السعى نحو تحقيق الهدف
بقلم : الأب القمص أفرايم الأورشليمي
أهمية وجود أهداف لحياتنا ..
+ عندما يكون لدينا أهداف نسعى الى تحقيقها يكون لحياتنا قيمة ومعنى . ان الفرق بين الإنسان الفاشل والمتفوق والناجح والذي يتقدم للأمام دائما ان الاخير يستيقظ صباحا ولديه أهداف روحية وعمليه يسعي لتحقيقها ويتجه نحو تحقيقها يوما فيوم { ليس اني قد نلت او صرت كاملا ولكني اسعى لعلي ادرك الذي لاجله ادركني ايضا المسيح يسوع.ايها الاخوة انا لست احسب نفسي اني قد ادركت و لكني افعل شيئا واحدا اذ انا انسى ما هو وراء و امتد الى ما هو قدام .اسعى نحو الغرض لاجل جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع. فليفتكر هذا جميع الكاملين منا و ان افتكرتم شيئا بخلافه فالله سيعلن لكم هذا ايضا} فى 12:3-15. فهل نسعى نحن نحو الكمال النسبي المراد منا كأناس الله القديسين كما دعانا الإنجيل {فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السماوات هو كامل} (مت 5 : 48).
+ ان البعض من شبابنا يجتهد ويتفوق ويتميز ويصل الي ما يريد لانه وضع أمامه اهداف يريد ان يصل اليها فيجتهد للوصول وكما قال احد الشعراء (لا تحسبن المجد تمراً انت آكله .. لا تبلغ المجد حتى تلعق الصبر) فالنجاح يحتاج للجهد والعرق والسهر ، ان كل ما وصلنا اليه من تقدم هو نتيجة جهد ومحاولات وتجارب أناس آمنوا بامكانية الوصول لاهدافهم ، اما الفشل فيأتى من الكسل وضياع الوقت واهداره لعدم وجود أهداف نسعى اليها أو حتى وجود أهداف خاطئة، حينئذ يشعر الأنسان بالخمول واليأس من الحياة كانها عبء لا يحتمل .
+ ان الإنسان هو تاج الخليقة وقد وهبه الله الطاقات الخلاقة والأمكانيات الجبارة والقدرات الروحية الهائلة ونظرة لما حولنا من مخترعات علمية وتقنية من طائرات وكمبيوتر وموبيل ونت وتواصل بالصوت والصورة وارسال الملفات . وكل الكتابات الادبية والتقدم الطبي والهندسي بل وحتى فى المجال الروحى وما وصل اليه القديسين فى عالم الروح حتى منذ زمن سواء من قداسة السيرة او التعليم السليم ، تشهد على نعمة الله الغزيرة ومواهبه التى منحها للبشر والتى تحتاج الى من يضرمها فى كل مجالات الحياة .
+ لكن علينا ان نضع الاهداف أمامنا ونكون أمناء فى سعينا للوصول اليها ، فان ارادة الوصول الى النجاح وتحقيق الأهداف لابد ان تصل بنا الى تحقيقها . فمن كان يعتقد أن محامي متواضع يرفض اللجوء الى العنف ويدعو الى المقاومة السلمية يستطيع بايمانه بقضيته ان يقوض اركان الامبراطورية التى كانت لا تغيب عنها الشمس . انه "غاندي" الذى استطاع تحرير الهند من قبضة بريطانيا . فماذا تستطيع انت ان تفعل لا لتحرر الهند بل لتحقق أهدافك فى الحياة فى الانتصار على الخطية والشيطان والضعف وتنجح وتقود الذين حولك الى النجاح ؟ عليك اذاً ان تجلس مع نفسك وتحدد الاهداف التى تريدها وتتخذ القرارات المصيرية نحو تحقيقها طالبا العون والحكمة والقوة من الله . خالقا الدافع والحماس الدائم نحو بلوغ هذه الغايات .
+ ربما هناك امور خارجه عن ارادتنا تلعب دوراً فى وصولنا الى أهدافنا لكن نحن الذين نحدد ونتحكم فى أستجابتنا لهذه الظروف ورد الفعل لتغيير هذه الظروف . ان الذين اتوا بالمفلوج للسيد المسيح عندما لم يستطيعوا ان يدخلوا به البيت من الباب نتيجة للزحام صعدوا الى السطح ونقبوا السقف وانزلوه لذلك لما راى السيد ايمانهم { فلما راى ايمانهم قال له ايها الانسان مغفورة لك خطاياك } (لو 5 : 20). ثم قدم له الشفاء الجسدى ايضا. هكذا عليك ان تتخذ القرارات المهمة فى حياتك من الناحية الروحية والاسرية والعملية وليكن منها ما هو قريب وعاجل لاصلاح الخلل والبعض على المدى البعيد للتقدم والوصول الى النجاح الذى تريده . ان الدول المتحضرة تعمل لها خطة لعشر او خمس سنوات تسعى الى تحقيق اهداف معينة فيها ومن خلالها تعمل خطة وموازنة سنويه للوصول الى الخطة البعيدة المدى . وكلما كان هناك التزام ومتابعة ومحاسبة وأمانة ، تتحقق الأهداف . فهل لنا ان نحول ذلك الى عمل فردى وأسرى نسعى اليه وننجح فيه .
+ حدد الادوات والوسائل المتاحة أمامك للقيام باهدافك ، وكيف تحقق هذه الاهداف بالأمكانيات المتاحة لك . ان النجاح لا يحتاج الى عمل المستحيل بل الممكن . حدد الاهم ثم المهم ثم الاقل أهمية وقم بهم بامانة منظماً وقتك بقدر طاقتك ، عبر عن محبتك العميقة للإخرين من خلال كلمات التقدير . قم بعمل الاشياء المؤجلة والتى أثرت بالسلب على حياتك ، عليك ان تبدأ فى تنفيذ الخطوة الاولى نحو تنفيذ الهدف فرحلة الأف ميل تبدأ بالخطوة الأولى . ثم أقطع الميل الثاني فى خدمتك وعملك وبالتصميم والعمل ستصل الى نهاية الرحلة وتحقق اهدافك . أستمر فى إيجاد الحافز والدافع الى النجاح واكتساب المعرفة الروحية والعلمية والادبية لا كاشياء ترفيهية بل أعمل على الاستفادة منها فى حياتك العملية واثراء شخصيتك وأكتساب المهارات اللازمة لكسب الأصدقاء والتاثير على الناس وفن التعامل الناجح فى مجتمعك .
رسالتك فى الحياة ..
+ جاء السيد المسيح متجسداً ليكون لنا النور والحياة الأفضل { ثم كلمهم يسوع ايضا قائلا انا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة} (يو 8 : 12). ومن محبته أشركنا معه فى العمل لنكون نور ايضا لانفسنا وللاخرين {انتم نور العالم لا يمكن ان تخفى مدينة موضوعة على جبل.و لا يوقدون سراجا و يضعونه تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت.فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة ويمجدوا اباكم الذي في السماوات} مت 14:5-16. فهل تقترب من الله وتعرف عظيم محبته للبشر وتستنير بكلماته وتحيا به وتكون نوراً بمبادئك وخلقك وأعمالك وخدمتك للأخرين . وما هي رسالتك فى الحياة ؟ وما هي اهدافك التى تسعي الى تحقيقها؟ هنا نجد السيد المسيح يقدم لنا الطريق الحقيقى نحو بناء شخصية عظيمة ناجحه ، انه طريق الخدمة والعمل والعطاء { فدعاهم يسوع و قال انتم تعلمون ان رؤساء الامم يسودونهم و العظماء يتسلطون عليهم. فلا يكون هكذا فيكم بل من اراد ان يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما. ومن اراد ان يكون فيكم اولا فليكن لكم عبدا. كما ان ابن الانسان لم يات ليخدم بل ليخدم و ليبذل نفسه فدية عن كثيرين} مت25:20-28. فالطريق الى النجاح ليس مجرد كلمات تقال بل أفعال تتحقق { واما من عمل وعلم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات }(مت 5 : 19).
+ انت ايضا سفير للسماء تحيا التوبة وتدعو اليها بالمحبة والقدوة {اذا نسعى كسفراء عن المسيح كان الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله }(2كو 5 : 20).ولكي نكون هكذا يجب ان نكون عارفين بفكر اله السماء ، وان نحيا كشهود أمناء لله والكنيسة . ويكون لنا الاهداف السامية التى نحيا وندعو اليها . فهل نحن أمناء فى تحقيق مهمتنا على الارض والربح بالوزنات المعطاة لنا . ان داخل كل منا نهر من المواهب والوزنات قد لا نستثمر منه الا القليل وكاننا ناخذ منه بكوب صغير ولاننا لا ندع الماء يجري فانه يتوقف ويفسد طعمه من اجل ذلك لابد ان تؤمن بنعم الله وعمل روحه القدوس داخلك وتضرم هذه المواهب { من امن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه انهار ماء حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين ان يقبلوه لان الروح} يو 38:7-39. أما ثمر الروح الذى فيك { و اما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان. وداعة تعفف} غلا22:5.
+ لقد طلب بعض الرهبان من الانبا باخوميوس مؤسس نظام الشركة الرهبانية أن يصلى من أجلهم كى ينالوا موهبة عمل المعجزات فقال لهم : إن رأيتم انسان غير مؤمن و أنرتم أمامه الطريق الذي يقوده إلى معرفة الله تكونون قد أحييتم ميت. و إذا رددتم أحد المبتدعين في الدين إلى الأيمان المستقيم تكونون قد فتحتم عيني أعمي. و إذا جعلتم من البخيل كريماً تكونون قد شفيتم يداً يابسة. و إذا حولتم الكسلان إلى النشاط تكونون قد منحتم الشفاء لمقعد مفلوج. و إذا حولتم الغضوب إلي وديع تكونون قد أخرجتم شيطاناً. هل هناك شئ يطمع الإنسان أن يناله أعظم من هذا؟ واول عمل المعجزات هو معجزة تغييرك انت فى كل الاشياء السلبية الى الأيجابية ومن التعلق بالارضيات فقط الى التطلع نحو السمائيات ثم السعي لجعل حياة الذين هم حولك أفضل بالتشجيع والعطاء والمساعده لاكتشاف مواهبهم وتنميتها .
+ لا تستهين بنفسك ولا تقلل من أمكانياتك وقدراتك { اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء و اختار الله ضعفاء العالم ليخزي الاقوياء و اختار الله ادنياء العالم و المزدرى } (1كو 1 : 28). لقد اختار الرب موسى النبى لقيادة الشعب قديما وهو يشعر بضعفه وحوله الى قوة { فقال موسى للرب استمع ايها السيد لست انا صاحب كلام منذ امس و لا اول من امس و لا من حين كلمت عبدك بل انا ثقيل الفم و اللسان، استمع ايها السيد ارسل بيد من ترسل}(خر 4 : 10،14). واختار الله داود النبي وهو فتى صغير يرعى غنم ابيه فى البرية ليهزم جُليات الجبار ويكون ملكا وقاضيا ونبى . ان الله يبحث عن الأمناء والذين قلوبهم كاملة نحوه . ويريد ان تشترك فى العمل معه فلا تكن كإرميا الذى تعلل بصغره { فقال الرب لي لا تقل اني ولد لانك الى كل من ارسلك اليه تذهب و تتكلم بكل ما امرك به (ار 1 : 7). بل تشدد بالرب وانتظر عمله معك {و اما منتظروا الرب فيجددون قوة يرفعون اجنحة كالنسور يركضون و لا يتعبون يمشون و لا يعيون }(اش 40 : 31).
+ لتجلس مع نفسك يا عزيزى وتحدد الاهداف التى تطمح الى تحقيقها سواء فى المجال الأسرى او الأجتماعى او فى العمل او فى المجال الروحى ، ويجب ان تكون مؤمن بها وقادر بالرغبة والارادة والأمكانيات على تحقيقها . فتعالج سلبات حياتك وتنطلق الى تحقيق السعادة لك ولمن حولك . ففى المجال الروحى لابد ان نتوب ونتخلص من الضعفات والسقطات وننمو فى الروحيات والفضيلة ومعرفة ارادة الله لنصل الى حياة القداسة التى بدونها لن يرى أحد الرب .
كل شئ مستطاع للمؤمن ..
+ ايماننا بك يارب يجعلنا نستطيع ان نسير من قوة الى قوة ، فانت قوة الضعفاء وحكمة الجهال ونوراً للذين فى الظلمة ، ونحن نؤمن باننا نستطيع كل شئ فيك ايها الراعي الصالح الذي تقوينا . كان ايليا رجل تحت الآلام مثلنا وكانت صلاته الواثقة تغلق وتفتح ابواب السماء . ونحن ثبتنا قلوبنا نحوك لنصل بك الى النصرة على الضعف والخوف والفشل والشيطان وروح اليأس التي يبثها فينا . لنسير بك نحو النجاح والوصول الى حياة الفضيلة والبر .
+ ايها الروح القدس الذى عمل فى الانبياء والرسل والمؤمنين عبر التاريخ ، أعمل فينا وبنا من اجل مجد اسمك القدوس وبنيان نفوسنا والذين يسمعوننا ايضاً ، أجري داخلنا ينبوع المياة الحية التى تشبع وتروي الارض اليابسة وتخرج منها بستان ثمر الصلاح . حتى نشبع ولا نعود نبحث عن آبار العالم التى لا تضبط ماء بل تكون انت ينبوع شبعنا ومحبتنا .
+ انت يارب قادر ان تهب ابنائك وبناتك أكثر مما يطلبون أو يفتكرون حسب غنى مجد نعمتك ، وانت قادر ان تهبنا روح الرجاء المتجدد ، والايمان العامل بالمحبة ، وانت قادر ان تهبنا الحكمة والنعمة والقوة لنتغير عن شكلنا بتجديد اذهاننا لنعرف ما هي ارادتك الصالحة الكاملة المرضية وتكون مسرتنا فى تنفيذها . انت قادر يارب ان توحد قلوبنا فى الايمان والمحبة لنعمل من اجل بنيان كنيستك الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسولية ومن أجل نجاح كل نفس فيها فى البلوغ الى ملء القامة والنعمة والحكمة والوصول الى ملكوت السماوات .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :