عربة النضال القبطي
بقلم: منير بشاي
أحيانًا أتخيل النضال القبطي عربة منطلقة في الطريق، وجهاز الاستدلال GPS الخاص بها منضبط على العنوان الصحيح، الذي عندما تصل إليه ستتحقق كل آمال الأقباط في الحصول على حقوقهم.
ثم أتصور أن هذه العربة قد استوقفتها عصابة، وعبثت بمحركها فتعطل، وتوقفت العربة، قبل أن تصل إلى هدفها، وبعدها جاءت قيادة العصابة لتساوم الأقباط محاولة إقناعهم أن يكتفوا عند هذا الحد من مسيرتهم وعدم السعي نحو المزيد، ولكن الأقباط رفضوا المساومة وقرروا الاستمرار في الطريق.
وأتصور عربة النضال القبطي واقفة في منتصف الطريق، وحولها عينات كثيرة من الأقباط، وكل قد أتخذ منها موقفًا خاصًا:
اللامبالون
وهم الذين يروا العربة المعطلة ثم يسيروا في طريقهم، بعضهم لا يعير العربة التفاتًا، والبعض الآخر يمص شفتيه مبديًا تأسفًا رمزيًا عابرًا، ولكنهم لا يقدموا شيئا للمساعدة.
هؤلاء لا هدف لهم في الحياة سوى السعي نحو ما يعود عليهم شخصيًا بالمنفعة، ولا وقت عندهم يضيعوه لمساعدة الآخرين، لأنهم يعتقدون أن وقتهم من ذهب، وهم يهدفون إلى جمع أكبر كمية منه لحسابهم الخاص. ويظنون أن هذا هو أفضل ضمان لتأمين حياتهم ومستقبلهم.
الوصوليون
وهم الذين يرون العربة المعطلة في الطريق، وبدلاً من محاولة معرفة سبب العطل والاشتراك في العلاج، فإنهم يرونها فرصة في أن يركبوا داخل العربة أو يعتلوا سطحها وبذلك يضيفوا لها ثقلاً إضافيًا، ويتوقعوا أن يقوم غيرهم بدفع العربة وهم داخلها وفوقها، وعندما تتحرك العربة نحو الهدف يكونوا هم أول المنتفعين، إذ ينسبوا لأنفسهم الفضل في النجاح، بينما هم كانوا في الحقيقة عبئًا ولم يكونوا عاملاً مساعدًا في نجاح العمل.
السلبيون
هؤلاء يقفون على جانب من الطريق ولا هم لهم سوى أن يبحثوا عن الأخطاء حتى ينتقدوها، كل شيء جميل يحولونه إلى شيء قبيح.
لا يعجبهم العجب، ولا يقدموا اقتراحات إيجابية تساعد على الحل، ولكنهم يفرحوا بالفشل ويتمنوا حدوثه حتى يروه ويشمتوا.
الكلاميون
وهم يقفون على الجانب الآخر من الطريق يشجعوا العاملين، ولكن بالكلام، وأحيانًا بالتصفيق، ولكنهم لا يقدموا شيئًا من وقتهم أو جهدهم أو مالهم أو أي مساعدة لها قيمة.
كل ما يقدموه هو مجرد تمنياتهم الطيبة ومع ذلك فهم ينسبون لأنفسهم النجاح ويتفاخرون بتحقيقه.
المضادون
وهم جماعة تتظاهر أنها تنتمي للأقباط ولكنها في الحقيقة تعمل لصالح العصابة التي أوقفت العربة وتنفذ أهدافها، وهم على استعداد أن يعملوا أي شيء من أجل ضمان أن العربة تظل معطلة.
وفى سبيل ذلك قد يلجئوا إلى تفريغ العجلات من الهواء، أو قد يدفعوا العربة ولكن للخلف. ويبرروا عملهم بالحكمة لتفادى التصادم مع الآخر، وتحقيق السلام مع الجميع. ثم قد يصوروا من يدفع العربة للأمام أنه يقوم بعمل تصادمي متهور يؤدى بالجميع للتهلكة، وخطورة هؤلاء أنهم يظهروا وكأنهم أصحاب مصلحة وهذا يكسبهم شيئا من المصداقية الصورية. بعض هؤلاء يعملون هذا لأنهم يخشون على مكاسبهم الشخصية، والبعض الآخر مجند لهذا العمل ويرتزق من مهنة إحباط العمل القبطي.
وإن لم يستطع هؤلاء دفع العربة للخلف أو إيقافها قد يحاولوا أن يغيروا مسارها لتبعد عن الهدف الصحيح، ولتحقيق هذا يعمدوا إلى أن يدخلونا في دوامة من النقاش البيزنطي التي لا توصل إلى شيء. المهم عندهم هو أن يضيعوا وقتنا في انتظار سراب خادع ويبعدونا عن الهدف الصحيح.
العاملون
وهم الذين يدفعون بالعربة إلى الأمام نحو الهدف، ولكن الحياة بينهم لا تخلو من المشاكل، فأحيانًا لا يجيدوا التناغم فيما بينهم حتى يكون دفعهم للعربة منظمًا وقويًا ومؤثرًا، وأحيانًا تحدث خلافات جانبية بين بعضهم تضيع من مجهوداهم ووقتهم الثمين، وقد يطغى على أحدهم الذاتية فيظن أنه الأكثر علمًا وموهبة، وأن جهوده هي وحدها التي تأتى بالفائدة، وأن مجهودات الآخرين لا قيمة لها، وقد يتعب أحدهم من مجهود دفع العربة ويظن انه يستطيع أن يختزل المجهود فيذهب للتفاوض مع العصابة على وقف العمل نظير أن ترفع العصابة بعض الظلم عن الأقباط.
ولكن بعد مرور وقت طويل لم يحصل على شيء سوى وعود، وقد يسرع أحدهم لاستعراض عضلاته إذا لمح الكاميرا مصوبة في اتجاهه ويذهب ليسألهم: عايزين انترفيو؟. وقد يوجد بينهم من يميل إلى استخدام الكلمات التي بها إهانة واستفزاز للآخر دون فائدة ترجى، وقد يكون هناك من جاء ليقود ويترأس ويوجه أوامره ونواهيه للجميع بينما هو لا يعمل شيئًا، وقد يتجه أحدهم ليفتح كبوت العربة ويتظاهر بمحاولة إصلاح المحرك بينما هو لا يعرف حتى شكل المحرك، ولكن من حسن الحظ أن هذه السلبيات تمثل حالات فردية بينما الغالبية تعمل بطريقة ايجابية ودون ضجيج.
أما أفراد العصابة وزعيمها فقد استمروا على موقفهم من عرقلة عربة النضال القبطي، وبعد طول معاناة حدث أن الشعب كره تصرفات العصابة الفاسدة وقرروا أن يتصدوا لهم فثاروا عليهم ونجحوا في إقصائهم ووضعهم في السجون، ونتج عن ذلك فراغ شجع عصابات أخرى صغيرة أن تخرج من مخابئها وتحاول تملأ الفراغ وتستأثر بالسلطة.
وعربة النضال القبطي تتأرجح في الطريق. أحيانًا تتقدم خطوات للأمام، وأحيانًا تظل في مكانها، وأحيانًا تتراجع قليلاً للخلف. ولكنها بصفة عامة تتقدم للأمام وأن كان ببطء.
سيري يا عربة النضال القبطي على بركة الله، وبقوة الله ستصلين إلى الهدف، حتى رغم ضعفنا، وصعوبة الطريق، لأن من يمسك بعجلة القيادة هو السيد المسيح نفسه، وهو الذي وعدنا أن أبواب الجحيم لن تقوى عليها.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :