الأقباط متحدون | آدم وحواء 2-3
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٤١ | الأحد ١٠ يوليو ٢٠١١ | ٣أبيب١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٥٠السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

آدم وحواء 2-3

الأحد ١٠ يوليو ٢٠١١ - ٢٨: ١٠ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: راندا الحمامصي

معنى آدم في الآثار المقدسة المباركة
* لكلمة آدم معنيان: الأول: الهيكل الإنساني البشري الذي خلقه الله أول ما خلق و هو بداية الجنس البشري و لا يمكن تحديد زمانه أو بدئه. أما الثاني: فهو مظهر أمر الله و كما قال القديس بولس في الإصحاح الخامس عشر من رسالته الأولي إلى كورنثوس: صار آدم الإنسان الأول نفسا حية وآدم الاخير روحا محييا 46 لكن ليس الروحاني أولا بل الحيواني و بعد ذلك الروحاني 47 الإنسان الأول من الأرض ترابي. الإنسان الثاني الرب من السماء...
إن آدم في الأكوارالإلهية (المراحل مثل كور سيدنا آدم-كور سيدنا موسي-سيدنا عيسى .... وهكذا) و الأدوار المقدسة الرحمانية هو أول من أمن في بداية أي رسالة إلهية . و بنو آدم هم نفوس دخلوا في ذكر الكور في ظل تلك الكلمة الرحمانية وهم بمنزلة سلالة و نسل حضرته (إي الرسول).
إن قضية حضرة آدم أبو البشر المذكورة في الكتب السماوية لها تأويل و يجب أن تفسر، و المقصود من الإيجاد هو الخلق الروحاني و الوجود الرحماني وإلا فبقليل من الملاحظة حتى الأطفال يدركون أن هذا الكون اللامتناهي... ليس منذ ستت آلاف سنة(1) فقط بل هو أقدم من ذلك بكثير.. . إضافة إلى أن حساب السنة ومدتها لا يكون عند الله بمثل حساباتنا-فا اليوم عند الله يمثل مراحل زمنية ربما تصل لآلاف السنين-ربما كما ذكر في الآية الكريمة (اليوم عند ربكم بألف سنة مما تعدون).....

 

*(1) إشارة إلى الحسابات التي قام بها رجال الكنيسة بجمع أعمار الأنبياء والمنحدرين من سلالتهم حسب المعطيات الواردة في أسفار الكتاب المقدس، بدأ من زمن المسيح فتوصلوا إلى أن ظهور آدم لا يمكن أن يتعدى 4004 ق م أي أنه مضى على ظهوره ستت آلاف سنة والطبعات الصادرة من الكتاب المقدس منذ القرن السابع عشر الميلادي تضمنت في هوامشها تواريخ الأنبياء التقريبية. غير أن المعطيات العلمية برهنت بالأدلة القاطعة أن عمر الكون أقدم مما يتخيله إنسان و لا يحسب بآلاف السنين بل بآلاف ملايين السنين و وجود الإنسان فيه قديم قدم هذا الكون وقد مر بمراحل طويلة من التطور قبل أن يصل إلى هذه الشاكلة الحالية والتي ما تزال في حالة تغيير وتطور مستمر أجيال بعد أجيال.
أما لو سألنا: كيف لا يوجد ذكر للأنبياء قبل آدم أبو البشر وسلاطين تلك الأزمنة في كتب التواريخ؟ فإن عدم الذكر ليس دليلا على عدم الوجود و نظرا لطول المدة و انقلابات الأرض لم يبق له أثر و عدا عن ذلك فلم تكن قبل آدم أبو البشر قواعد التحرير و الأساليب التي هي موجودة الان بين الناس و كان هناك زمن لم توجد فيه أسلوب الكتابة قط بل أساليب أخرى.

 

مسألة أكل حضرة آدم من الشّجرة
السّؤال: ما حقيقة موضوع حضرة آدم وأكله من الشّجرة؟

الجواب: ذكر في التّوراة " وأخذ الرّبّ الإله آدم ووضعه في جنّة عدنٍ ليعملها ويحفظها وأوصى الرّبّ الإله آدم قائلاً من جميع أشجار الجنّة تأكل أكلاً وأمّا شجرة معرفة الخير والشّرّ فلا تأكل منها لأنّك يوم تأكل منها موتاً تموت " إلى قوله " فأوقع الرّبّ الإله سباتاً على آدم فقام فأخذ واحدةً من أضلاعه وملأ مكانها لحماً وبنى الرّبّ الإله الضّلع التّي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم" إلى أن يقول "فدلّت الحيّة المرأة على الأكل من أثمار الشّجرة الممنوعة وقالت إنّ اللّه منعكما عن تناول هذه الشّجرة لئلاّ تنفتح عيناكما وتعلمان الخير والشّرّ ثم تناولت حوّاء من الشّجرة وأعطت لآدم فوافقها آدم أيضاً ففتحت عيناهما ووجدا نفسيهما عريانين وسترا عورتيهما من ورق الشّجرة، ثم عوتبا بعتابٍ إلهيّ "فقال اللّه لآدم هل أكلت من الشّجرة الممنوعة فقال آدم في الجواب إنّ حوّاء دلّتني فعاتب اللّه حوّاء فقالت حوّاء إنّ الحيّة دلّتني وصارت الحيّة ملعونة وحصلت العداوة بين الحيّة وسلالة آدم وحوّاء وقال اللّه صار الإنسان نظيرنا واطّلع على الخير والشّرّ فلعلّه تناول من شجرة الحياة فيبقى إلى الأبد فحفظ اللّه شجرة الحياة. "[1]
 


فلو أخذنا هذه الحكاية حسب المعنى الظّاهريّ للعبارات وحسب المصطلح عليه بين العامّة لهي في نهاية الغرابة، ويستحيل على العقل أن يقبلها ويصدّقها ويتصوّرها، لأنّ ترتيباً وتفصيلاً وخطاباً وعتاباً كهذا بعيد أن يصدر من شخصٍ عاقلٍ فكيف من الحضرة الإلهيّة التّي رتّبت هذا الكون اللاّمتناهي على أكمل صورة وزيّنت هذه الكائنات التّي لا عداد لها بمنتهى النّظم والإتقان وغاية الكمال، فلتفكّروا قليلاً لأنّه لو نسبت ظواهر هذه الحكاية إلى شخص عاقل فلا شكّ أنّ عموم العقلاء ينكرونها، ويقولون إنّ هذا التّرتيب والوضع لا يصدر يقيناً من شخصٍ عاقلٍ أبداً، من أجل ذلك فحكاية آدم وحوّاء هذه وتناولهما من الشّجرة وخروجهما من الجنّة جميعها رموز ومن الأسرار الإلهيّة والمعاني الكلّيّة ، ولها تأويل بديع ولا يعرف كنه هذه الرّموز ومعانيها إلاّ أولوا الأسرار والمقرّبون لدى اللّه الغنيّ المتعال ، وإذاً فلآيات التّوراة هذه معانٍ متعدّدةٍ نبيّن معنى واحداً منها فنقول أنّ المقصود من آدم روح آدم ومن حوّاء نفس آدم لأنّ في بعض المواضع من الكتب الإلهيّة التّي يذكر فيها الإناث يقصد منها نفس الإنسان، والمقصود من شجرة الخير والشّرّ هو عالم النّاسوت، لأنّ العالم الرّوحانيّ الإلهيّ خير محض ونورانيّة صرفة، وأمّا في عالم النّاسوت تجد حقائق متضادّة من نور وظلمة وخير وشرّ.
 


والمقصود من الحيّة هو التّعلّق بالعالم النّاسوتيّ، وقد أدّى تعلّق الرّوح بالعالم النّاسوتيّ إلى حرمان روح آدم ونفسه وإخراجه من عالم الحرّيّة والإطلاق إلى عالم الأسر والتّقييد وصرفه النّظر عن ملكوت التّوحيد متوجّهاً إلى عالم النّاسوت، ولمّا أن دخلت نفس آدم وروحه في عالم النّاسوت خرج بذلك من جنّة الإطلاق والحرّيّة إلى عالم الأسر والتّقييد وبعد أن كان في الخير المحض وعلوّ التّقديس ورد على عالم الخير والشّرّ.
 


والمقصود من شجرة الحياة هو أعلى رتبة في عالم الوجود، وهي مقام كلمة اللّه والظهور الكلّيّ، لهذا احتفظ بذلك المقام حتّى ظهر ولاح في ظهور أشرف المظاهر الكلّيّة، لأنّ مقام آدم كان كمقام النّطفة من حيث ظهور الكمالات الإلهيّة وبروزها، ومقام حضرة المسيح كان كمقام رتبة البلوغ والرّشد، وكان طلوع النّيّر الأعظم هو في مرتبة كمال الذّات والصّفات، ولذا كانت شجرة الحياة في الجنّة العليا هي عبارة عن مركز التّقديس المحض والتّنزيه الصّرف أي المظهر الكليّ الإلهيّ، وما كانت الحياة الأبدية والكمالات الكلّيّة الملكوتيّة من دورة آدم إلى زمان حضرة المسيح شيئاً يذكر، فشجرة الحياة كانت مقام حقيقة المسيح وهي التّي غرست في الظّهور المسيحيّ وتزيّنت بالأثمار الأبديّة، فلاحظوا الآن كيف أنّ هذا التّأويل يطابق الحقيقة، لأنّ روح آدم ونفسه لمّا أن تعلّقت بالعالم النّاسوتيّ خرجت من عالم الإطلاق إلى عالم التّقييد، وتسلسل نسلاً بعد نسل بصورة مثلى، وهذا التّعلّق الرّوحيّ والنّفسيّ بالعالم النّاسوتيّ المعبّر عنه بالعصيان بقي موروثاً في سلالة آدم، وهذا التّعلّق كان حيّةً تسعى ما بين أرواح سلالة آدم إلى الأبد وبه استقرّت العداوة واستمرّت، لأنّ التّعلّق النّاسوتيّ أصبح سبب تقيّد الأرواح، وهذا التّقيّد هو عين العصيان الذّي سرى من آدم إلى سلالته، إذ أنّ هذا التّعلّق أضحى علّة حرمان النّفوس من تلك الرّوحانيّات الأصليّة والمقامات العالية.
 


ولمّا انتشرت نفحات قدس حضرة المسيح وأنوار تقديس النّيّر الأعظم فالحقائق البشريّة أعني النّفوس التّي توجّهت إلى كلمة الله واستفاضت من فيوضاته تخلّصت من ذلك التّعلّق والعصيان وفازت بالحياة الأبديّة وانطلقت من قيود التّقليد واهتدت إلى عالم الحرّيّة والإطلاق وبرئت من رذائل عالم النّاسوت واستفاضت من فضائل عالم الملكوت، هذا هو معنى الآية القائلة "أنفقت دمي لحياة العالم" [2] يعني اخترت جميع البلايا والمحن والرّزايا حتى الشّهادة الكبرى للحصول على هذا المقصد الأسمى ودفع الخطيّة بانقطاع الأرواح عن عالم النّاسوت وآثرت انجذابها إلى عالم اللاّهوت حتّى تبعث نفوس تكون جوهر الهدى ومظهر كمالات الملكوت الأعلى لاحظوا أنّه لو كان المقصود هو المعنى الظّاهريّ بحسب تصوّر أهل الكتاب لكان ذلك ظلماً محضاً واعتسافاً صرفاً، فلو أنّ آدم أذنب باقترابه من الشّجرة الممنوعة، فأيّ ذنبٍ جناه الخليل الجليل وأيّ خطأ اقترفه موسى الكليم وأيّ عصيانٍ فعله نبيّ الله نوح، وأيّ طغيانٍ برز من يوسف الصّدّيق وأيّ فتورٍ وقع لأنبياء الله وأيّ قصورٍ صدر من يحيى الحصور، فهل تقبل العدالة الإلهيّة أن تبتلى هذه المظاهر النّورانيّة بالجحيم الأليم من أجل عصيان آدم حتّى يأتي المسيح ويصير قرباناً لينجو هؤلاء من عذاب السّعير؟ فتصوّر كهذا خارج عن كلّ القواعد والقوانين ولا يقبله كلّ عاقلٍ واعٍ أبدا ً، بل المقصود منه ما ذكرناه، فآدم روح آدم وحواء نفس آدم والشّجرة عالم النّاسوت والحيّة هي التّعلّق بعالم النّاسوت.



وهذا التّعلّق المُعبّر عنه بالعصيان سرى في سلالة آدم، وقد نجّىَ حضرة المسيح النّفوس من هذا التّعلّق بالنّفحات القدسيّة وخلّصهم من تلك الخطيئة والعصيان، وهذا الذّنب بالنّسبة لحضرة آدم بحسب المراتب، وإن كان قد حصل من هذا التّعلق نتائج كلّيّة لكنّ التّعلّق بالعالم النّاسوتيّ بالنّسبة إلى التّعلّق بالعالم الرّوحانيّ اللاّهوتيّ يعدّ ذنباً وعصياناً ويثبت في هذا المقام منطوق "حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين" فكما أنّ القوّة الجسمانيّة قاصرة بالنّسبة إلى القوّة الرّوحانيّة بل نسبة هذه إلى تلك هو عين الضّعف، كذلك تعدّ الحياة الجسمانيّة مماتاً بالنّسبة إلى الوجود الملكوتيّ والحياة الأبديّة، كما أنّ حضرة المسيح سمَّى الحياة الجسمانيّة موتاً فقال "دع الموتى يدفنون موتاهم "[3] ومع أنّ تلك النّفوس كانت حيّة بالحياة الجسمانيّة ولكنّ تلك الحياة كانت موتاً في اعتبار حضرة المسيح، هذا معنى واحد من معاني حكاية حضرة آدم المذكورة في التّوراة فتفكرّوا أنتم أيضاً حتّى تهتدوا إلى المعاني الأخرى والسّلام.(حضرة عبد البهاء)
1- التّوراة، سفر التّكوين الأصحاح الثّاني والثّالث.
2- إنجيل لوقا، الأصحاح الثّاني والعشرون الآية 20.
3- إنجيل متّى، الأصحاح الثّامن الآية 22.
وتابعوا معى آدم وحواء…………………..




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :