الأقباط متحدون | استرداد الكرامة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:٠٤ | الجمعة ١٢ اغسطس ٢٠١١ | ٦ مسرى ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٨٣ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

استرداد الكرامة

الجمعة ١٢ اغسطس ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: د. حمدي الحناوي
فى كل مجتمع توجد سلطة تدير شئونه، ولكى لا تستبد تلك السلطة يجب أن تخضع لإرادة الشعب وتستمد منه شرعيتها، عن طريق انتخابات حرة وشفافة. لكن الاستبداد فى بلادنا فرض دستورا شكليا، سمح بوضع قوانين غير أخلاقية تجعل مقاومة السلطة جريمة تستوجب العقاب. وقد نجح الاستبداد فى غرس الخوف لدى كثير من الناس، وكان من أهم أدواته الاعتقال ومحاولة إذلال من يقبض عليه، وتحطيم معنوياته وإهانة كرامته.

هذا تراث أجهزة الأمن، استخدمته لردع المواطنين، وإثنائهم عن أى مقاومة. وليس غريبا أن يخضع الناس لذلك مكرهين، والغريب أن يتقبله البعض كجزء من ثقافتهم، وأن يعتادوا على السير منكسين رءوسهم، دون أن يروا فى هذا إهانة لكرامتهم. والأغرب أن يظل هذا التراث حيا بعد ثورة 25 يناير التى رفضت استمرار الأمر الواقع. وكانت حجة قبوله أنه يؤدى للاستقرار وانتظام الأعمال، وهى حجة لم تكن نتيجتها على مدى ستين عاما سوى هزائم مهينة للوطن.

قد نتوقع تخاذل العامة الذين يفتقدون الوعى، أما تخاذل المتعلمين فهو شهادة بأن الاستبداد حقق نجاحا نحسده عليه. وقد نجح لأن الجميع قبل الثورة اكتفوا بالتحايل على القوانين، وشاع انتشار الرشاوى للحصول على بعض الحقوق. وهذا تحايل غير أخلاقى بدوره، قد يوفر حقا لمن يدفع، لكنه يكرس الإذلال والفساد والاستبداد والمهانة. وقد يكفى فى النهاية للحصول على التراخيص مثلا، لكنه لا يصلح أساسا لتحقيق الأهداف الوطنية.

لم يكن أمام الأحرار غير التمرد على السلطة الغاشمة وإسقاطها، ولا يجوز اعتبار ذلك خروجا على الشرعية، فلا شرعية للاستبداد مهما حاول أن يتجمل. وإذا حاولت أى سلطة جديدة أن ترث امتيازات السلطة القديمة التى أسقطتها الثورة، فسوف يتعين إيقافها عند حدودها قبل أن تتحول إلى ديكتاتورية جديدة وتصنع فسادا جديدا. ولا بد من اليقظة الكاملة، حتى لا نلوم أنفسنا حين نكتشف أن الثورة التى نفذها الأبطال اختطفها الاستبداد والفساد مرة أخرى.

كانت توجد دعوات دينية تكرس طاعة الحاكم وعدم الخروج عليه، وكان مفهوما أن تتبنى الكنيسة ذلك الموقف. وحين نهض رعايا الكنيسة يدافعون عن حقوقهم، كان هذا موضع ترحيب. وقد كنت ممن دافعوا عن بناء كنيسة العمرانية، وكتبت فى حينها أن هذا حق مشروع، ورفضت أن يتهم الشباب القبطى بالبلطجة، ورفضت دعوى أن البناء مخالف للترخيص. لم يكن ذلك اقتناعا بأن البناء لم يخالف الرخصة، بل كان اقتناعا بأن القانون الذى يرفض ترخيص كنيسة هو قانون غير أخلاقى ينبغى ألا نطيعه.

الآن نتقبل أيضا نهوض السلفيين مع رفض دعواتهم العنصرية. المسألة ليست موقفا عابرا أو انتقائيا بل موقف مبدئى، فى مواجهة أى قانون أو إجراء أو ادعاء لاأخلاقى، وهو الموقف الذى اتخذته إزاء فض الاعتصام الأخير بالقوة. ومع أن الاعتصام كان مواجهة مع سلطة وفرت حماية للثورة، إلا أنها لا يحق لها فى المقابل أن تفرض وصايتها. وضمانا لعدم الطغيان، ولكى لا تظهر ديكتاتورية جديدة، يظل الموقف المبدئى هو التمسك بإسقاط أى قانون أو تعليمات أو أوامر تجرم مقاومة الاستبداد. ولتسمى الأشياء بأسمائها، أقول لا قداسة لأى سلطة.

هيبة الدولة تخضع لضوابط دستورية وقانونية، وليس من تلك الضوابط إهانة الناس أو ضربهم. لقد آن أن ينتهى عصر الإذلال، وآن للمصرى أن يرفع رأسه. وآن لنا أن نواسى من اعتادوا على تلك الأوضاع، وأن نثير لديهم مشاعر النخوة، ليحسوا بأن الكرامة لا تتجزأ، وأنه لا يجوز المساس بكرامة مواطن ولو أخطأ.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :