هــل المجلس الأعلى للقوات المسلحة يؤمن بثورة الشعب ؟؟!!
بقلــم : أنطونــي ولســن
للوهلة الأولى لمن يقرأ هذا العنوان يشعر أنه مستفز، والحقيقة غير ذلك إنه سؤال يطرح نفسه في عقل ووجدان كل مصري مخلص لمصر وللشعب المصري المطحون عبر سنوات القمع التي مر بها، وليس من المهم أن يكون هذا المصري أو ذاك من المقيمين على أرض مصر، لسبب بسيط إن كل من يعيش خارج مصر مازالت وستظل مصر في قلبه وعقله ووجدانه، كل ما هنالك وجود فئات تريد تحجيم فكر ونشاط المصريين في الخارج .
نعم أنا أسأل هنا هذا السؤال: هل المجلس الأعلى للقوات المسلحة يؤمن بثورة الشعب التي اندلعت في الخامس والعشرين من شهر يناير هذا العام 2011 ؟؟!!
طبيعي الإجابة من كل عاقل متفهم للأمور ستكون بنعم وأنا واحد منهم .
إذن إذا كان ذلك كذلك لماذا تضع مثل هذا السؤال المستفز عنوانا لمقالك؟؟!!
الحقيقة لقد سبق وكتبت وشكرت المجلس الأعلى للقوات المسلحة لعدم استخدامه كأداة قمع من الرئيس السابق "مبارك" كما فعلت ومازالت تفعل جيوش دول أخرى عربية . وهذا في حد ذاته شيء نفتخر به الآن وإلى الأبد فالتاريخ سيسجل ذلك بحروف من نور ولكن !.
منذ الخامس والعشرين من يناير وحتى كتابة هذا الكلام لم يحدد المجلس الأعلى للقوات المسلحة هويته تجاه مستقبل مصر سواء السياسي أو العام .
قال المجلس أنه لا يريد الاستمرار في تولي إدارة البلاد وتم تعين وزارة رفضها الثوار الذين اختاروا وزارة أخري في ميدان التحرير برئاسة الدكتور "عصام شرف"، لكننا جميعًا لاحظنا موقف رئيس الوزراء ووزارته مكتوفة الأيدي، ولا تستطيع أن تظهر قدراتها في إدارة شئون البلاد التي أختارها الشعب لذلك وواضح أن المجلس الأعلى له يد في ذلك ولم يعط رئيس الوزراء ووزارته حرية التصرف واتخاذ ما يجب اتخاذه دون الرجوع إليه، مما قيد حركة الوزارة والوزراء وكأن المجلس بهذا التصرف يقول لرئيس الوزراء ووزارته نحن نحكم مصر وليس أنتم، ولا تنسوا أنكم وزارة تسير الأعمال ولستم وزارة ثابتة ويمكن الاعتماد عليكم أو إعادة انتخابكم بعد استقرار الأمور. هذا من ناحية الوزارة ، وزارة تسير الأعمال لكنها مشلولة الحركة ولا حول لها ولا قوة فمن الطبيعي لن تستطيع تأدية واجباتها على الوجه الأكمل .
هذا من ناحية الوزارة ، وزارة تسير الأعمال دون معرفة حقيقة صلاحيتها في تسير هذه الأعمال وما هو المطلوب منها .
نأتي إلى الناحية العامة وتسير المجلس للأمور بحكم أنه المسئول، كانت ومازالت غير واضحة . مثلاً لم يتوانى عن السماح بعودة المبعدين الإسلاميين المتشددين وكأنه كان في انتظار تلك الفرصة ولماذا ؟؟ العلم عند الله والمجلس . لا أريد إعادة الكلام عن ما حدث للمسيحيين دون اتخاذ الأمر بجدية ومعاقبة الفاعل، مما ترك أثرًا واضحًا مشجعًا مما أدى إلى رفض أهالي قنا تعين محافظا مسيحيًا والخسارة التي تسببت عن ذلك بسبب الإعتصامات ولم يتخذ في الأمر ردعًا لمن يفكر في القيام بمثل ذلك العمل .
"تعديل بعضًا من مواد الدستور" تم بطريقة فيها علامات استفهام كثيرة والذي أكد ذلك الاستفتاء الذي أجري على التعديلات، والطريقة التي تمت به يدل على عدم الاهتمام بالثورة ومتطلباتها وكأنه أراد إرضاء فئة لا أحد سيعترض عليها لو حدث ذلك في انتخابات حرة تضم جميع أطياف الشعب المصري ومؤسساته .
"موقعة الجمل" وما حدث فيها من استشهاد شرفاء وإصابة الآلاف من الشعب المصري بعضها إصابات سببت إعاقات دائمة دون قمع من القوات المسلحة في الوقت، واللحظة دون ترك الحبل على الغارب وكان في إمكان الجيش التصرف ولا حجة له في ذلك . والأكثر غرابة ما قرأنا وشاهدنا جثث 19 شهيدا لم يتم التعرف عليهم أو حتى محاولة البحث عن أهالي الشهداء للتعرف عليهم .وكأن الأمر لا يعنيهم ، وهذا شيء غير مرضي من جهة أصبحت مسئولة أمام الله والشعب في رعاية مصالح المواطنين .
طالب الشعب، ولكي أكون محددًا بعضًا من أبناء مصر ومفكريها بأن يكون الدستور أولا بعد إعلان المجلس الانتخابات البرلمانية أولا ولم يهتم المجلس بالأمر ولم يستمع لمطالب الغالبية وأستمر في مخططه الرامي إلى إعطاء الفرصة لفئة على حساب فئات أخرى وأنقسم الشعب إلى المناداة بالدولة الدينية و الدولة الليبرالية مما دفع بالبعض التشكك في نوايا المجلس خاصة أن الراغبين في الدولة الليبرالية غير مجهزين لضيق الوقت المحدد للانتخابات لتنظيم أنفسهم للخوض في الانتخابات على عكس الجانب الأخر المنادي بالدولة الدينية .
لم يشعر شباب الثورة على أنهم جزء لا يتجزأ من الوطن الذي عرضوا أنفسهم من أجله بسبب تجاهل المجلس لهم وكأن المطلوب منهم القيام بإعتصامات ليلفتوا أنظار المجلس الحاكم بوجودهم مما دفع بالبعض يظن أن مصر مازالت تحكم من قبل النظام السابق لتشابه الأمر في تسير أمور البلاد بالتشكيك كل فئة في الأخرى والاتهامات التي تساق جزافا بتمويلات أجنبية أو التعاون مع جهات لها مصالح في عدم الاستقرار .
كم هو مؤسف أن نظل محلك سر منتظرين من يأمرنا بالتحرك ويقول " إلى الأمام معتدل مارش " .ولا أحد يملك هذا القول غير المجلس الأعلى، والمجلس نفسه يقف محلك سر لماذا ؟؟ لا أحد يعرف !! قد تكون حكمة العقلاء هي التي تريد أن تتصرف بكل حذر دون الاندفاع مع تهور الشباب. وفي الوقت نفسه لم يعط للشباب فرصة الاشتراك في تحمل المسئولية مما أدى إلى ما وصفه الدكتور هاشم بحري أستاذ الطب النفسي ، جامعة الأزهر " اللي حاصل دلوقتي اللي هو بيقلق الناس ما فيش حركة من الدولة وقامت بيها لقدام، إيه إللي حصل فكرة ثورة الحضارة وقفت وحصل خلط ما بين الحضارة والثقافة ... الشباب حركة والكبار حكمة .. عصام شرف كرئيس وزراء لما عين الوزرا ، يعين مع كل وزير أربعة شباب مساعدين من شباب الثورة ... " هذه حقيقة الشباب حركة والكبار حكمة ومع الحكمة التأني ومع شباب اليوم التحرك العلمي المبني على نظريات علمية وسياسية واقتصادية وأيدلوجية لم يعتمد على فرع معين من فروع المعرفة ، بل هو خليط علمي ديني له جذور حضارية تعتبر أقدم وأعرق حضارة عرفت معنى التعايش ومعنى التقدم ومعنى التماسك والتضحية من أجل مصر وقصة الملك أخيتاتون أكبر دليل على صدق كل ما قيل ويقال على حضارة مصر، والشعب المصري الذي يؤمن بمصر أولاً ومصر أخيرًا وأثمرت التعددية ثمارها في خلق وطن منصهر في بوتقة واحدة أسمها مصر .
في السياسة لا شيء أسمه نفذ الأوامر وبعدين أتظلم .. لأ .. الأوامر يجب إعادة التفكير فيها مرة ومرات حتى يستقر الأمر لما فيه خير مصر والشعب المصري.
الدستور أولاً مطلب أساسي وجوهري لأن الدستور هو أساس بناء الوطن ونحن في مرحلة ثورة أي عدم رضي واحتجاج . لماذا نقيدها ونفرض الأوامر ونصر على الانتخابات أولاً، ثم يأتي الدستور وعند مناقشة الموضوع بروية لا أحد يستمع وتظهر سلطة القوات المسلحة التي لا تقبل النقاش فيما أملته وقررته وتطبيق نظرية نفذ أولاً ثم أعترض .
لا خواطر فيما يخص الوطن. لا توجد في الأنظمة الحضارية الحالية شيء أسمه الدولة الدينية أو حزب له مرجعية دينية . بالنسبة لمصر هي دولة إسلامية متعددة الأديان والملل والمذاهب، ولا مرجعية بالنسبة للمسلمين غير الأزهر الشريف الذي فقد هويته العلمية الدينية بضياع المجهود الديني في خلطة التعليم العلماني في جامعة أزهرية دينية . يجب أن يعود الأزهر المنارة الإسلامية للعالم الإسلامي وغير الإسلامي لينير العالم كما كان سبب إنشائه في قاهرة المعز وأن تستقل الجامعة عن الأزهر ويكون لها كيانًا مستقلاً مثل بقية الجامعات المصرية. ما الذي يحدث الآن، وسأكون صريحًا معكم.. هل لو أن الأزهر الشريف هو المرجعية الإسلامية الوحيدة ما كنا سمعنا كل ذلك الكم من الفتاوى حتى لو كانت صادقة . لأن لكل مقام مقال ووقت كما نصحني أحد الشيوخ في قنا منذ أكثر من خمسين سنة مضت .ولا يسمح لأي إمام مسجد بالخوض في أمور الفتاوى على الناس بل تكون المرجعية لقسم الفتاوى بالأزهر الشريف . كما تكون الكاتدرائية المرقسية بالعباسية هي المصدر الأساسي والوحيد فيما يخص التشريعات الدينية المسيحية ، وهذا ينطبق أيضا على الكنائس الأخرى إن كانت الإنجيلية أو الكاثوليكية كل منها رئاساتها مسئولة عن إصدار أو الحديث فيما يخص أمور الدين حسب الإيمان المسيحي .
السياسة لعبة التلت ورقات .. عندنا مثل بيقول .. إنت حتشتغلي في البوليتيكا .. أي السياسة ، يقوله أبن البلد عندما يناقشه أحد في موضوع فيه لف ودوران .لا مانع من وجود أحزاب دينية لكنها لا تحكم باسم الدين إنما تحاول وأضغط هنا على كلمة تحاول تكريس القيم الدينية ومن يستجيب خير وبركة ومن لا يستجب لا تهديد له أو لها كل يتحمل وزر أفعاله في يوم الحساب طالما لايسبب ضررًا لأحد على الأرض .
أعود إلى عنوان المقال " هل المجلس الأعلى للقوات المسلحة يؤمن بثورة الشعب ؟؟!! " وأختم بالقول الأفعال لا الأقوال هي التي تثبت وتبرهن على أن الأعلى إن كان يؤمن بثورة الشعب أم لا . وكما قلت في بداية الكلام أن الأعلى يؤمن بثورة الشعب، وأضيف .. لكن لا أعرف سببا لضياع الوقت ، يجب أن توجد خارطة واضحة المعالم يشارك في وضعها الشعب مع الجيش والشرطة، خارطة تكون واضحة المعالم محددة الأهداف الأساسية التي سيتم بها التحول من دولة ديكتاتورية إلى دولة ديمقراطية مستنيرة متدينة نستطيع أن نعيد لمصر كرامتها وعزتها بين الأمم .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :