اللقاء التاريخى الذى جرى بين ناصر والسادات ومبارك بعد ثورة 25 يناير
بقلم :صبحى فواد
فجأة فتح باب الحجرة التى يقيم فيها الرئيس السابق حسنى مبارك حاليا بالمستشفى التابع للقوات المسلحة على طريق القاهرة الاسماعلية ..واذا به يجد امامه كلا من الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وانور السادات .
كانت المفاجئة قوية فانتفض من فراشة وقام رغم مرضه وعدم قدرته على الحركة لكى يحيهما ويرحب بهما .
صافح مبارك جمال عبد الناصر بتحفظ شديد ثم ارتمى فى حضن السادات وراح يبكى بدموع غزيرة لعدة دقائق ولم يوقفه عن البكاء سوى كلمات السادات له عندما قال : متبكيش يامبارك .. خليك قوى وما تضعفش ..محنة وها تعدى .. احنا حاسين بيك وعارفين الوضع اللى انت فيه صعب على اى انسان يحتمله ..بس يامبارك متزعلش منى انت اللى وضعت نفسك فيه .
قاطع جمال عبد الناصر السادات وقال موجها كلامه الى مبارك :
يامبارك اللى حصلك ده انت اللى عملته بايدك ..ياراجل بعد تلاتين سنه فى الحكم كنت بتخطط عشان تسيب الحكم لابنك جمال .. بالذمه ده كلام .. كان ها ييجرى ايه لو كنت اكتفيت بعشر سنين ولا حتى خمستاشر سنه وخرجت معزز مكرم وسبت الشعب يختار اللى عاوز يختاره .
دخل السادات فى الخط وقال لجمال عبد الناصر :
بذمتك ياجمال لو مكنتش مت مقهورا من هزيمتك فى عام 1976 كنت برضه ها تسيب الحكم لحد تانى ..ده انت ياراجل يا طيب مخلتش واحد عليه القيمه يمسك اى منصب فى البلد ..مكنش على ايامك فيه حاجة اسمها معارضة ..مكنتش بتسمح لواحد يفتح بقه ..كان اللى يفتح بقه بتوديه دوغرى ورا الشمس .. ده انت لو مكنتش مت كنت اكيد ها تعمل زى مبارك ..واكيد كنت ها تغير الدستور وتخلى نفسك رئيس مدى الحياة .
قاطعه جمال غاضبا ومحتجا : انا اللى كنت ناوى اعمل كده برضه يا انور ربنا يسامحك ..وانت اللى كنت راجل ملاك وناوى تسيب الحكم لواحد غيرك وترجع لميت ابو الكوم ..عشان كده كنت بتبنى ليك قصور واستراحات فى كل مكان لك على ارض مصر .
قال مبارك بصوت منكسرا حزينا :
صدقونى مكنتش انا السبب .. انا كان نفسى اسيب الحكم من زمان واقضى بقية حياتى فى شرم الشيخ بس زن سوزان على دماغى .. وكذب زكريا عزمى وغيره وغيره اللى كانوا بيضحكوا على ويقوللى الشعب عايزك ومتمسك بيك ياريس ..الشعب بيحبك ياريس .. مصر من غيرك ها تخرب وتنهار وها يجوع شعبها ياريس ..مش عارف ازاى استسلمت لسوزان وصدقت كلام واحد كداب زى عزمى زكريا وغيره من اللى وثقت فيهم .
قال السادات موجها كلامه الى مبارك : ودلوقت ناوى تعمل ايه ..ها نخرج ازاى من المأزق الخطير اللى انت حطيت نفسك فية انت وولادك ؟
رد مبارك قائلا : مش عارف .. مش عارف .. كان عندى ثقه فى الجيش ها يقف جنبى ويحمينى انا وولادى ولكن عنان وطنطاوى غدروا بى وعملوا انقلاب وخدوا الحكم منى بعد ما امريكا عطت ليهم الضوء الاخضر.. مش كده وبس بدل ما انا اللى المفروض احاكمهم هما دلوقت اللى بيحكمونى ..قال ايه عشان انا اللى عطيت اوامر بقتل الولاد اللى كانوا بيتظاهروا ضدى فى ميدان التحرير يوم 25 يناير ..
سأل جمال عبد الناصر مبارك قائلا : تفتكر مين اللى عطى الاوامر بضرب النار .
مبارك : اكيد الزفت العادلى ..عملها قبل كده بدل المرة عشرات المرات
جمال : ولما عملها قبل كده سكت عليه ليه ..ليه ما عزلتوهوش من منصبه وحاكمته ؟
مبارك : مكنتش عارف انه كداب ..كنت با اصدقه ..كنت حاسس انه خايف على وبيحمينى .
جمال : يحميك من منين يامبارك ؟
مبارك : من اعدائى فى الداخل والخارج
جمال : اعداءك فى الداخل زى مين ؟
الجماعات الاسلامية المتطرفة ..والاخوان المسلمين
جمال : مش هما دول اللى صنعتهم انت والسادات ..السادات بعد ما حطيتهم فى السجون جه وطلعهم عشان يخوف بيهم الشعب ..وجيت انت بعده سبتهم يعملوا اللى عايزينه عشان تخوف بيهم الامريكان والاوروبين .
قاطع السادات جمال قائلا : يا جمال اللى حصل حصل .. الكلام عن الماضى مش ها يجيب ننتيجة ..احنا مش جايين عشان نقلب المواجع على مبارك .. احنا جايين عشان نعرف ونفهم منه الحقيقه ونشوف ازاى نقدر نخرجه من الورطة الى حط نفسه فيها ..متنساش يا جمال احنا كمان مسئولين عن اللى بيحصل لمبارك فلو مكنتش انا عينته نائب لى بعد حرب 1973 .. ولو مكنتش انت اخترته سنة 1969 رئيسا لاركان القوات الجوية ..مكنش بقى رئيس جمهورية .. ومكنش لقى نفسى النهارده فى الوضع الصعب اللى هو فيه دلوقت .
جمال : تقترح ايه يا انور
السادات : انا شايف انه يعتذر رسميا للشعب المصرى ويطلب منهم الصفح والغفران نظرا لتقدمه فى السن وظروفه الصحيه المتدهورة مقابل تنازله عن كل املاكه وارصدته المالية جوه مصر وفى بنوك الخارج لاسر شهداء الثورة والمؤسسات الخيرية .
جمال : طب لو الشعب رفض واصر على محاكمته وادانته واعدامه ؟
السادات : مش عارف اقولك ايه والله يا جمال ..مبارك فى موقف صعب بس انا شايف الشعب يبقى غبى لو مقبلش الاعتذار وتنازل مباركعن ثرواته لاسر الشهداء والفقراء ..لان مبارك بيقوا الدكاتره انه مش ها يكمل لحد اخر السنه ويحصلنا فوق .
جمال : بالمناسبة يا مبارك بيقولوا عندك 70 الف مليون دولار ..الكلام ده صح يا مبارك ؟
مبارك ضاحكا : 70 الف مليون دولار حتى واحده .. ولما عندى الفوس ده كلها ياترى ها اخبيها ولا ها اشيلها فين ..عندهم حساباتى فى البنوك المصرية ..وعطيتهم كل المعلومات اللى طلبوها منى عن ارصدتى وحساباتى فى البنوك الاجنبية ليه لحد دلوقت مش عارفين يوصلوها .. انا مش ها اكدب عليكم واقولكم معنديش فلوش ..عندى بس مش بالبلايين زى ما الناس جو وبره مصر بيقولوا ..كل اللى عندى يمكن يكون مائة او مائتين مليون او اكتر من كده شوية .
جمال : وعلاء وجمال عندهم كام ؟
مبارك : انا مش مسئول الا عن نفسى ..روحوا اسألوهم
جمال : كنا بنسمع ان علاء وجمال كانوا بيدخلوا شركاء من غير راس مال مع اى حد عاوز يعمل مشروع استثمارى جوه مصر ..ازاى كنت بتسمح ليهم بالتهريج ده .. ازاى سكت عليهم رغم ان واحد اسمه وجيه اباظة اشتكى ليك من ابنك جمال فرديت عليه وقلت له " اعتبره زى ولادك " ؟
مبارك بغضب : الكل فى مصر كان بياخد ..اشمعنى لحد ما تيجى عند ولادى يبقى حرام .. ولادى لو معملوش زى بقيه الشعب مش ها يعرفوا يعيشوا .
جمال محتدا : لو كنت قدوة صالحة طيبة مكنش ده حصل .. ومكنش شعبك سمى السرقة والرشوة " اكراميات" .. ومكنش ده بقى حال مصر
قاطع انور السادات الحوار الغاضب بين مبارك وجمال عبد الناصر وقال موجها كلامه لمبارك :
قولى يا مبارك انت شايف البلد رايحه على فين .. طنطاوى وعنان واخدين مصر ورايحين فين :
مبارك بصوت حزين : مصر رايحه فى ستين داهية .. طنطاوى الظاهر عليه انه اتفق مع الاخوان يخليهم يمسكوا الحكم مقابل انهم ميجوش ناحيته ولا ناحية الجيش من قريب او بعيد .. والظاهر ان الامريكان عاوزين كده ومعندهمش مانع ان الاخوان يمسكوا البلد ويخربوها ويجوع شعبها وبالتالى يكون من السهل تمزيقها زى السودان والعراق ولبنان وافغانستان وكل الدول التانيه اللى انتم عارفينها بالاسم علشان خاطر جمال عيون اسرائيل .
قال جمال عبد الناصر بلهجة شديدة الغضب : كل اللى عملناه يامبارك هديته وضيعته ..كل تعبنا وشقانا وتضحياتنا راحت هدرت بسببك وبسبب مراتك واولادك وشلة الصيع والفاسدين اللى كانوا حواليك .
السادات مقاطعا : يا جمال مفيش داعى للكلام ده ..احنا مش جايين نعتبه ..احنا جايين عشان نساعده ونشوف ازاى نخرجة من محنته ...الراجل عنده ما يكفيه .. انت شايف ازاى نخرج مبارك من المازق اللى هو حط نفسه فيه
جمال : مفيش حل غير انه يهرب بعيد عن مصر او يهد المعبد فوق رؤوس الجميع ويفضح كل اللى بيحاكموه دلوقت عشان الشعب يعرف حقيقتهم ..او نتقدم بالتماس عاجل الى مجلس الملائكة عشان يوافقوا لمجلس الشياطين على اخذ روحه ويبعدوه عن الارض ووجع دماغها وبكده يكون ريح الكل واستريح هو كمان من البهدله والاهانات.
مبارك قائلا وهو يبكى بالدموع : بس انا مش عاوز اموت دلوقت ..عاوز اعيش لحد ما اثبت للمصريين برأتى ..انا مش عاوز اموت قبل ما ولادى يطلعوا من السجن ويرجعوا بيوتهم .. انا مش عاوز اموت لحد ما اشوف طنطاوى وعنان يتبهدلوا زى ما بهدلونى ..انا مش عاوز اموت من فضلكم دلوقت قبل ما اخد راى سوزان ..
قال السادات لمبارك : ما تقلقش يا مبارك ..احنا ها نكلمهم فوق ونترك امرك بين ايديهم عشان يتصرفوا بمعرفتهم .. وربنا يبجيب اللى فيه الخير ليك ولاولادك ومصر .
وقال جمال معاتبا مبارك : تعرف يا مبارك لو انت كنت اخذت موعظة من اللى حصل لى انا وانور او اللى حصل لصدام حسين والراجل بتاع رومانيا والتانى بتاع يوغوسلافيا مكنتش حطيت نفسك فى هذا الوضع السخيف ..كان امامك مواعظ ودروس كتيره ولكنك غمضت عينك وقفلت ودانك ولما فتحت عينك وودانك مكنتش بتطيق تشوف حد تانى غير نفسك وبتسمع صوت الا صوتك .. والعجيب والغريب انهم كانوا بيوصفوك بالحكيم وللاسف صدقتهم وصدقت نفسك ..ولو كنت بجد حكيم كنت على الاقل سمعت بنصيحة واحد مصرى مهاجر فى استراليا اسمه على ما اذكر صبحى فؤاد ..كتب بدل المره عشرة يقولك كفايه عليك كده وسيب الحكم لحد تانى وتعالى هاجر لاستراليا واتمتع ببقيه حياتك ..ولكن ها اقولك ايه وانت عنيد اكتر من الصعايده ..دماغك زى الحجر رغم انك من الارياف .
فتح باب الحجرة ودخلت سوزان مبارك ومعها باقة جميلة من الزهور العاطرة وطبق كبير مملوء بكعك العيد بمناسبة حلول عيد الفطر ..واذا بها تفاجىء بوجود ناصر والسادات فى الحجرة فقالت متهكمة وهى تنظر اليهما نظرة غير مريحة :
اكيد جيين مخصوص مش عشان تسالوا والا تعيدوا عليه ولكن عشان تنصحوه ميسبش الحكم لابنه جمال .. مش كده برضه ؟
ضحك السادات ضحكته العالية المعهودة التى عرف بها ولم يتوقف عن الضحك الا عندما سحبه بقوة جمال عبد الناصر من يده واتجه ناحية الباب خارجا بعد ان صافح مبارك وتمنى له الشفاء والتوفيق فى اثبات برأته من التهم المنسوبة اليه .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :