الأقباط متحدون | حكومة "ما يطلبه المعتصمون"
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٤:١٧ | الاثنين ٢٢ اغسطس ٢٠١١ | ١٦ مسرى ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٩٣ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

حكومة "ما يطلبه المعتصمون"

الاثنين ٢٢ اغسطس ٢٠١١ - ٤٢: ١٠ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: رمزي حلمي لوقا

لا يمكن التكهن بما دار داخل مجلس الوزراء المصغر، خلال إنعقاده لبحث سُبل الرد على الأزمة الطارئة، التى نشأت على الحدود المصرية الإسرائيلية، والتى راح ضحيتها خمسة شهداء من قوات الأمن المصرية، إن الكلمات الفخيمة التي أثيرت حول الاجتماع، كانت تنبئ بأننا إزاء إعلان للحرب على إسرائيل، بينما الجميع يدرك تمام الإدراك أن حكومة تسيير الأعمال بقيادة الدكتور "عصام شرف"، ليس في مقدورها الوفاء بأبسط تعهداتها التي كبـّل الرجل حكومته بها، مما اضطره إلى تغيير الوجوه الوزارية غير مرة، عسى أن يمتص موجة الاستياء العارمة التي تعتمل في صدور المصريين، تجاه تلك الحكومة التي لا تملك من أمرها شيئًا، فما بالنا بالتصدى لقضية تحمل هذا القدر من الأهمية والخطورة، والتي أدت الى تصعيد وتيرة العداء نحو دولة إرتبطنا معها لعقود، بمعاهدة سلام جنبتنا ويلات حروب طويلة، ولنعترف أن حسنة "مبارك" الوحيدة التي يمكن الإشارة اليها - للمـُنصف - هي حرصه على إستمرار عملية السلام مع الجانب الإسرائيلي، طيلة ثلاثة عقود، رغم ما واجهها من تحديات وعراقيل.

إن القيادات التاريخية، هى التى تستطيع أن تنتهج سياسات، تقود بها سفينة الوطن إلى بر الأمان، بغض النظر عن حجم التأييد الشعبي، ولنذكر هنا السادات، الذى قاد المنطقة حينها، لعملية سلام رفضها العرب حُكــَّامًا ومحكومين، مما أدى إلى مقاطعة عربية واسعة، مع اتهامات عربية، لمصر وزعيمها الراحل بالخيانة والعمالة، كما رفضها قطاع من الداخل المصري، بما يحويه من تيارات دينية متشددة، مما أدى إلى إغتيال السادات فى آخر الأمر. ثم ها هم - العرب - يضطرون بعد عقدين أو يزيد من مقتل السادات، للاعتراف بحكمة الرجل وحنكته وبـُعد نظره، وبأنهم أضاعوا على منطقة الشرق الأوسط فرصة ذهبية للسلام، واستعادة الحقوق المشروعة للشعوب العربية.

إلا أن التيارات الدينية ما زالت ترفض إتفاقية كامب ديفيد رفضًا قاطعًا، ولكنها تعلن تحفظها على بعض بنود المعاهدة - من باب إزدواجية الخطاب العلني مع الخطاب السري - من أجل تسويق نفسها كفصيل سياسي، ملتزم بالإتفاقيات والمعاهدات الدولية،التى أبرمتها الحكومات البائدة، وتعِــد بأنها - حال وصولها للسلطة - ستراجع بنود كامب ديفيد، وقد بيَّتت النية على إلغائها، وها هي الفرصة أصبحت سانحة الآن، للضغط على حكومة شرف للتصعيد مع الطرف العبري، تمهيدًا لقطع العلاقات بشكل نهائي، فالمظاهرات والاعتصامات أمام السفارة الأسرائيلية، يغلب عليها لافتات ممهورة بإمضاء الأخوان المسلمين، بالإضافة إلى الشكل النمطي لباقى التيارات الراديكالية الأخرى. وعلى نفس النغمة المفعمة بالتصعيد، أدى كل اللاعبين الأساسين في السيرك السياسى دورهم، حتى لا يشذ أحدهم فيتم نبذه وإنزاله عن "الإستادج"، فلن نجد اختلافًا يذكر بين تصريحات مرشحي الرئاسة المحتملين، وبين باقى الفصائل السياسية حول القضية المثارة.

فالجميع يدَّعى أعلى درجات الوطنية والثورية، والكل يزايد على الآخر، وجميعهم يتلاعب بمشاعر الجماهير، والرقص على حبل إلغاء معاهدة السلام. إن عملية سلام الشرق الأوسط، التى طالما باركها الشعب المصرى، لا يجب أن تكون أولى ضحايا ربيع الثورات العربية.

إن حكومة " ما يطلبه المستمعون " أو بمعنى أصح " ما يطلبه المعتصمون " التى نشأت بعد الثورة، والتى إدعت لنفسها الشرعية الثورية، بناءً على تأييد ميدان التحرير لها - وهى بالقطع حكومة شرعية بناءً على تكليف المجلس العسكرى - لا تستطيع بحال أن تتعامل مع ملف بالغ الحساسية، مثل ملف معاهدة السلام، وبنودها السرية التى يستغلها الآن حواة وبهلوانات السياسة وتجارها فى المزايدات الثورية التى نحياها. على الحكومة ألا تتخذ مواقفها إرضاءً للجماهير، وخاصة ً فى ثوابت السياسة الخارجية المصرية، فالحكومات هى التى عليها الإضطلاع بدور القيادة، ولابد أن تسير خلفها الشعوب، فالديمقراطية لا تعنى أن تستجيب الحكومات لرغبات الشعوب، فتسير وفق أهواء الأغلبية، حتى لو كان فيها خراب البلاد والعباد، ولكن على الحكومات أن تكون لديها القدرة على إتخاذ القرارات الحاسمة، التى فيها صالح الوطن، حتى لو قوبلت بالعصيان المدني، ولنا في فرنسا وإنجلترا - وهما من أكبر الديمقراطيات العالمية - أسوة حسنة، عندما أصر ساركوزيه على رفع سن التقاعد، رغم الاحتجاجات العنيفة التى عمت فرنسا، ولكنه لم يتراجع عن إتخاذ قرار حتمى، بينما كان من الممكن أن ينصاع لرغبة الشعب و"يريَّح دماغه"، ويلقي المشكلة برُمــَّتها على من سيتولى الحكم بعده، و ذات الموقف اتخذته الحكومة الإنجليزية في أزمة رفع الرسوم الدراسية. لتكن قراراتنا بناء على تقدير سليم وواقعى للمواقف، وليس بناء على رأى الشارع - الثائر دائمًا وأبدًا - والذى تحركه رغبات عارمة للتحدى والعنف والتصعيد، وتقوده فرق ذات توجهات معروفة. حافظوا على شعرة معاوية مع الدولة العبرية، فالداخل مهلهل، و البيت فى حاجة الى ترتيب، ولا وقت لصراعات خارجية، يكفي الداخل شره.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :