الأقباط متحدون | الادارة الأمريكية والرقص مع الشيطان !
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٤٣ | الاثنين ٤ يوليو ٢٠١١ | ٢٧ بؤونة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٤٤ السنة السادسة
الأرشيف

الادارة الأمريكية والرقص مع الشيطان !

الاثنين ٤ يوليو ٢٠١١ - ٣٤: ١٠ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم منير بشاى- لوس أنجلوس
صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية السيدة هيلارى كلينتون أن مسئولين من الادارة الأمريكية يعتزمون القيام باتصالات للحوار مع الاخوان المسلمين فى مصرعلى أساس ان هذه الجماعة أصبحت تلتزم بمبادىء الديمقراطية والبعد عن العنف. وحوار السلطات الأمريكية مع الأخوان مؤشر خطير معناه انهم ينظرون الى هذه الجماعة على انها واحدة من أهم القوى السياسية فى مصر بعد حكم مبارك. ولم تكن هذه المرة الأولى التى تجرى الادارة الأمريكية فيها حوارا مع الأخوان فقد حدث حوار بينهما اثناء ولاية الرئيس الأمريكى السابق جورج دبليو بوش وكانت كوندليزا رايس وزيرة الخارجية وتسبب الحوار فى غضب الرئيس المصرى حسنى مبارك. ومهما كانت المبررات وراء هذا الحوار فبناء على معرفتى بالأجندة التى تحكم فكر الأخوان منذ نشأتها، والتى لم يتغير منها شىء، الا ربما من الناحية التكتيكية فقط، أرى أن الإدارة الأمريكية بهذا العمل تخطىء التقدير، وأنها ترقص مع الشيطان.
لا أقول هذا كراهية أو عداء لأمريكا فأمريكا هى بلدى الثانى بعد بلدى الأم مصر. عشت فيها حتى الآن ما يفوق العمر الذى عشته فى بلدى الأم. أكن لها كل حب وتقدير، فهى التى قبلتنى كمهاجر وأحسنت معاملتى. وهى فى رأيى بلد قد قام ليكون عنصر خير وسلام للبشرية. ولكن أمريكا كرمز لكل القيم الانسانية النبيلة لا يمنع من أن ترتكب الأخطاء من وقت لآخر كنتيجة لقصور ساستها الذين هم مثل كل البشر لم يبلغوا الكمال.
ولقد علمتنى أمريكا أن أتكلم بما يجيش فى صدرى علانية ولا أكتم فى داخلى شيئا أو أنافق فأقول ما لا أؤمن به خشية أن يشى بى أحد الى السلطات فيأتى الى بيتى زوار الفجر وياخذونى من بين أولادى ليكون مصيرى ما وراء الشمس.
وفى أمريكا تعلمت انه لا يوجد انسان فوق القانون أو النقد حتى لو كان رئيس الجمهورية الأمريكية نفسه. وأن كل القضايا موضوعة فوق مائدة النقاش.
وها أنا أمارس اليوم حقى فى انتقاد الأدارة الإمريكية وأعلن أننى أرى خطأ واضحا وخطيرا فى سياستها الخارجية فيما يتعلق بتعاملها مع مشاكل الشرق الأوسط. ولا أخشى أن يأتى الى فى أمريكا من يتهمنى بنقص فى وطنيتى أو يدعى أننى أستقوى بالخارج أو أنشر غسيل أمريكا المتسخ على العالم الخارجى.
ومشكلة أمريكا غالبا ناتجة عن تمسك المسئولين الأمريكيين بقيم مثالية معينة تطبقها بحذافيرها فى كل مكان دون نظر للظروف الخاصة لكل ثقافة والتى قد تختلف عن ثقافة أمريكا. وبالتالى كان يجب المرونة فى التطبيق والاستعداد لعمل التغييرات التى يمليها كل موقف.
على سبيل المثال أذكر ذات مرة أن الأدارة الأمريكية (طلع فى مزاجها) ان مشاكل الشرق الأوسط هى نتيجة استبداد الحكام وعدم تعاملهم بالديمقراطية مع شعوبهم. وهو حق يمكن أن يؤدى الى باطل. ونتيجة لذلك حدثت ضغوط من أمريكا على الحكومات العربية ان تلتزم بمبادىء الديمقراطية. وفسر الناس ان الديمقراطية هى مجرد صندوق الانتخاب، ولم يفهموا انها منظومة أكبر وأشمل. فهى تتطلب وجود دستور قوى يعدل بين الناس، ووعى سياسى يقدر قيمة الصوت الانتخابى، وحقوق انسان متغلغلة فى المجتمع، وفصل تام بين السلطات، وقضاء قوى رادع وعادل. ولكن فى غياب هذا كله ماذا يمكن أن يحقق صندوق الانتخابات غير تكاتف الغالبية معا للاستئثار بالسلطة وفى سبيل تحقيق ذلك يدوسوا بالاقدام على الأقليات الضعيفة بل وكل من يقف فى سبيلهم. وكان نتيجة حملة الديمقراطية فى الشرق الأوسط أن الاخوان تمكنوا من الحصول على 88 مقعد فى مجلس الشعب المصرى. وأن حماس استولت على السلطة فى قطاع غزة وحزب الله استأثر بالسلطة فى جنوب لبنان. ولم يتحقق اى شىء ايجابى فى المنطقة يمكن ان يحسن من معاناة هذه الشعوب أو يسهم فى ازدهارها. والمؤسف حقا أن المسئولين فى أمريكا يبدو أنهم لم يتعلموا الدرس بل نراهم يكرروا نفس الخطأ مرارا وتكرارا.
وهذا يعيد للذاكرة ما حدث فى ايران فى أواخر حكم شاه ايران. كان الشاه صديقا مخلصا لأمريكا ولكن نتيجة ما تردد من سياسة قمع نظامه للمعارضين فى بلده أخذت الحكومة الأمريكية جانب المقاومة وشجعت المعارضة بقيادة رجال الدين. وكانت قيادتهم الدينية تعيش فى فرنسا وكانت رواتبهم ومصاريفهم تأتى من ميزانية ال سى آى إيه الامريكية. ومن ناحيتها سحبت أمريكا بقيادة الرئيس كارتر تأييدها للشاه وأضعفت حكمه الى أن سقط فى نهاية الأمر. ووصل آية الله خومينى الى ايران من فرنسا ليستقبل استقبال الفاتحين ثم ليعلق المشانق لكل من يعارضه فى الحكم. وبعدها هجم الثوار على السفارة الأمريكية وأخذوا كل موظفيها رهائن وظل هؤلاء أسرى طوال حكم كارتر (الذى ساعدهم على التحرر من الشاه). ثم بعد ذلك أظهر الخومينى مشاعره الدفينة وكراهيته لأمريكا واصفا اياها بأنها الشيطان الأكبر.
نفس الدرس يتكرر عندما رفضت الأدارة الأمريكية أن تقف الى جوار صديقها الرئيس السابق حسنى مبارك بل وضغطت عليه ليترك السلطة. حدث هذا دون تفكير فى من سيأتى بعده. وهل تم التضحية بشيطان ليصل للحكم بدلا منه شيطان أخطر.
والآن مضى مبارك وعصره وأصبحنا أمام السلفيين والاخوان. ويبدوا أن الإدارة الأمريكية استيقظت لتدرك أن المستقبل فى يد هؤلاء وهى تحاول انقاذ ما يمكن انقاذه فتتفاوض مع الاخوان حتى اذا ما وصلوا الى الحكم يكون لها علاقة مع قادة النظام الجديد. ولكن الحقيقة المرة أنه بعد ان ينتهى كل شىء لن تحصل أمريكا على نصيبها من الغنائم. وهذا جزاء من يرقص مع الشيطان، سيستخدموه كسلم ليصعدوا به الى السلطة، ومتى وصلوا الى هدفهم سيرفصون السلم بالاقدام.
كل شىء جائز ومقبول فى عالم السياسة، فالسياسة لا أخلاق لها. وقد قيل عن تشرشل انه على استعداد للتفاوض مع الشيطان من أجل مصلحة بريطانيا. المشكلة ان الساسة عندما يرقصون مع الشيطان يظنون انهم أكثر مكرا منه، وأنهم يستطيعوا أن يضحكوا عليه ليحققوا منه المكاسب. وهم لا يعلموا ان الشيطان أكثر دهاء وخبثا وشرا من كل بنى البشر. و كان أجدر بهم أن يتعلموا درسا من السيد المسيح الذى بدلا من التعامل مع الشيطان إنتهره قائلا: اذهب يا شيطان (متى 4: 10). فتركه الشيطان، ثم جاءت ملائكة وصارت تخدمه.
أتمنى مخلصا أن لا تؤول السلطة فى مصر الى أيدى الشياطين حتى لا تهرب الملائكة من بلادى. فالملائكة والشياطين لا يجتمعون معا فى مكان واحد.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :