رسالة إلى المشير
بقلم: مينا ملاك عازر
معذرة سيادة المشير، لن أقول لك إلا تحياتي يا سيادة المشير، ولن أقرنها بالمشير الأب والزعيم القائد حامي "مصر" والمصريين، الحكيم الزعيم... فهي كلها كلمات سيئة السمعة، لا تزد عن كونها كلمات للتملق، أعرف أنها لا تليق بالعسكريين ولا يحبها كل إنسان عملي لا يحب إهدار الوقت، وأنت منهم.
ومن ثم سيادة المشير، سأدخل في الموضوع مباشرةً. قمت ورجالك رجال القوات المسلحة بحماية الثورة، وهو واجب لا تشكروا عليه، فأنتم كجيش لستم أقل من جيش "تونس" الشقيقة، ووطنيتكم لن تكن أقل من وطنية من نزلوا الميدان، ومن ثم، فقد استلمتم البلاد لتديروها نحو الأفضل، وها أنتم تقومون بذلك. صحيح قد قصَّر بعض من رجالك في تأمين كنيستين، مما كاد أن يتسبب في فتنة طائفية يحلم بها ويتمناها ضعاف النفوس بالداخل والخارج.. صحيح إنهم أُتهموا من قبل البعض في تهم تعذيب لمدنيين، وقد يكون استفز البعض تلك الاستدعاءات التي قام بها رجالك العسكريين لبعض رجال وأصحاب الرأي.. لكننا لا ننكر عليك أنك تسعى نحو الأفضل حبًا منك في "مصر".
وإزاء ما تقدَّم، أرجوك سيادة المشير أن تعيد النظر في مسألة الدستور أولًا، فلا يُعقل أن نبني العمارة ثم نضع الأساسات!! ولا يمكن أن يسكن أحد في شقة دون عقد تمليك أو إيجار، وإلا نكون بذلك قد أعطينا من لا يستحق بلدًا بأكملها ليخربها ويبنيها على مزاجه! بل إننا نكون قد سلمناه ثمن دماء شهدائنا التي سُفِكت، ونزلت ورجالك لتوقفوا نزفها، وتكففوا نبعها.. لا يرضيك سيادة المشير أن يقوم بالثورة شعب ثم يقطف ثمارها جماعة! ولا تنسى سيادة المشير أن الله يحب إن عمل أحدكم عملًا فليكمله، فلا يُعقل أن تتركنا في منتصف الطريق بدون الوصول لبر أمان. ولا تصدِّق أولئك الذين يدَّعون أن الشعب أراد دولة بلا دستور، والانتخابات أولًا. فلم تكن الاستفتاءات على ذلك بل كانت على إحياء دستور 1971 أم لا، وقد وافق الشعب على ذلك، لكنك بحكمتك أصلحت الخطأ بإصدارك إعلان دستوري هدم الدستور السابق، وأتى عليه تمامًا. فكيف نعمل به؟ وأتيقن بأنك تعلم سيادة المشير أننا لو أعملنا مواد دستور 1971 لن يكن لوجود المجلس العسكري محل من القانون، فالسيادة حينها لرئيس المحكمة الدستورية العليا، وتكون الانتخابات في غضون ستين يوم من خلع الرئيس المخلوع.
سيادة المشير، ليس هناك استفتاء أتيتم على أساسه غير الثورة التي أجمع الكل خلالها على الرغبة بل الترحاب بقدومكم للسلطة، وأظنك تذكر فرحة المصريين بنزول أول دبابة للجيش، فبالتالي لم يكن استفتاء 19/3 الماضي هو التأكيد على شرعيتكم، وإنما سندكم هي الشرعية الثورية، لذا أرجوك جناب المشير، أن تعيد حساباتك، فلا مانع من أن تطيل البقاء في السلطة لتضمن الوصول الآمن لـ"مصر" لبر النجاة، فتكون بذلك أتممت عملك، والله راض عنك. ولا تصغ لدعوات أولئك الحالمين بالسلطة ومدعي حب "مصر".
سيادة المشير، إنك إن قدَّمت الدستور على الانتخابات تكون بذلك أنقذت "مصر" مرة ثانية؛ الأولى كانت من بحر دم ومن يد ديكتاتور سافك دم وقامع للحريات، والثانية ستكون من براثن مدعي التديُّن، ومنْ هم أكثر ديكتاتورية ودموية من سلفهم.
المختصر المفيد، التاريخ ينظر ويراقب ويسجِّل مواقف الرجال، فسطر اسمك بحروف من نور. فأنت لست أقل من سوار الذهب وغيره، بل أنت أخيَّر منهم والكل يجمع على حبك.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :