"حمزاوي": الانتخابات في هذه الظروف قد تصنع دستورًا كارثيًا
كتبت: تريزة سمير
أوضح د. "عمرو حمزاوي"- أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- أن هناك تناقضًا بين قيم تُعلن وأخرى تُمارس، مشيرًا إلى أنهم تكلموا كثيرًا بصورة خطابية عن احترام التعددية، والرأي والحوار، ولكن كانت الممارسة بعيدة كل البعد عن التطبيق.
وأكّد "حمزاوي"- خلال الندوة التي أقامتها مكتبة مصر العامة عن لغة الحوار بين التيارات السياسية- أن حالة الحوار السياسي قبل الثورة ولمدة ثلاثة عقود ماضية عانت من التهميش والتعميم، فمنذ ثورة يوليو 52 إلى ثورة 25 يناير 2011 غابت التعددية والديمقراطية في "مصر"، وانتشر الاستبداد والفساد بصورة غير مسبوقة، وغابت التعدُّدية، وتواجدت الأحزاب الكرتونية، وتغوَّلت السلطة التنفيذية، مشيرًا إلى أن لغة الاستعلاء كانت هي اللغة التي يستخدمها النظام مع مرؤوسية، فغاب الحوار بينهما، ومن ذلك ما قاله الرئيس السابق "مبارك" بشأن البرلمان الموازي بعد تزوير الانتخابات "خليهم يتسلوا"، واستخدامهم واحتكارهم مضامين مثل "المصلحة الوطنية" و"استقرار الوطن"؛ طمعًا في استقرار النظام والأمن، واستخدام أمن الدولة لطرق كثيرة لقمع المواطنين.
ورأى "حمزاوي" أن النظام السابق استخدم الاستعلاء والاستدعاء السلطوي، فكان دائمًا ما يستدعي الأحزاب الكرتونية في معسكراتهم المنقسمة إلى معسكر أخيار ومعسكر أشرار، كما كانت الأحزاب مستتبعة ومستأنثة، وليست مفردات مطالبة بالإصلاح، وانتشرت الصفقات بين النظام الحاكم والأحزاب الأخرى. وتمثلت المعارضة في المجتمع المدني ووسائل الإعلام الخاصة التي تبنت قضايا بعينها، رغم التناقض الأيديولوجي بينها، فمنها اليساري، ومنها الليبرالي، ومنها الديني.
وقال "حمزاوي" إن ثورة 25 يناير أنتجها المواطن المصري غير المنظَّم، وليست نتاج شباب أو أحزاب سياسية أو إعلام، وأن المواطن المصري "غير المنظَّم" تأثر بتراكم المطالب، وفي لحظة "الضمير الجمعي" وصل للتغيير، موضحًا أن النظام السابق تعامل مع القوى السياسية والمواطنين أيام الثورة بنفس اللغة (الاستعلاء والأجندات الخارجية)، لأن النظم السلطوية تفقد القدرة على التجديد.
لغة الحوار وقت الثورة
وأشار "حمزاوي" إلى أن لغة الحوار بين الثوار في الميدان كانت لغة "توافقية"، فتم رفع الشعارات المطالبة بالعدالة الاجتماعية والحرية، ولم تخرج عن مطالب حقوق الإنسان، وهذا التوافق كان سببًا رئيسيًا لنجاح الثورة، وبالتالي كانت الثورة بلا قائد، لأن الشعب المصري كان قائدها، فهي لم تكن ثورة أحزاب أو حركات سياسية منظَّمة، ولكنها كانت ثورة مواطن غير منظَّم، وكانت هوية الصدارة هي "الانتماء لمصر".
لغة الحوار بعد الثورة
وأكَّد "حمزاوي" أن لغة الحوار بعد الثورة لم تكن "تجميعية" بل لغة "فرز"، كما استعانت بعض القوى السياسية بلغة "الاستعلاء" التي هي نفس لغة النظام السابق، فأعلن كل تيار عن هويته وتحدَّث باسمه، وهذا أدَّى إلى دفع "مصر" إلى مرحلة استقطاب ظهرت في الاستفتاء بين أنصار "نعم" ومعسكر "لا"، موضحًا أهمية التوافق بين القوى السياسية المشتركة التي غابت طويلًا عن "مصر" في مقابل غياب الأيديولوجيات.
وأعرب "حمزاوي" عن استيائه من عدم وصول التيارات السياسية إلى لغة حوار مشتركة، ومن سيادة لغة التخوين، واستدعاء نفس لغة النظام السابق، وهو ما ظهر واضحًا في احتكار الحديث عن المصلحة الوطنية من جانب أحد التيارات التي جعلت من مظاهرات جمعة الغضب الثانية 27 مايو "جمعة الوقيعة بين الجيش والشعب"، وقالوا عن المتواجدين بالميدان إنهم بضعة آلاف. مؤكِّدًا أن جماعة الإخوان وحزبي الوسط والعدالة والحرية قد استخدموا لغة التخوين والاستقطاب التي استخدمها النظام السابق.
وقال "أيمن فؤاد"- المستشار بالمجلس القومي لحقوق الإنسان: "كنا نشكو قبل الثورة بأن الحسابات تجري للولاءات والهويات وليس الكفاءات، واليوم نفس الشيء". وتساءل: "إذا كانت الثورة بلا رأس فكيف ننتهي برأس بلا ثورة؟ وإذا كنا نتكلم عن الفساد بعد أن تخلصنا من جذوره، هل كنا نحتاج إلى نظام لنتعلم كيف يكون النظام؟ وهل التغيير سياسي أم اجتماعي وحضاري؟ مشيرًا إلى أن تغيير ثقافة الشعب وليس الرؤوس السياسية فقط هو الأهم.
تحليل المرحلة الحالية
ورأى "حمزاوي" ضرورة تأجيل الانتخابات بسبب الأوضاع الأمنية وعدم الاستقرار الاقتصادي، وهو ما سيؤدي إلى سهولة بيع وشراء الأصوات. مؤكدًا على احتياج "مصر" لمباديء فوق دستورية. معربًا عن تخوفه من أن تصنع الانتخابات دستورًا كارثيًا.
واقترح "حمزاوي" وجود جمعية تأسيسية لتأسيس دولة مدنية تنظر إلى المواطنين بمساواة، وبلا تمييز بين المسيحي والمسلم أو الغني والفقير، يكون له كيان محايد، مؤكدًا على أهمية ابتعاد المرجعية الدينية عن القانون والدستور، وإزالة التمييز، وإتاحة الفرصة للترشح للمسلم والمسيحي والرجل والمرأة في الانتخابات الرئاسية، وفي هذا تطبيق لأحد مباديء الثورة وهي العدالة الاجتماعية.
واختتم المستشار "أيمن فؤاد" الندوة بقوله: "لا مصالحة دون مصارحة، ولا تقدُّم دون إصلاح"، مشيرًا إلى ضرورة العمل مع الناس والنزل إلى جموع الشعب لتصل المعلومة إلى الجميع لرفع وعي المواطنين جميعًا.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :