- آدم وشجرة الحياة
- في حفل تكريم فريق "سي تي في" بـ"التحرير".. "إيليا باسيلي": بسببكم عرف العالم معنى كلمة "مسيحيين"
- حقوقيون: إحالة الصحفيين للمحاكم العسكرية بعد الثورة استمرار لسياسة تكميم الأفواه في عهد مبارك
- "عمرو بقلي": الحكم الاستبدادي معروف ومتوارث منذ القدم
- "محمد عادل": النظام الفردي يشمل كل مساوئ الأنظمة الانتخابية الأخرى
آدم وشجرة الحياة
بقلم: راندا الحمامصي
ذكر في التوارة(واخذ الرب الاله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها واوصى الرب الاله آدم قائلا من جميع شجرة الجنة تأكل أكلاً وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لانك يوم تأكل منها موتاً تموت) إلى قوله(فأوقع الرب الاله سباتاً على آدم فقام فأخذ واحدة من اضلاعه وملأ مكانها لحماً وبنى الرب الاله الضلع التي اخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم) إلى أن يقول(فدلّت الحية المرأة على الاكل من اثمار الشجرة الممنوعة وقالت ان الله منعكما عن تناول هذه الشجرة لئلا تنفتح عيناكما وتعلمان الخير والشر ثم تناولت حواء من الشجرة واعطت لآدم فوافقها آدم ايضاً ففتحت عيناهما ووجدا نفسيهما عريانين وسترا عورتيهما من ورق الشجرة ثم عوتبا بعتاب الهي (فقال الله لآدم هل أكلت من الشجرة الممنوعة فقال آدم في الجواب ان حواء دلتني فعاتب الله حواء فقالت حواء ان الحية دلتني وصارت الحية ملعونة وحصلت العداوة بين الحية وسلالة آدم وحواء وقال الله صار الانسان نظيرنا واطلع على الخير والشر فلعله تناول من شجرة الحياة فيبقى إلى الابد فحفظ الله شجرة الحياة)
فلو اخذنا هذه الحكاية حسب المعنى الظاهري للعبارات وحسب المصطلح عليه بين العامة لكانت في نهاية الغرابة ويستحيل على العقل أن يقبلها ويصدقها ويتصورها لان ترتيباً وتفصيلاً وخطاباً وعتاباً لهذا بعيد أن يصدر من شخص عاقل فكيف به من الحضرة الالهية؟ التي رتبت هذا الكون اللامتناهي على أكمل صورة وزينت هذه الكائنات التي لا عداد لها بمنتهى النظم والاتقان وغاية الكمال . فلتفكروا قليلاً لأنه لو نسبت ظواهر هذه الحكاية إلى شخص عاقل فلاشك أن عموم العقلاء ينكرونها ويقولون أن هذا الترتيب والوضع لا يصدر يقينا من شخص عاقل ابداً، من أجل هذا فحكاية آدم وحواء هذه وتناولهما من الشجرة وخروجهما من الجنة جميعها رموز من الاسرار الالهية والمعاني الكلية ولها تأويل بديع ولا يعرف كنه هذه الرموز ومعانيها إلا مهابط الوحي المقربين لدى الحضرة الالهية وإذاً فلآيات التوراة هذه معان متعددة نبين معنى واحداً منها فنقول:أن المقصود من آدم روح آدم ومن حواء نفس آدم لأن في بعض مواضع من الكتب الالهية التي يذكر فيها الاناث يقصد منها نفس الانسان والمقصود من شجرة الخير والشر هو عالم الناسوت لان العالم الروحاني الإلهي خير محض ونورانية صرفة وأما في عالم الناسوت فموجود حقائق متضادة من نور وظلمة وخير وشر،
والمقصود من الحية هو التعلق بالعالم الناسوتي وقد أدى تعلّق الروح بالعالم الناسوتي إلى حرمان روح آدم ونفسه واخراجه من عالم الحرية والاطلاق إلى عالم الاسر والتقييد وصرفه عن ملكوت التوحيد إلى عالم الناسوت. ولما أن دخلت نفس آدم وروحه في عالم الناسوت خرج بذلك من جنة الاطلاق والحرية إلى عالم الاسر والتقييد وبعد أن كان في الخير المحض وعلو التقديس ورد على عالم الخير والشر.
والمقصود من شجرة الحياة هو أعلى رتبة في عالم الوجود وهي مقام كلمة الله والظهور الكلي.لهذا احتفظ بذلك المقام حتى ظهر ولاح بظهور المظهر الاشرف الكلي،
لان مقام آدم كان كمقام النطفة من حيث ظهور الكمالات الالهية وبروزها ومقام حضرة المسيح كان كمقام رتبة البلوغ والرشد وكان طلوع النير الاعظم(حضرة بهاءالله المظهر الكلي الإلهي) هو رتبة كمال الذات والصفات ولذا كانت شجرة الحياة في الجنة العليا هي عبارة عن مركز التقديس المحض والتنزيه الصرف أي المظهر الكلي الالهي وما كانت الحياة الابدية والكمالات الكلية الملكوتية من دورة آدم إلى زمان حضرة المسيح شيئاً يذكر، فشجرة الحياة كانت مقام حقيقة المسيح وهي التي غرست في الظهور المسيحي وتزينت بالاثمار الابدية فانظروا كيف أن هذا التأويل يطابق الحقيقة،
لأن روح آدم ونفسه لما أن تعلقت بالعالم الناسوتي خرجت من عالم الاطلاق إلى عالم التقييد، وعلى ذلك كان نسل آدم، وهذا التعلق الروحي والنفسي بالعالم الناسوتي المعبر عنه بالعصيان بقى موروثا في سلالة آدم وهذا التعلق كان حية تسعى ما بين أرواح سلالة آدم إلى الابد وبه استقرت العداوة واستمرت، لان التعلق الناسوتي اصبح سبب تقيد الارواح وهذا التقيد هو عين العصيان الذي سرى من آدم إلى سلالته إذ أن هذا التعلق اضحى علة حرمان النفوس من تلك الروحانيات الاصلية والمقامات العالية،
ولما انتشرت نفحات قدس حضرة المسيح وانوار تقديس النير الاعظم بالحقائق البشرية اعني النفوس التي توجهت إلى كلمة الله واستفاضت من فيوضاته تخلصت من ذلك التعلق والعصيان وفازت بالحياة الابدية وانطلقت من قيود التقليد واهتدت إلى عالم الحرية والاطلاق وبرئت من رذائل عالم الناسوت واستفاضت من فضائل عالم الملكوت هذا هو معنى الآية القائلة(انفقت دمي لحياة العالم) يعني اخترت جميع البلايا والمحن والرزايا حتى الشهادة الكبرى للحصول على هذا المقصد الاسمى ودفع الخطية بانقطاع الارواح عن عالم الناسوت وآثرت انجذابها إلى عالم اللاهوت حتى تبعث نفوس تكون جوهر الهدى ومظهر كمالات الملكوت الاعلى.
لاحظوا:أنه لو كان المقصود هو المعنى الظاهري بحسب تصور أهل الكتاب لكان ذلك ظلما واعتسافا، فلو أن آدم أذنب باقترابه من الشجرة الممنوعة:فأي ذنب جناه الخليل الجليل وأي خطأ أتاه موسى الكليم وأي عصيان فعله نبي الله نوح، وأي طغيان عمله يوسف الصديق وأي فتور وقع لانبياء الله وأي قصور ينسب ليحيى الحصور، فهل تقبل العدالة الإلهية أن تبتلى هذه المظاهر النورانية بالجحيم الأليم من اجل عصيان آدم حتى يأتي المسيح ويصير قرباناً لينجو هؤلاء من عذاب السعير فتصور كهذا خارج عن كل القواعد والقوانين ولا تقبله نفس عاقلة ابداً بل المقصود منه ما ذكرناه، فأدم روح آدم وحواء نفس آدم والشجرة عالم الناسوت والحية هي التعلق بعالم الناسوت، وهذا التعلق المعبر عنه بالعصيان سرى في سلالة آدم وقد نجى حضرة المسيح النفوس من هذا التعلق بالنفحات القدسية وخلصهم من تلك الخطيئة والعصيان، وهذا الذنب بالنسبة لحضرة آدم بحسب المراتب وإن كان قد حصل من هذا التعلق نتائج كلية لكن التعلق بالعالم الناسوتي بالنسبة إلى التعلق بالعالم الروحاني اللاهوتي يعد ذنباً وعصياناً ويثبت في هذا المقام(حسنات الابرار سيئات المقربين) فكما أن القوة الجسمانية قاصرة بالنسبة إلى القوة الروحانية بل نسبة هذه إلى تلك هو عين الضعف كذلك تعد الحياة الجسمانية مماتاً بالنسبة إلى الوجود الملكوتي والحياة الابدية كما أن حضرة المسيح سمى الحياة الجسمانية موتاً فقال(دع الموتى يدفنون موتاهم) ومع أن تلك النفوس كانت حية بالحياة الجسمانية ولكن تلك الحياة كانت موتاً في اعتبار حضرة المسيح.هذا معنى واحد من معاني حكاية حضرة آدم المذكورة في التوراة فتفكروا أنتم أيضاً حتى تهتدوا إلى المعاني الاخرى .(مفاوضات عبدالبهاء مركز العهد والميثاق والمبيّن في العقيدة البهائية)
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :