عمل الملائكة مع القديسة الشهيدة الكارزة كاترين
بقلم: فكرى نجيب أسعد
الملائكة القديسين هم كائنات نورانية لها إرادة حرة خيرة، ويتسمون بالمحبة الفائقة والقداسة والطهارة والحكمة والقوة. أنهم يعبدون الله ويخدمونه ويقفون أمام عرشه على أهبة الإستعداد لتلبية مرضاته وندائه من نقل رسائل وبشائر مفرحة ومعونة وإنقاذ من كل شر. كما أنهم يرفعون صلواتنا إلى الله ويصلون من أجلنا ... إنهم لا يمرضون ولا ينامون ولا يموتون مثلنا ... إنهم فى حالة صحوة ويقظة مستمرة ولهم قدرة الوصول بسرعة فائقة للشخص الذى يحتاج إلى معونة. وأن مايجب ذكره عن القديسة كاترين الإسكندرانية بأنها نموذج رائع أمتد ما يقرب من سبعة عشر قرناَ، لأسمى صور الحب الإلهى لقديسات شهيدات قدمن نفوسهن رخيصة، للإستشهاد على أسم المسيح فى فترات اَضطهاد الأمبراطورية الرومانية الوثنية للمسيحية. وأنها محبوبة للكثيرين فى كل من الكنيسة الكاثولوكية والكنيسة الأرثوذكسية، حيث أستشهدت على أسم السيد المسيح فى عام 307 م بمدينة الإسكندرية، أى قبل إنفصال الكنيستين فى القرن الخامس الميلادى. وأنه يوجد كاتدرائية عظيمة على أسم القديسة تابعة للكنيسة الكاثولوكية بميدان سانت كاترين بمنطقة المنشية بالإسكندرية، كما أنه يوجد كنيسة عظيمة تابعة للكنيسة الأرثوذكسية بمنطقة الناصرية بنفس المدينة أيضاَ. وتظهر عمل الملائكة واضحة مع القديسة كاترين فى الآتى :
1- المعونة ونقل البشارة المفرحة :
عندما أصدر الإمبراطور الرمانى مكسيميانوس الوثنى منشوراَ بأن يقدم الجميع بما فيهم المسيحيون ذبائح للآلهة، فى حفل هائل للأصنام ، تتضايقت الشابة كاترين واخترقت صفوف الإحتفال ورفعت إلى الأمبراطور بواسطة الحراس رغبتها فى أن تقابله، وأتتها الموافقة .
بدأت كاترين تتحدث إليه وقالت له : " هناك ملكاَ فى السماء خالق السموات والأرض، هو الى ينبغى الخضوع له " وعترفت بإيمانها بالمسيح ورفضها لعبادة الأصنام. فأجابها بأنه سيرسل إى علماء الفلسفة ليسمعوا حديثها ويهدموا أفكارها وعقيدتها . فقبلت كاترين. قبل أن يأتى اليوم المحدد الذى ستتقابل فيه كاترين مع الفلاسفة، قضت كاترين أيامها فى صلاه وصوم متضرعة أن يؤازرها الرب بروحه القدوس، وأن يتكلم بفمها فى تلك المناظرة وفى نقل البشارة المفرحة إلى قلوبهم، فظهر لها ملاك الرب ليقويها ويعدها بالمساعدة والمعونة.
أما الأمبراطور فسعى فى جمع خمسين من أكابر الفلاسفة من الأنحاء المختلفة للإمبراطورية الرومانية ليتقابلوا مع كاترين، ظناَ منه بأن هؤلاء الفلاسفة سينتصرون على إيمانها ، لكن سرعان ما خابت أماله، فعقب لقاء القديسة بالفلاسفة فى حوار عن الإله الواحد، أفادوا الأمبراطور بأن الفتاه لم تقل إلا الصواب، وأن إيمانها بالله هو الإيمان الصحيح، وأنهم لن يعبدوا الأصنام مرة أخرى، فانقلب الأمبراطور عليهم رافضاَ فى كبرياء ان يحاورهم عن إيمانهم الجديد ورفضهم للوثنية وأمر بإحراقهم .
لم يرتعب الفلاسفة من تهديد الإمبراطور لهم حيث وجدوا بأن ترك الوثنية وبيع كل شىء أرضى من أجل إيمانهم الجديد وإعلان الحق ومحبتهم للإله الحقيقى ونيل الملكوت هوربح ونصرة، ودافعاَ قوياَ لقبولهم الإستشهاد بفرح
2 - الحماية والإنقاذ من الشدائد :
إن أولاد العالم ستخدمون الإغراءات والطرق المخادعة لجذب المؤمنين للعبادة الوثنية، فإذا لم تنفع طرقهم هذه يستخدمون معهم أدوات التعذيب والقتل وهو أسلوب الضعفاء فى جهل بأن هناك معونة إلهية ستسعى لحمايتهم وإنقاذهم من كل شر ومكيدة مدبرة ضدهم .
فكر الأمبراطور فى حيلة ليستميل بها قلب كاترين الشابة العفيفة التى لم تتخطى العشرين عاماَ ليجذبها إلى عبادته، فأخذ يتملقها بالكلام اللين ووعدها بأن يتزوجها ويعطيها نصف أمواله وتعيش مكرمة فى قصره كإمبراطورة إذا سجدت للأوثان. لكن كاترين رفضت أن تعبد آلهه آخرى غير السيد المسيح، وفضلت الموت شهيدة على أسمه القدوس، فهو أفضل لها من تاج المملكة فى قصر الإمبراطور، وقالت للإمبراطور : " عندما يلبسنى المسيح ثوب الإستشهاد سأصير عروساَ له ".
حينئذ أمر الأمبراطور أن تجلد كاترين بالسياط، فظل الجنود يجلدونها على ظهرها وبطنها حتى تمزق جسدها، ثم ألقوها بعد ذلك بأمر من الأمبراطور فى السجن بدون طعام وشراب. لقد سمح الرب بأن تعذب كاترين وأن تسجن فى السجن لكى يعينها ويعولها ويضمد نفسه جراحاتها فهو الطبيب الشافى. وإذ لم يفعل الرب يسوع معها ذلك فإنه سيرسل ملائكته للقيام به، فأن سجون الإضطهاد غنية جداَ بأعمال الملائكة المرسلة من قبل الرب للقديسين .
أمر الأمبراطور بعد ذلك بأن تعذب كاترين بواسطة عجلات غرزت بدوائرها الخارجية مسامير لتنهش لحم جسمها عندما تدور ذات اليمين وذات اليسار وهى ما تعرف بالهنبازين، فطلبت كاترين المعونة من الرب لإنقاذها. وعند إدارة العجلات حدثت هزة عنيفة ونزل ملاك الرب ورفع القديسة من بين العجلات وفوجىء الجميع بأنها تقف على أرجلها سالمة وانفصلت العجلات عن بعضها البعض عند دورانها وقطعت الجنود إرباَ إرباَ وآمن مائتان من الجند عندما رأوا اعجوبة الملائكة هذه.
ليس عجباَ أن يرسل الرب ملائكته لإنقاذ كاترين التى هى موضع فرح وسرور أمامه، فقد سبق أن أمر الرب الملاك لسد أفواه الأسود وإنقاذ دانيال ( دا 6 : 22 )، كما أمر الرب أيضاَ إنقاذ بطرس من السجن ( أع 12: 7) .
نقل روح وجسد القديسة :
لما احتار الإمبراطور فى أمر القديسة، أمر بقطع رأسها بحد السيف. وقد نالت إكليل الشهادة فى 8 ديسمبر عام 307 م الموافق 29 هاتور فى حبرية القديس البابا بطرس خاتم الشهداء. حملت الملائكة روح القديسة كاترين بعد إستشهادها إلى السماء، فالملائكة يخدمون المؤمنين عند ساعة الموت. فحين جاءت ساعة أنطلاق إيليا، إذ بمركبة من نار، وخيل من نار، تحمل إيليا إلى السماء ( 2 مل 2 : 11 )، وفى مثل الغنى ولعازر المسكين نرى الملائكة – رسل المحبة – تاتى وتحمل الفقير البائس إلى الفردوس ( لو 16 : 22 )، ويقال أيضاَ أن الملائكة نقلوا جسد القديسة إلى جبل سيناء المقدس، حيث أستلم موسى النبى لوحى الشريعة من الرب، وظهر له ملاك الرب بلهيب من نار من وسط عليقة والعليقة لم تحترق.
فلنطلب صلوات القديسة العذراء العفيفة كاترين شهيدة الإيمان والعلم الإسكندرانية عنا، بان يرسل الرب لنا ملائكته القديسين ليحرسونا من كل شر ومن كل ضربة ومن كل تجربة العدو، وأن نطلب صلوات الملائكة القديسين وعلى رأسهم الملاك ميخائيل رئيس الملائكة فهم موضعوين لخدماتنا ولهم دالة عظيمة عند " رب الجنود " الذى نسب نفسه إليهم .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :