من يجيب عن اسئلتها الخاصة؟ من يسمعها ويحتويها في هذه المرحلة الحرجة، وكيف يمكن تخيل ملامح مستقبلها؟
قيل لي أن الخشية من موضوع التبني تكون بسبب اختلاط الانساب. فما معنى اختلاط الانساب؟ أو بتعبير أدق ما فائدة نقاء النسب أو العرق في أيامنا هذه؟ كان لهذا السبب معنى في النظام القبلي المرتكز على عدد أفراد القبيلة والولاء لها. أما الآن فالولاء للوطن.
أكثر شعوب العالم التي حافظت بتواجدها على الأنساب هو الشعب اليهودي الذي يتآمر ويخطط لإعادة بناء الهيكل. لكن حتى لو بنى الهيكل فلن يستطيع تقديم الذبائح لأن المشكلة الأصعب من بناء الهيكل هو العثور على كاهن من سبط لاوي. فكل الأسباط تاهت وذابت في شعوب الشتات التي لجئوا إليها.
والسؤال الحيوي والهام هو: أيهما اكثر فائدة للانسان وللمجتمع الخوف من اختلاط الانساب أم ازدياد اعداد المشَّردين واولاد الشوارع التي تخفي في داخلها كوارث مخيفة؟
مافائدة اختلاط الانساب عندما تتحول هذه الاعداد الى قنابل موقوتة تُدمِر المجتمع ثم تُدمِر نفسها.
محبتي للجميع
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :