ضميرك ضمير بلطجي!
بقلم: سحر غريب
للبلطجة في بلدنا تاريخ عريق. سمعت عنهم أول مرة داخل حواديت "نجيب محفوظ"، مُلك منظَّم شديد العراقة والتنظيم.. بلطجي يحمي حمى الحارة ويأخذ إتاوة من كل ساكن فيها حتى يحفظ لهم أمنهم وأمن حارتهم، فيكون كعمدة مُسيطر مُنفذ للقانون حسب هواه..
كان فتوات وبلطجية "نجيب محفوظ" لا يحملون إلا النبوت كسلاح لهم، ثم تطوَّرت مهنة البلطجة وأصبحت من أهم المهن الجديرة بالاحترام خلال عهد "مبارك"، فهذا البلطجي أصبح هو الصوت السياسي الوحيد الذي يُعتد به أثناء الانتخابات، فأصبح البلطجي شمشون زمانه، يقف على باب اللجنة الانتخابية كجلدة صنبور يسمح لعبور من يدخل مزاجه ويمشي علي هوى من قام باستئجاره، ويٌجبر من لا يعجبه علي الرحيل بالقوى الجبرية.. ترعرعت المهنة وأصبح العريس المُقبل على الزواج يتباهى بأن له أقارب بلطجية على استعداد لخدمته في المسرات والخناقات والانتخابات.
حتى بدأت الثورة ورحل "مبارك" وحاشيته، وأصبح استئجار البلطجية يتم في الخفاء لا العلن لبلبلة الأمن العام، وذلك لهدف يراه حفنة من الفلول أنه عمل تطوعي نبيل يستحق منا الإشادة! وذلك لإثبات أن "مبارك" كان هو حامي حمى الوطن من تلك الفئة المُفترية. فبات البلطجي عميل سري للنظام السابق والفلول.
نصحت صديقي ألا يبتئس، لأن مديره قال شاور عليه في يوم من ذات الأيام وأشاد بنشاطه وهمته في العمل، وقال له إن ضميره كضمير بلطجي!! حزن لأنه بعد كل هذا الجهد في العمل يُتهم بالبلطجة! قلت له: وإنت تطول يا خايب تبقي بلطجي؟!! عارف إن البلطجي هو الشخص الوحيد الذي يمارس عمله بضمير ويراعي ربه في لقمة عيشه؟!! فرغم أن البلطجة أصبحت جريمة يُعاقب عليها القانون، إلا أن أي بلطجي دائمًا ما يحلل لقمة عيشه، ويتقي ربه، وينفِّذ أي مهمة مُوكلة إليه علي أكمل وجه، رغم أن الرقابة عليه قد تكون غير مُحكَمة بحكم الظروف غير المُستقرة في البلد.. يعني ممكن ينام في بيتهم تحت اللحاف، ويقول كله تمام والمهمة قُضيت. وقد يطنش عمله كأي موظف بيروقراطي مُحترم ثم يذهب إلي منْ أوكل إليه بالمهمة ويقول له إن المهمة تمت، وإنه مارس البلطجة علي أكمل وجه.. لذا يا صديقي لا تحزن، فياليتنا كلنا بلطجية في ضمائرهم أما عدا ذلك فلا أنصحك.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :