الأقباط بين الرومان والإخوان
بقلم : فادى يوسف
تاريخ الأقباط تاريخ مليء بكل ما هو مشرف وبطولي، تاريخ أقل ما يقال عنه أنه تاريخ أدهش العالم بأجمعه، كيف عاش اكبر فئة مسيحية في الشرق الأوسط على مدار قرون طويلة في اضطهادات عنيفة وقمعية كان لها اكبر الأثر في زيادة إيمانهم وصلابتهم وبطولتهم وصبرهم على تلك العهود اللامية الوحشية، مثلما تفعل النار بالذهب تنقيه أكثر.
ورغم بساطة دخول المسيحية مصر وانتشارها على يد ذاك الرسول الإنجيلي "مرقس"، والذي دخل الإسكندرية مهد البشارة في القطر المصري بحذاء مقطوع، ولم يكن يعلم أن حذائه سيكون سبب في معرفته بالاسكافي "انيانوس" فهو أول شخص قبل المسيحية بمصر هو عائلته.
ولكن بدء انتشار المسيحية في مصر كان في زمان تواجد أديان كثيرة أمثال اليهودية والفرعونية والوثنية التي كان يؤمن بها الإغريق والفلاسفة اليونانيين، ومع كل هذا الزخم الديني كانت المسيحية هي النور المنير والساطع في كل بيت مصري.
ومن هنا أحس الرومان الحاكمين للقطر المصري في ذالك الوقت بقوة المسيحية وانتشارها السريع جدًا بالأخص في الإسكندرية، وبدء التفكير في كيفية التخلص من هؤلاء الأشخاص الذين يؤمنون بإله واحد، ويرفضون عبادة الأوثان والزنا والخمر ويقدسون حياتهم من أجل هدف سماوي وهو ربح الملكوت.
وكانت الإمبراطورية الرومانية تحكم مصر كولاية لها حكما لاتيني وبيزنطي متغطرس طامعًا في ضرائب، ورافضًا لأي قوة منافسة له حتى وان كانت قوة روحية، وخيمت أحداث حريق روما على يد "نيرون" في مصر بعد سرد إشاعات أن المسيحيين هم من احرقوا روما، وأعطوه بذلك الفرصة للتجيش ضد المسيحيين في العالم اجمع بما فيه مصر، وتحولت الإشاعات سريعًا إلى هجوم واضطهاد للمسيحيين على مر السنوات وكانت مصر لها نصيب كبير في تلك الاضطهادات لما لشعبها من قوة إيمان وصلابة وطنية، جعلت منهم شهداء وأبطال كتبوه تاريخ مجيد للكنيسة المصرية يشهد لها العالم باجمعه.
وقد لاقى المسيحيون في أواخر القرن الثالث الميلادي الاضطهاد على يد الإمبراطور "دقلديانوس" وقد أطلق على هذه الفترة عصر الشهداء، واتخذ القبط من السنة التي اعتلى فيها "دقلديانوس" العرش عام 284 م بداية للتقويم القبطي لكثرة من استشهد فيها من الأقباط .
ومن أبرز مظاهر هذا العصر انتشار نزعة الزهد بين المسيحيين والتي نتج عنها قيام الرهبنة وإنشاء الأديرة العديدة في جميع أنحاء مصر.
ورغم انتهاء عصر الاستشهاد في ذلك الوقت ورغم اعتلاء أباطرة الكرسي الامبراطورى الروماني وفيما بعد اعتنقوه المسيحية إلا أن وجدت انقسامات مذهبية أوجدت للرومان المؤمنين بغير المذهب الأرثوذكسي فرص كثيرة لاضطهادهم للأقباط بمصر المعتقدين الإيمان الأرثوذكسي (الطريق المستقيم )ومطاردتهم مثلما فعل المقوقس مع البابا بنيامين الـ38
تغيرت الأزمنة والأسماء بين الرومان، ولكن كان الاضطهاد واحد من أجل إنهاء المسيحيين وبالأخص الأقباط من على وجه الأرض، وتبقى القوة الرومانية هي المسيطرة، ومع تغير الأزمنة والأسماء تغيرت مصر أيضًا بعد الغزو العربي لها سنة 640 م بخيول وسيوف كان أشهر مستخدميها "عمرو بن العاص"، ورجال شبه الجزيرة العربية وذكرت حقائق كثيرة لشخص كان معاصر تلك الأحداث وهو الأب "يوحنا النقيوسى" أسقف نيقوس وذكر ذلك الأسقف وغيره من المؤرخين مذابح سفكت فيها دماء الأقباط في أنحاء القطر المصري، وتم اضطهادهم وهدم كنائسهم وبيوتهم وإجبارهم على لبس زى يهينهم ووشمهم برسومات تميزهم وتعليق أجراس وصلبان حديدية على رقابهم لإذلالهم، بالأخص في الجانب الشمالي لمصر، كل ذلك وغيره أكد أن الأقباط عانوا أشد المعاناة منذ غزو العرب وحتى الآن.
ولماذا الآن !!!؟؟؟ فالأحداث الحالية تجبرنا أن نتساءل هذا السؤال لماذا الآن!!!؟؟؟
الأقباط بدأ خوفهم يتزايد فالمرشح القادم أن كان للرياسة أو مجلس الشعب ليس تيارًا وطنيًا قوميًا أو يساريًا اشتراكيًا أو ماركسيًا، وليس حزبا ليبراليا أو رأسمالية. القادم جماعة الإسلام السياسي الإخوان المسلمين ومعها التيارات الإسلامية المتشددة.
فهل جماعة الإخوان بعد الاعتراف بها رسميًا ومعها ظهور السلفيين والجماعات المتشددة سيرجعنا إلى عصور الظلام والاضطهاد، والقمع الذي شهده أجدادنا من الرومان!!!؟؟؟
هل سنشهد مثله الآن في عصر الجماعات المتشددة والإخوان !!!؟؟؟
إذا كانت الإجابة لا، فلماذا نرى كنائس تهدم وأخرى تحرق وأخرى تفجر وكنائس وأديرة متهمة بحيازة أسلحة، وأخرى بإخفاء من أسموهم بأسرى، وأخرى تعمل بالسحر والخمور وغيرها وغيرها من الأساطير والإشاعات التي تجعل الرجل المصري البسيط يصدقها بدون تشكيك.
وكأن هنا مخطط للتجيش ضد الكنيسة والأقباط وجعلهم دائمًا موضع اتهام رغم أن الكنيسة وشعبها هم من مصر، وشعب مصر وليسوه خونة أو أعداء حتى يتم فعل ذلك بهم.
وإذا كانت الإجابة لا، فلماذا يخرج علينا أشخاص من أصحاب اللحية الطويلة ومنها المستبعد منها الشارب حتى لا يتمثل بمن أسموهم النصارى، ليقول أن الأقباط ليسوا بوطنين ولا يجب إشراكهم في الجيش ويلتزم إرجاع الجزية عليهم، ولا توجد لهم شهادة كاملة وأما طموحاتهم فلا ولاية ولا رياسة لهم وما بدل دينه منهم لا يرجع وإلا تطبق عليه حد الردة، وستكون المادة الثانية فوق الدستور ومن يناقشها فهو كافر وفاسق وكلام اغرب من الخيال !!!
وإذا كانت الإجابة لا، فلماذا التعليم والأعلام موجهين في ملف المسيحية والمسيحيين أما للهجوم ضدهم أو لتغير حقائق أو لتهميش تاريخهم.
وإذا كانت الإجابة لا فلماذا هذا القمع الوظيفي.
وإذا كانت الإجابة لا فلماذا خطف البنات القصر.
وإذا كانت الإجابة لا فلماذا هذا التهجير المخطط من قرى ومراكز، بالأخص في الصعيد وكأنها إمارة أو ولاية دينية.
ولماذا ولماذا الكثير والكثير من الأسئلة التي تجلعنا نرى رجوع للوراء بداء بالملبس ثم الفكر ثم القول ثم الفعل، فهناك رجوع للوراء لعصور أظلمت بالاضطهاد والقمع ضد شعب عاش سلمى ليس له غاية أرضية أو طمع سياسي أو مادي، شعب متبع تعاليم سماوية راقية تجعل كلمة المحبة تقرب لا بتعد تتحد لا تفرق تقبل الآخر لا ترفضه وإذا مزجت برب الأرباب وملك الملوك ستكون هي كلمة "الله محبة".
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :