لو لنا لوبي من زمان ... كان زمانا لنا مكان ..!!
بقلم: نبيل المقدس
شاهدت برنامج الأستاذة باسنت موسي في نشرة الأخبار مستضيفة الشاب رامي كامل منسق إتحاد شباب ماسبيرو .. وأنا لا أنكر مجهودات هؤلاء الشباب , ومقدرتهم المتواضعة في إقتحام العمل السياسي , كما أشفق عليهم لإقتحامهم موانع حصينة من التكتلات الأخري ذات الدعم والخبرة, وعلينا أن نفتخر بهم لأن عملهم هذا عبارة عن بذرة سوف تنبت وسوف تمثل طائفة ليست بقليل موجودة فعلا في الوطن , وتعاني من الأغلبية الكثير من النبذ والإضطهاد وسلب بعض الحقوق . لكن ...!
علينا أن نقر أن الكنيسة لا تحمي الأقلية .. وهذا بديهي جدا , فعمل الكنيسة هو فقط للتعليم الروحي , وتثبيت الإيمان , وإجراء الطقوس الدينية , وتربية الفرد أخلاقيا , وتوجيهه إلي الطريق السليم في حياته اليومية , بالإضافة إلي الخدمات الإجتماعية , وإحتضان الكثير من اليتامي , وتقديم خدمات صحية بأقل القليل ... إلخ . كل هذه الأعمال التي تقوم بها الكنيسة ليست لها أية صلة في حماية الحقوق المدنية للفرد المسيحي بالنسبة للمجتمع الموجود فيه , لكن ربما العكس ومن منطلق وداعتها , تعمل عن غير قصد علي إسقاط الكثير من حقوق أبنائها في حياتهم المدنية ... نحن نريد قوة تمثل الأقلية .. لها أجندة وأهداف معينة .. هذه الأجندة أو الأهداف تعمل من أجل مصر أولا ثم تعمل من أجل الحفاظ علي مصالح المسيحيين من الذين يتربصون لها , ويتخذون شريعة ديانتهم هي الحق المطلق الواجب أن يُطبق علي جميع الطوائف.
نحن ننخدع كثيرا بالقول : " أنه علينا كأفراد أن نندمج في المجتمعات المدنية, وأن نشترك في تحالفات تجمع العناصر الأخري والطوائف الأخري , وعلينا أن نشترك كأفراد في أحزاب معتدلة تجمع ليبراليين يؤمنون بحقوق الإنسان وحرية العقائد وغيرها من التعبيرات الرنانة والتي ظهرت وإتضحت بأنها لا تنفع ولا تضر".
تكلمت كثيرا منذ سنتين حتي وقت قريب , عند بداية ظهور جماعة الإخوان علي الساحة وبداية جذورهم تقوي في الشارع المصري , بأنه حان الوقت أن نُكوّن مجموعة مسيحية لكي تكون بمثابة الكفة الأخري حتي لا يختل ميزان المجتمع المصري, ونصبح نحن الكفة التي ليس لها ثقل في أي قرار أو أي عمل يظهر أمامنا علي الساحة السياسية . وقلنا وقتها أن القيام بلوبي مسيحي ليس خطيئة أو تهمة نعاقب عليها .. أنا لست ضد الإنغماس في المجتمع مع إخوتنا المشاركين معنا في الوطن .. لكن كان الأفضل أن نشترك ككيان أو كمؤسسة لها كلمة , ولها تأثير علي مجري الأحداث , فالكيان أفضل بكثير من مشاركة افراد , حيث كل فرد مسئول عن نفسه ويعبر عن نفسه ..
أنا ضد كلمة [لوبي] .. فهي تدل علي مجموعات مستوطنة أرض غريبة .. ربما وضعتها في العنوان كجذب بأهمية الموضوع حيث أننا كمسيحيين نشعر دائما أننا أغراب في بلدنا , وأفضل أن ندعو هذه الجماعة " بجماعة الطريق " . وهي كيان واضح يجمع فقط مسيحي مصر من جميع مستوياتها .. تعمل علي حماية العقيدة أولا وإظهار شريعتها الحسنة , وأن تكون أكثر جرأة في مواجهة من يحاول تهميشنا , وأن تقتحم وتشارك مشاركة فعلية في العمل السياسي . فكلما رفضنا المواجهة نزداد ضعفا .. وهذا الذي كان يحدث طيلة السنوات والعقود السابقة .. فإذ كنا نخلو من الشجاعة فإننا كمَنْ يَخْفون رؤوسهم خوفا .. ومن يخفي رأسه مدة طويلة لا تبقي لديه أية فكرة إذا ما عاد وأطل به. الكثيرون منا يخسرون أنفسهم لإنعدام عنصر الجرأة فبدلا من أن يقفون ويتمسكون بها نجدهم يزحفون علي بطونهم كالديدان . ما زلنا نتواري وراء إخوتنا المسلمين المعتدلين .. جعلناهم لسان حالنا .. أصبح وجودهم واجب عندما نطالب بحقوقنا لكي تصبح مطالباتنا شرعية وقانونية , وهذا يشير إلي مدي التهميش ومدي ضعف شخصيتنا أمام الدولة وأمام التحالفات الأخري . وأحب أن أقول لكل مَنْ يريد أن يمشي علي الطريق لكي يحقق أهدافه يجب أن يعتاد علي منظر دمه .. وعلي حد قول الرسول بولس " عالمين أن الضيق ينشيء صبرا , والصبر تزكية , والتزكية رجاء – والرجاء لا يخزي " رسالة رومية 5 : 3- 5 .. أي أن الشخصية المزكاة تنشأ عن الصبر الناشيء عن الضيق , وتنشيء بدورها رجاء – والرجاء هو الوحيد الذي لا يخيبنا ولا يخزينا.
خرج علينا الدكتور شريف دوس بإعلان عن مولد كيان دعاه " هيئة الأقباط العامة " .. تكلم عنها بإختصار شديد في موقع الأقباط المتحدون .. فرحنا بهذا الخبر .. تجدد رجاؤنا .. وهرعنا بكتابة تعليقات علي حديثه والذي حوي أننا مستعدون أن نساهم ونشارك معه .. لكن لم تكتمل فرحتنا .. فقط أخذ الريح كلامه وراح .. وفص ملح وذاب . كنا نأمل أن يستدعينا لملاقاته لكن إتضح أنه هيئة ملاكي لأشخاص معينة . وهذا ليس ما ننشد إليه .. نحن نريد جماعة من الشعب المسيحي , ولا نريد أسماء لامعة . فقد جربنا هذه الأسماء , لكننا لم نشعر بهم بتاتا . نريد هيئة فعالة .. نريد تنظيم نقرأ عنه يوميا .. نريد مجموعة قيادية تُملي علينا أهدافها . ولا نريد شكليات ونماذج.
نادينا من قبل بعمل حزب مسيحي .. بعد ما إكتشفنا أن هناك مجموعات كسرت مباديء تكوين الأحزاب بمرجعيات دينية .. كان لا بد أن لا نظهر بشكل المنكسرين , ونُصبْر أنفسنا أن أغلب الشعب هم من المسلمين المعتدلين وعلينا أن نساهم معهم .. لو كانت لنا قوة وكيان مسيحي لما تجرأ الآخرون بالتهكم علينا والإزدراء بنا في فضائياتهم .. وأتصور لو كانت لنا هيبة وكلمة لما كانت تُوجد هذه الحملة المسعورة علي رجل أعمال مسيحي . لو كان لنا كيان حقيقي لما تجرأ هؤلاء علي التجمهر أمام الكاتدرائية ليطالبوا بأخواتهم المختطفات حسب قولهم . لو كان لنا كيان مؤثر لما تجرأ أحدا أن يتفوه ويطلب بوضع أموال الكنائس تحت المراقبة . أو يتجرأ أحدا ويعلن علي الملا أنه من الواجب بل من حقه أن تقوم الحكومة بتفتيش الكنائس .. وصل بنا الحال أن نصبح " ملطشة " القوي الأخري لنيل أغراضهم , والإستحواز علي مصر كلها ...!!
كفانا جبن وخوف .. وصدقوني لوكانت لي وزنة وموهبة القيام بهذا العمل , كنت لا أتواني .. لكن أدعو وأطلب إلي كل من له معرفة تكوين هذا الكيان أن يعلن عن ذاته .. وأنا واثق أنه سوف يجد أناسا مسيحيين سوف يهرعون للإستجابة.
كان أملي أن أقرأ خبرا عن رأي القوي المسيحية من قانون إنتخابات مجلسي الشعب والشوري .. كان أملي أن أشاهد عضوا يتكلم عن كيان مسيحي في برامج التوك الشو .. وهنا لا أقصد الأسماء المسيحية " التي لم تتغير " والذين يخرجون علينا في البرامج , فهم يتحدثون إما عن رأيهم الخاص أو عن حلف أو حزب عام.
نريد كيان مسيحي .. له رأيه .. له شخصيته .. له أهدافه .. له آلياته .. له قيادات واعية .. لو كان ده فعلا موجود لكان زمانا علي أرض الواقع .. ولم نكن ما إلا انماط ونماذج ............!!
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :